تجربة اليمن الفريدة في التزكية وإشراك المعينين في اختيار مرشحي الرئاسة

> «الأيام» د. محمد علي السقاف:

>
د. محمد علي السقاف
د. محمد علي السقاف
في الأنظمة البرلمانية لا تستحوذ عملية اختيار رئيس الجمهورية بسبب محدودية اختصاصاته نفس الأهمية التي توليها الدول ذات الأنظمة الرئاسية والانظمة المختلطة,فأهمية الوظيفة الرئاسية في النظام الرئاسي مثل النموذج الأمريكي وفي النظام المختلط الذي يجمع بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني وفق النموذج (الفرنسي - اليمني) يجعل ممن يحتل منصب الرئاسة يتمتع بصلاحيات وسلطات واسعة وفق نصوص الدستور، يتجاوزها البعض من الرؤساء في الممارسة العملية إلى حد الاستحواذ على صلاحيات واختصاصات بقية المؤسسات الدستورية بغرض إحكام قبضته على جميع مفاصل السلطة ومؤسسات الدولة.

لهذا السبب تهتم الأحزاب والقوى السياسية بشكل غير مسبوق بحدث الانتخابات الرئاسية بشكل يفوق اهتمامها ببقية الاستحقاقات الانتخابية كانتخابات السلطة المحلية التي يتزامن موعدها هذه المرة مع الانتخابات الرئاسية في سبتمبر المقبل. ولعل المشرع اليمني لقانون السلطة المحلية يساهم بدور التهميش للانتخابات الهامة للسلطة المحلية، حين ربط مواعيد استحقاقاتها إما بإجراء استفتاء شعبي عام (كما حدث في عام 2001) وإما بموعد الانتخابات النيابية، أو الرئاسية وكأن الانتخابات المحلية بذاتها لا تستحق تخصيص يوم اقتراع خاص بها، في الوقت الذي يطلب فيه من الناخب القيام في اليوم نفسه بالإدلاء بصوته مرة لاختيار ممثليه في المجلس المحلي على مستوى المحافظة ومرة أخرى لأختيار ممثليه على مستوى المديريات.

إن الأهمية الكبرى التي تحظى بها الانتخابات الرئاسية بسبب أهمية منصب رئيس الجمهورية في النظامين الرئاسي والمختلط حدت بالمشرع إلى وضع مجموعة من الضمانات والشروط التي تؤكد جدية الترشيح للرئاسة، وفي الوقت نفسه ضمان تقديم أكثر من مرشح إلى الشعب ليفاضل بينهم ويختار منهم بإرادته الحرة من هو أكثر تأهيلاً وقدرة لتبوؤ منصب الرئاسة من جهة، ومن جهة أخرى تحديد الجهة المخولة لاستلام وفحص طلبات الترشيح التي يتوفر فيها قدر من الحيادية والاستقلال. وفي هذا الاطار تنفرد التجربة اليمنية عن بقية دول العالم في حصر عمليتي استلام وفحص طلبات الترشيح، وتزكية المرشحين في جهة واحدة (مجلسي النواب والشورى) من جانب، ومن جانب آخر إشراك المعينين مع المنتخبين في استلام وفحص طلبات الترشيح وفي تزكية المرشحين.

أولاً: الجهة المخولة لاستلام وفحص طلبات الترشيح

تتفاوت النظم القانونية في عدد من الدول في الجهة المخولة لاستلام وفحص طلبات الترشيح والتي تختلف جميعها عما هو مطبق في التجربة اليمنية.

1) التجارب العربية والأجنبية

تجربة الجزائر ومصر: في حالة الجزائر فإن الجهة التي تستقبل وتفحص طلبات الترشيح لرئاسة الجمهورية هي المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية) وفق النموذج الفرنسي، حيث تقتصر مهام المجلس الدستوري على مدى استيفاء المرشح للرئاسة لشروط الترشيح ومنها حصوله على العدد المطلوب من التأييد من تواقيع المواطنين للترشيح للرئاسة. ففي الانتخابات الاخيرة للرئاسة في ابريل 2004 قبل المجلس الدستوري 6مرشحين وأقصى 3 مرشحين منهم د. أحمد طالب الابراهيمي وزير الخارجية السابق.

في الحالة المصرية أجري التعديل الدستوري للمادة (76) التي تم الاستفتاء الشعبي عليها في 25 مايو 2005 لتشكيل لجنة الانتخابات الرئاسية التي حددت المادة (5) من قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية رقم (147) لسنة 2005 تكوينها برئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضوية كل من: رئيس محكمة استئناف القاهرة، أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، أقدم نواب رئيس محكمة النقض، أقدم نواب رئيس مجلس الدولة، خمسة من الشخصيات العامة المشهود لها بالحياد، يختار ثلاثة منهم مجلس الشعب ويختار الآخرين مجلس الشورى بناء على اقتراح مكتب كل من المجلسين، وتختص هذه اللجنة في إعلان فتح باب الترشيح والإشراف على إجراءاته وإعلان القائمة النهائية للمرشحين، والإشراف العام على إجراءات الاقترع والفرز، وإعلان نتيجة الانتخابات والفصل في كافة التظلمات والطعون وفي جميع المسائل المتعلقة باختصاصها بما في ذلك تنازع الاختصاص، ويتبين من تشكيل المشرع لهذه اللجنة وتحديد اختصاصها أنها في الأصل لجنة قضائية دستورية . إذن وفق النموذج الجزائري جهة الاختصاص المجلس الدستوري، وفي التجربة المصرية أوكلت المهمة لاستلام الطلبات وفحصها إلى لجنة قضائية دستورية ذات طبيعة خاصة استثنائية.

في تجربة تونس يختلف الوضع عن الحالتين الجزائرية والمصرية، فوفق الفصل (40) من الدستور التونسي والمادة (66) من قانون الانتخابات لسنة 1988 تقدم طلبات الترشيح لانتخاب رئيس الجمهورية إلى لجنة تتألف من رئيس مجلس النواب رئيساً وأربعة أعضاء هم: رئيس المجلس الدستوري، ومفتي الجمهورية والرئيس الأول للمحكمة الإدارية، والرئيس الأول لمحكمة التعقيب.

وتبت اللجنة في صحة الترشيح، وتعلن عن نتيجة الترشيح، وتنظر في الطعون المقدمة إليها في هذا الصدد.

بالنسبة للتجارب الأجنبية لنقتصر على تقديم التجربة الفرنسية وحدها كما هو منصوص عليها في الدستور الفرنسي لعام 1958 للجمهورية الخامسة فطبقا للمادة (58) من الدستور أنيط بالمجلس الدستوري الفرنسي مهام الإشراف العام على الانتخابات الرئاسية من تلقي طلبات تقديم المرشحين وفقاً للنموذج الذي يحدده المجلس الدستوري والتحقق من توافق شروطه وموافقة المرشحين ووضع قائمة المرشحين ونشرها في الجريدة الرسمية، مع نشر أسماء وصفات المواطنين الذين قدموا أي مرشح تضمنته قائمة المرشحين، وتسلم حسابات الحملة الانتخابية، وتعيين مفوضين لمتابعة سير العملية الانتخابية التي تراقبها اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات. وتتمثل الوظيفة القضائية في الفصل في الطعون الموجهة ضد قائمة المرشحين، والطعون المقدمة في صحة عمليات الانتخاب، وإعلان نتائج التصويت والفصل نهائياً في حسابات الحملة الانتخابية...إلخ ذلك.

2) تجربة اليمن الفريدة فيما يخص جهة استلام وفحص طلبات الترشيح

اجراءات تقديم طلبات الترشيح للرئاسة تنحصر في جميع مراحلها حتى مرحلة التزكية في إطار مجلس النواب المنتخب وحده قبل التعديلات الدستورية لعام2001م، لتصبح بعد التعديلات الدستورية من مهام مجلس النواب المنتخب ومجلس الشورى المعين، ولا دور للجنة العليا للانتخابات في هذه المرحلة إلا ابتداءً لما بعد مرحلة التزكية حين تتولى هيئة رئاسة مجلس النواب بموافاتها بأسماء المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية الذين حصلوا على نسبة التزكية المطلوبة، تبدأ اللجنة العليا بعدها في الاعداد والتحضير لإجراء الانتخابات، في حين في الانتخابات النيابية وانتخابات المجالس المحلية، اللجنة العليا نفسها هي التي تستقبل طلبات الترشيح والتأكد من استيفاء المرشحين لشروط الترشح لعضوية مجلس النواب ولعضوية المجالس المحلية.

جهة استلام طلبات الترشيح رئيس المجلس أم هيئة رئاسية المجلس؟

أوضحنا في تصريح لصحيفة «الأيام» بتاريخ 5/7/2006 م أن الفقرة (أ) من المادة (108) من الدستور نصت صراحة بأن تقدم الترشيحات إلى رئيس مجلس النواب حصراً وليس إلى غيره. وقد خالف وجهة النظر هذه الأخوان جعفر باصالح أحد نواب رئيس مجلس النواب وعبدالله غانم، رئيس الدائرة السياسية في الحزب الحاكم ووزير الشؤون القانونية السابق في تصريحيهما لصحيفة «النهار» بتاريخ 6/7/2006م حيث اعتبر الأول أن ذلك التصريح مرفوض حيث تعتبر هيئة رئاسة المجلس بموجب الدستور رئاسة جماعية، وأن طلبات الترشيح توجه أو تعنون باسم رئيس مجلس النواب لكن ليس من الضرورة حضوره شخصياً لاستلامها. ومن جانبه أكد الشيء نفسه الأخ عبدالله غانم، مضيفاً أن المناصب بحكم الدستور ليست شخصية وإنما وظائف دستورية. ودون الدخول في جدل عقيم حول هذه النقطة نشير فقط الى أن الكاتب في تصريحه لم يشخصن الوظيفة وإنما أشار إلى الوظيفة أولاً واسم الشخص الذي يحتلها ثانياً وبغيابه يخلق ذلك مأزقا دستوريا ومن جهة أخرى يلاحظ كاتب هذه السطور أن الفقرة (ب) من المادة (107) من دستور 1994 نصت على أن «تقدم الترشيحات إلى مجلس النواب» ولم تذكر رئيس المجلس فلماذا إذن تم تعديل ذلك في دستور 2001 بأن تقدم الترشيحات إلى رئيس مجلس النواب؟ وهناك فارق كبير بين تعبير تقدم إلى رئيس المجلس وما قاله الزميلان توجه أو تعنون باسم رئيس المجلس وكأن رئيس المجلس هو مجرد عنوان بريدي!! مع العلم أن الفقرة (د) من المادة (63) من قانون الانتخابات رقم (13) لسنة 2001 أكدت أن «تقدم طلبات الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية إلى رئيس مجلس النواب.. ويقدم طالب الترشيح طلبه بنفسه...» وليس بأن يكتفى في طلبات الترشيح بأن توجه أو تعنون باسم رئيس مجلس النواب، هذا تفسير خارج عن النص الدستوري وقانون الانتخابات، والأمر الأخير إذا كان صحيحاً أن هيئة رئاسة مجلس النواب تعتبر بموجب الدستور رئاسة جماعية لماذا إذن وفق الدستور نفسه ميز انتخاب رئيس للمجلس وثلاثة نواب للرئيس (المادة 71) ولم يكتف بالقول بانتخاب هيئة رئاسة المجلس، ولماذا خص رئيس مجلس النواب بإمكانية دعوته إلى انعقاد جلسات سرية للمجلس (المادة 73) في حين الدعوة لانعقاد دورات غير عادية جعلها من اختصاص هيئة رئاسة المجلس؟ (المادة 74). ولعل الأخطر ما يمكن أن يثير جدلاً في وقت عصيب في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية ونائب الرئيس معاً يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً وفق (المادة 116) من الدستور رئاسة مجلس النواب هل المقصود بها رئيس المجلس أم هيئة رئاسة المجلس؟ وإذا كان المقصود بها الهيئة لماذا لم تحدد المادة بهيئة رئاسة المجلس؟ أعتقد أنه من الافضل في أي تعديل دستوري قادم تحديد ذلك (رئيس المجلس أو أحد نوابه)، كما تنص اللائحة الداخلية للجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب) كما أعتقد!

عودة إلى موضوع المقارنة سيلاحظ أنه في الحالة المصرية، والجزائرية، والفرنسية هيئة قضائية هي التي تتولى استلام طلبات الترشيحات وفحصها، وفي الحالة التونسية هيئة شبه قضائية باستثناء وجود مفتي الجمهورية بجانب القضاة الثلاثة، ودور الهيئات في مصر، الجزائر، فرنسا، وتونس يقتصر على فحص مدى استيفاء المرشحين لشروط الترشيح وليس لهم أي دور في تزكية المرشحين بعكس دور مجلسي النواب والشورى في التجربة اليمنية.

ثانياً: شروط قبول الترشيح لرئاسة الجمهورية

كما رأينا أعلاه أظهرت التجارب العربية والعالمية وجود جهة قضائية أو شبه قضائية تمثلت مهامها باستلام وفحص الترشيح للتأكد من مدى استيفاء طالبي الترشيح للشروط الدستورية والقانونية دون مساهمة اعضاء الهيئة المكلفة بتلك المهمة بأي دور في إعطاء التأييد أو (تزكية) المرشحين، في حين أنه في إطار التجربة اليمنية تنفرد التجربة بأن الجهة المخولة باستلام وفحص طلبات الترشيح ليست جهة قضائية أو شبه قضائية، أو تنحصر مهمتها مثل التجارب العربية والعالمية في استلام وفحص الطلبات فقط بل دورها يتجاوز ذلك إلى قيام الجهة نفسها أيضاً بدور التزكية وبالتالي القيام بدور هام في تحديد عدد المرشحين الذين سيعرضون على الشعب المفاضلة بينهم في انتخاب رئيس الجمهورية، وما يزيد الطين بلة في التجربة اليمنية هو في مشاركة المعنينن في مجلس الشورى من قبل رئيس الجمهورية في تزكية المرشحين للانتخابات الرئاسية.

1) التجارب العربية والأجنبية

تفاوتت النظم القانونية في شروط قبول الترشيح لرئاسة الجمهورية بين نظم قانونية تشترط حصول المرشح للترشيح على تأييد عدد معين من تواقيع المواطنين من غير المنتخبين ونظم قانونية أخرى تشترط تأييد الترشيح بواسطة عدد من المنتخبين.

(أ) التأييد بواسطة عدد من المواطنين من غير المنتخبين.

الجزائر: تشترط حصول المرشح للترشيح للرئاسة على تأييد من قبل 75 ألف توقيع لمواطنين من عدد معين من ولايات الجزائر، تسلم إلى المجلس الدستوري (المحكمة الدستورية).

البرتغال: نص دستور عام 1976في الفقرة (1) من المادة (127) بأن تقدم الترشيحات من عدد لا يقل عن 7500 ناخب وبحد أقصى 15000 ناخب وقضت الفقرة (2) من نفس المادة بأن تقدم الترشيحات إلى المحكمة الدستورية.

(ب) التأييد بواسطة عدد من المنتخبين سواء على المستوى القومي (أعضاء البرلمان بمجلسيه) أو على المستوى المحلي (أعضاء المجالس المحلية)

مصر: قبل تعديل المادة (76) من الدستور المصري في مايو 2005، كان النظام السائد يقوم على ترشيح مجلس الشعب رئيس الجمهورية، ثم يعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم فيه. بعد تعديل المادة (76) من الدستور باستفتاء شعبي في 25 مايو 2005م وموافقة الشعب عليها، صدر قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية رقم 174 لسنة 2005، حددا الشروط الجديدة وغيرا بالكامل شروط الترشيح، واستبدل نظام الاستفتاء بالاقتراع السري العام المباشر لانتخاب رئيس الجمهورية فقد قضت المادة (2) من القانون المشار إليه بأنه «يلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المرشح مائتان وخمسون عضواً على الأقل من الاعضاء المنتخبين لمجلس الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات...» والجدير بملاحظته هنا تأكيد المادة أن يكون تأييد الـ250 عضواً للمرشح أن يكونوا من الأعضاء المنتخبين حصراً حيث كما هو معلوم أن مجلس الشورى المصري يتكون من (264) عضواً ينتخب ثلثا أعضاء المجلس بالاقتراع المباشر السري العام ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي. وعليه استبعد التعديل الدستوري والقانون الجديد إمكانية إشراك الأعضاء المعينين من رئيس الجمهورية في توفير النصاب المطلوب لمرشحي الرئاسة خلافاً لما هو مطبق لدينا في اليمن بإشراك جميع الأعضاء المعينين من رئيس الجمهورية في توفير نسبة التزكية المطلوبة! إضافة إلى ذلك توسيع دائرة المنتخبين لتشمل بجانب الاعضاء المنتخبين في البرلمان بمجلسيه، أعضاء المجالس الشعبية المحلية للمحافظات الذين لم يشملهم نظام التزكية اليمني!

تونس: اشترطت المادة (66) من قانون الانتخابات لسنة 1988بأنه «لا يقبل أي ترشح إلا إذا وقع تقديمه بصفة فردية أو جماعية من طرف ثلاثون مواطناً على أقل تقدير من بين أعضاء مجلس النواب أو من رؤساء مجالس بلدية».

فرنسا: في بداية الجمهورية الخامسة نص دستور 1958 على انتخاب رئيس الجمهورية بواسطة مجمع انتخابي يتكون من أعضاء البرلمان ومنتخبين على المستوى المحلي، وعدل الدستور في عام 1962 ليكون انتخاب رئيس الجمهورية بواسطة الاقتراع العام المباشر من الشعب وفق إرادة الجنرال ديجول لعدم اخضاع رئيس الجمهورية لسلطة الاحزاب السياسية. في البداية اشترط القانون أن يكون المرشح مؤيداً من عدد 100 من المنتخبين ثم عدل هذا العدد إلى 500 مواطن من الأعضاء المنتخبين في البرلمان ومجالس الاقاليم.. والاعضاء المنتخبين بالمجلس الأعلى للفرنسيين في الخارج.. وأعضاء البرلمان الأوربي المنتخبين في فرنسا.

ايرلندا: دستور 1937، نصت الفقرة 4 من المادة (12) من الدستور بأن يتم ترشيح رئيس الجمهورية إما من قبل 20 عضواً في أحد مجلسي البرلمان وإما من قبل 4 مجالس وحدات إدارية بما فيهم مجالس البلديات.

الولايات المتحدة الأمريكية: نظراً للتفاصيل الكثيرة التي تحيط بالانتخابات الرئاسية الامريكية نشير فقط الى أن الناخب الأمريكي لا يشارك فقط في انتخاب رئيس الجمهورية بل يساهم أيضاً في اختيار المرشحين للرئاسة حيث تجرى التصفيات في داخل كل حزب أولاً (ديمقراطي/جمهوري) وتأخذ هذه التصفيات شكل انتخابات أولية على مستوى كل من الولايات الخمسين التي تتكون منها امريكا وذلك للمفاضلة بين الطامحين في الترشح عن كل حزب أو لاختيار مفوضين ينوبون عن أعضاء كل حزب لاختيار مرشح الحزب في المؤتمر العام للحزب الذي يسبق الانتخابات النهائية، وفي نوفمبر يختار الناخبون في 50 ولاية وواشنطن العاصمة 538 ممثلاً في المجمع الانتخابي، وفي 13 ديسمبر يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي في عواصم ولاياتهم للتصويت لاختيار الرئيس ونائبه...إلخ

2) التجربة اليمنية المغايرة والفريدة!!

ما يلاحظ على التجربة اليمنية من شروط قبول الترشيح لأعضاء مجلس الرئاسة إلى قبول الترشيح لرئاسة الجمهورية، في حصرها للعملية برمتها في إطار مجلس النواب في مرحلة أولى، إلى إشراك مجلس الشورى مع مجلس النواب في تحديد والتحكم في عدد المرشحين الذين سيقدمون إلى الشعب ليفاضل بينهم ويختار من بينهم رئيس الجمهورية.

في انتخاب أعضاء مجلس الرئاسة (أكتوبر 1993)- عدد المرشحين 5 = المنتخبين 5 وفق عدد أعضاء مجلس الرئاسة كما ينص عليه دستور الوحدة (المادة 82) وتقضي المادة (83) بأن يتم الترشيح من قبل ربع عدد مجلس النواب ويعتبر فائزاً المرشح الذي يحصل على أصوات ثلثي أعضاء المجلس، وإذا لم يتم فيكون بالأغلبية المطلقة في الدورة الثانية.

في انتخاب رئيس الجمهورية في عام 1994 أجري تعديل دستوري حدد مدة الولاية بدورتين كل دورة بخمس سنوات ،وأقرت المادة (158) انتخاب الرئيس للمرة الأولى عقب اقرار التعديل الدستوري من قبل مجلس النواب ويكون الترشيح من قبل ربع عدد أعضاء مجلس النواب ويعتبر فائزاً من يحوز على أغلبية أعضاء مجلس النواب(وهنا ألغى التعديل موضوع الدورتين المشار إليهما أعلاه، وقد تقدم للترشيح مرشح واحد وهو الرئيس صالح).

في انتخاب رئيس الجمهورية في عام 1999 .. اقتراع مباشر من قبل الشعب- عدد طلبات الترشيح = 30 طلباً، وأصبح عدد طالبي الترشيح المعتمدين 24 شخصاً، لعدم توفر الشروط في 3 أشخاص وانسحاب 3 آخرين. واللافت جداً للنظر هنا أن هيئة رئاسة مجلس النواب رفضت طلب ترشيح السيدة القديرة ثريا منقوش بحجة أن النص الدستوري اشترط بأن لا يكون المرشح «متزوجاً من أجنبية» مما فسر بأنه يقصر الترشيح للرئاسة على الرجال دون النساء، ومن حسن الحظ أن هيئتي رئاسة مجلسي النواب والشورى قبلتا وأقرتا ترشيح امرأتين لانتخابات الرئاسة لعام 2006، مما يعكس تأكيد مبدأ حق المرأة في المساواة بالرجل مع أن النص الدستوري هو هو في عام 1999 و 2006م المهم تأكيد هذا التطور الإيجابي في مرحلة التزكية في عام 1999 . وفي جلسة التزكية لمجلس النواب لم يحصل عشرون من طالبي الترشيح على التزكية بينما حصل أربعة من طالبي الترشيح على التزكية توفر لاثنين منهم شرط الـ 10% المنصوص عليها في الدستور.

في انتخابات الرئاسة لعام 2006 .. وفق التعديل الدستوري لعام 2001، لم تعد هيئة مجلس النواب هي التي تقوم بفحص الترشيحات حيث أصبحت تتم في اجتماع مشترك لهيئتي رئاسة مجلسي النواب والشورى، وخفضت نسبة التزكية المطلوبة من 10% من أعضاء مجلس النواب إلى 5% من مجموع عدد الأعضاء الحاضرين (وليس من عدد أعضاء المجلسين). بلغ عدد طالبي الترشيح في هذه السنة 64 شخصاً، أقرت هيئتا رئاسة مجلسي النواب والشورى قبول خمسين متقدماً بقي منهم 49 متقدماً بعد انسحاب واحد من المقبولة أسماؤهم ويعتقد البعض أن التزكية سيحظى بها بين 4-5 أشخاص. بالمقارنة بالتجارب العربية والعالمية التي تناولناها ينطوي النظام اليمني على عناصر اختلاف عن بقية التجارب نوجزها فيما يلي:

1- في النظام اليمني جهة واحدة تقوم بعملية استلام طلبات الترشيح، وفحص الطلبات، ثم التصويت بالتزكية وبالتالي بالإمكان التحديد المسبق لمسار العملية كلها من البداية وحتى النهاية، خاصة في ظل سيطرة حزب حاكم أو ائتلاف حاكم على أغلبية أعضاء المجلسين (النواب والشورى). في الحالتين العربية والاجنبية جهة استلام طلبات الترشيح وفحصها ينحصر دورها في فحص الطلبات والتأكد من استيفائها للشروط دون أي دور لها في التأثير في حصول المرشحين على العدد المطلوب من التأييد.

2- تقييد طالبي الترشيح في النظام اليمني على تزكية أعضاء مجلسي النواب والشورى، في حين في التجارب الأخرى تشمل أعضاء المجالس والهيئات الأخرى المنتخبة. والاختلاف الآخر في اليمن تجرى عملية تصويت في مرحلة التزكية تقرر نتائجها في أغلب الاحوال خارج جلسة التزكية، في التجارب الأخرى أمام طالب الترشيح عدة اسابيع للحصول على التواقيع المطلوبة وليس من خلال جلسة تصويت ، التي يمكن من خلالها تحديد عدد المرشحين للتنافس على الرئاسة، بينما في الأنظمة الأخرى يصعب معرفة عدد المرشحين مسبقاً بسبب توسيع دائرة المنتخبين الذين يحق لهم إعطاء تواقيعهم للترشح.

والعنصر المهم والأخير أن اليمن هي الدولة الوحيدة ربما على المستوى العالمي تقوم بإشراك المعينين في العملية برمتها مما يعطي ميزة لا جدال فيها للجهة التي عينتهم والحزب الذي ينتمي إليه رئيس الجمهورية مما يفسد مبدأ المساواة والتنافس بين المرشحين لرئاسة الجمهورية. التقدم نحو الديمقراطية الحقيقية يتطلب تعديل الشروط برمتها مستقبلاً. فهل يتم ذلك؟ الإجابة ستكون بيد الرئيس المقبل الفائز في الانتخابات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى