«الأيام» في وادي منوب .. مشاريع المغتربين والتجار والحكومة والاتحاد الأوروبي أظهرت الحياة في الوادي

> «الأيام» محمد حسين الحداد :

>
طلاب مدرسة عمر بن العاص في اخر ايام اختبارات المرحلة الاساسية
طلاب مدرسة عمر بن العاص في اخر ايام اختبارات المرحلة الاساسية
قد يكون اسم (منوب) مأخوذ من كلمة نوب وتعني نحل العسل بحسب الرواة، ووادي منوب أحد أهم الأودية بحضرموت وتغذي الوادي إلى جانب أودية هينن، وادي العين، عمد ودوعن وتصل مياهها إلى وادي المسيلة.

وتحمل السيول الوافدة من الأودية الطمي الذي يكسب الأرض خصوبة فوق خصوبتها، مما جعل الزراعة وتربية النحل أهم أنشطة السكان. ويضم وادي منوب عدة قرى أهمها (الفضاة، الخرابة، البلاد، جحلان، الشكيلين، الروضة، الحصن، العقيدة، الصفقة، الغبرة، الدخيلة، لجراف، الدليك، زكرية، قصيبة، الظاهرة، والغثمة) ويصل عدد السكان إلى نحو 7000 نسمة، ومنوب هي الثغر الشرقي للكسر (نسبة إلى قبيلة قشاقش من بني يزيد بن معاوية الكندي التي كانت تسكن قرية قشاقش وبها مقار ملوكهم) ومنطقة الكسر كانت مسرحاً لكثير من الحروب والمعارك لمرور الجيوش الغازية لوادي حضرموت. والوادي مليء بأشجار السمر والسلم وأشجار السدر والنخيل وفيه كثير من المزارع وتتميز عدد من الأودية بحضرموت بوجود عيون الماء في الصخر الجيري في الأماكن الظليلة، حيث يرتادها الإبل وقطعان الماعز في فصل الصيف، كما توجد قرون الوعول حول شرفاته ويبدو أن الوعل كان حيواناً له قدسية وأن صيد الوعول مازال يحتفل به حتى الآن بإقامة الولائم والرقصات وتغطي رسومه الصخور أكثر من أي حيوان آخر وتشاهد في نقوش عصر ما قبل الإسلام (كما ذكرت فريا ستارك) وأضافت السقاية أو صهريج الماء (قام أهل الكرم والفضل ببناء هذه السقايات في وادي حضرموت عامة) لتقدم الماء للمارة وتملأ يومياً بالماء وتساعد القبة التي تعلوها الاحتفاظ بالماء بارداً.

والوادي يشكل حالة أفضل من غيره من أودية حضرموت من حيث مساهمات الإخوة التجار والمغتربين والحكومة بإقامة المشاريع إلى جانب مشروع الاتحاد الأوروبي لحماية القرى من مياه السيول.

«الأيام» في وادي منوب
وكانت بداية انطلاق الرحلة من القطن والدخول إلى الوادي من الجهة الغربية بعد أن قطعنا مسافة 15 كيلومترا عبر طريق ترابي- ردميات - ومررنا بقرية المدهر وفي الطريق قابلتنا أشجار السمر، السلم المنتشرة ومجموعة أشجار السدر (العلب) وهذه الأشجار معروف ارتباطها بإنتاج أجود أنواع العسل والمراعي، فقد ساعدت الإنسان اليمني أراضيه الخصبة الكثيرة الأمطار على الاستثمار الزراعي في الوديان العديدة والسهول المنبسطة بين الجبال، وتحفظ بالتوارث قواعد الزراعة ومواعيدها ومواسم الأمطار، كما أن النحال يمتلك مهارات فردية اكتسبها عبر العصور الماضية ووصفت اليمن بأنها موطن الطيوب والعسل. ودخلنا أول قرية في الوادي (الفضاة) وهي أكبر تجمع سكاني وبها مدرسة خاصة للبنات وبجوارها مبنى حديث (مركز صحي) قام ببنائهما رجل أعمال مغترب بتنزانيا من المنطقة، ووصلنا مدرسة عمرو بن العاص فكان في استقبالنا الأخ مدير المدرسة وأحد العاملين والمعلمين وبعد السلام والتحية قلت لهم: إن المدرسة قديمة وهذا يؤشر على أن التعليم في المنطقة كذلك. بعدها تحدث الأخ عادل علي بن نجار مدير المدرسة قائلاً:

إن بداية التعليم في المنطقة منذ عام 1960م في بيت المواطن فرج بن عبود بلفقيه (رحمه الله)، وبعدها قام رجل الخير الشيخ سالم مبارك باثواب - طيب الله ثراه- ببناء مدرسة مكونة من 7 فصول وسميت بمدرسة الخرابة الابتدائية، وفي السبعينات غير اسمها إلى مدرسة الشهيد عمر البخيت وبعد الوحدة المباركة حملت اسم الصحابي الجليل عمرو بن العاص - رضي الله عنه - وتم عمل ترميمات لها مرتين، الأولى عام2000م والثانية بداية العام الجاري على نفقة رجل الأعمال الشيخ صالح بن سالم باثواب، وحالياً تشمل 9 فصول دراسية ومكتب المدير والمعلمين، وعدد الطلاب 247 والإناث 31 تلميذة يواصلن تعليمهن حتى الصف الخامس نتيجة للاختلاط ويستفاد من مبنى اللجان الفلاحية المجاور (فصلين ومستودعين للأثاث والكتب) ولا توجد معلمات بالمدرسة وعدد المعلمين 14 معلماً بالاضافة الى وكيل وأمين مخزن..وبلغت نسبة النجاح هذا العام 2005-2006م (85%) بينما العام الماضي (82%).

و بالإضافة إلى ترميم المدرسة فقد قام الشيخ صالح باثواب بتوفير جهاز كمبيوتر مع الطابعة وآلة تصوير وبناء حمامين إضافيين وكذلك رعايته الكريمة لحفل التكريم لأوائل الطلاب والطالبات في المدرسة.. ومن على منبر «الأيام» اسمحوا لنا بتقديم خالص الشكر والعرفان له ولكل من ساهم في مد يد العون والمساعدة كما سبق وأن قدمنا له رسالتي شكر من قبلنا والسلطة المحلية وإدارة التربية والتعليم بمديرية القطن».

منوهاً بأن الأهالي يشجعون تعليم الفتاة بعد تهيئة وتوفر الظروف من خلال بناء عدة صفوف خاص بهن وتوفير معلمات.. وهناك مدرسة خاصة بالبنات في قرية الفضاة وهي مدرسة السيدة عائشة وبها 81 طالبة، إضافة إلى مدرستين وهما العباس بالشكيلين تم افتتاحها عام 2004م وتحوي 9 فصول مع ملحقاتها وسور وبها 70 طالبا و58 طالبة من صفوف 1-4، ومدرسة القادسية بالروضة ويوجد فيها 35 طالباً و35 طالبة من صفوف 3-5 (عدد الطلاب الذكور 352- 205 إناث بإجمالي 557 طالبا وطالبة). وبنيت مدرسة العباس على نفقة مشروع الأشغال العامة بكلفة نحو 18 مليون ريال .. ونناشد من خلالكم السلطة المحلية ومكتب الصحة والسكان بالمديرية بإعادة فتح الوحدة الصحية (المغلقة) المقابلة للمدرسة التي تم إغلاقها قبل عام لأهميتها في خدمة السكان والطلاب.

بقايا أضرحة وبيوت قديمة
وفي قرية البلاد شاهدنا أطلالا وبقايا بيوت قديمة على تلة الجبل وأمامها مقبرة القرية تتوسطها قبتان وبها أضرحة أولياء ومصلحين اجتماعيين سكنوا في المنطقة، إلا أن عوامل الطبيعة تركت آثاراً عليها وهي بحاجة لمن يقوم بترميمها كمعلم تاريخي.

مشروع الاتحاد الأوروبي
وأثناء مرورنا داخل الوادي، أشار مرافقي إلى مشروع يتم تنفيذه للحماية من السيول ويقوم بتقسيم مياه السيول إلى شرقي وغربي الوادي وهو مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي .ونفذ من قبل مشروع وادي حضرموت الزراعي ومنظمة ترانقل الإنسانية.

السرين.. مستودعات أم سكن؟
في قرية جحلان شاهدت لأول مرة - السرين- وهي حفر منظمة في الأرض بشكل مستودعات بمسافات مختلفة تغطي جدرانها الحجارة المرصوصة ومغطاة بجذوع أشجار السدر وبها أرفف في الجدران لحفظ الأواني ربما استخدمت كسكن -كما يشير الأهالي- أثناء فترة النزاع والحروب القبلية، واليوم تستخدم كمستودعات لحفظ الأعلاف، وتوجد أيضاً في قرية الروضة عدد منها وفي أماكن متقاربة بدأت الرمال تغطيها ولا يظهر منها إلا البوابة الرئيسية ولها فتحات تهوية من الأعلى.

وحدة صحية لـ 692 نسمة
دخلنا إلى الوحدة الصحية المجاورة لمدرسة القادسية بالروضة، وهي عبارة عن مبنى من ثلاث غرف شيدت من قبل المواطنين بمبادرات جماهيرية، وقال لنا الأخ فرج يسلم بن كليب، مساعد صحي إنه تم تشغيلها عام 2002م وتقدم خدمات علاجية لـ 692 من سكان قرى (الروضة، الدليك، الحصن، جحلان والغبرة) وتطعيم الأطفال وعددهم حالياً 20 طفلا أقل من عام و139 امرأة في سن الإنجاب، ويرتادها يومياً 7-9 مرضى بمعدل 120 مريضا كل شهر.

موضحاً أنه بدأت منذ الشهر الماضي خدمة الرعاية التكاملية للطفل المريض وهي خدمة (معلومات عن الطفل من عام إلى 5 أعوام تصرف له علاجات مجانية: مضادات حيوية ومسكنات للحرارة)، وأكد أن الوحدة الصحية بحاجة إلى إقامة سور للحفاظ عليها وتوفير ممرضة لتطعيم النساء.

مناضل.. كادر.. وهموم
المواطن مبارك سالمين باطهيف أحد مناضلي حرب التحرير وأحد المبعوثين إلى ألمانيا الشرقية (سابقاً) عام 81م في دورة لمدة عام في الجانب الزراعي من قبل (اتحاد الفلاحين) يقول: «في المنطقة تم بناء مدرستين ووحدتين صحيتين من قبل المواطنين وكذا بمـبادرات جـمـاهـيـرية طوعية قبل الوحدة». وأشار إلى أن مبنى اتحاد الفلاحين بالخرابة يتم استخدامه من قبل إدارة التربية والتعليم، وأنه ساهم والأخ صالح سليم بن كليب بالمتابعة بإدخال مشاريع المياه والكهرباء للمنطقة عام 85م ويطالب بسرعة إنجاز الطريق الذي بدأ العمل فيه ولم يستكمل، ونقل مناشدته وآخرين من مناضلي حرب التحرير بزيادة إعاناتهم الشهرية، حيث يستلمون أقل من ألف ريال، إلى جانب إدراج 5 أشخاص من المناضلين بالمنطقة في كشوفات المستحقين للإعانات وتسليم أراضي المناضلين التي صرفت في مخطط الدواجن بالمكلا بعد أن دفعوا رسوم التركين قبل سنوات وإعفائهم من دفع رسوم الأراضي بتوجيهات رئاسية. مشيراً إلى توجيهات الأخ محافظ حضرموت عبدالقادر هلال إلى مصلحة العقار بسرعة الصرف، وكذا توجيهاته للجهات المختصة بسفلتة مخطط الدواجن، إلا أن سنوات مرت ولم تنفذ هذه التوجيهات، بالإضافة الى أنه بدون وظيفة أو عمل.

تفعيل قوانين المرور.. وعادات تنقرض
المواطن سالم سليمان الشبيبي (60عاماً): ملاحظة هامة عن سيارات القات وسرعتها الجنونية وهي تسير خارج النظام وكأنه ليس هناك من يسأل عنها أو يوقفها. وتساءل: لماذا رجال المرور لا
يطبقون القانون تجاهها؟ وهل ستظل تعبث بأرواح الناس والمواشي دون حسيب أو رقيب.. وأشكركم في «الأيام» وقد طالعت خبرا قبل أيام عن دهس طفل ووفاته هنا في القطن وهي حالات تكررت، وكذلك دهس الجمال (الإبل) وهذا ناتج عن السرعة الجنونية، وأناشد وزير الداخلية ومدير عام المرور بتطبيق قوانين المرور والحد من السرعة الجنونية وتوجيهاتهم لأفراد المرور بضبط المستهترين بحياة البشر والمواشي. وأضاف: إن هناك عادات وموروثاً شعبياً بالمنطقة كالقناصة، إلا أنه في السنوات الأخيرة لوحظ قلة صيد الوعول نتيجة للصيد غير المنظم وكثرة مرور السيارات الكبيرة في الهضاب وأماكن تواجدها، ومنطقتنا (منوب) اشتهرت في المديرية بعادة الزف (القناصة) وهي من العادات والموروث الشعبي القديم في حضرموت لصيد الوعول من الجبال والهضاب، ولا تزال تقام في عدد من المناطق، وهي تنظيم خاص تحكمه عادات متعارف عليها ولها احتفالات تتضمن زوامل ومشهدا تمثيليا يحدد عدد القنيص ومكان إصابة الصيد، وتختتم بتنافس الشعراء في الشعر، إلا أنه في السنوات الثلاث الأخيرة لم تقم هذه العادة للأسباب أعلاه. كما أن هناك عادات كانت تمارس بالمنطقة في وقتنا منها زيارة العريسين لقبر السيد أبوبكر علي الحامد ويوم العيد نؤدي تحية السلام وقراءة الفاتحة على القبر - الضريح - والنساء يأخذن حبات من التراب لوضعها على رأس الأطفال.

متطلبات المنطقة
الشيخ صالح عامر بن كليب (70 سنة): نطالب بزيادة المشاريع الحكومية وتنفيذ واستكمال الطريق وتوفير طبيب عام للمركز الصحي والدفع بتشجيع تعليم الفتاة من خلال توفير معلمات واعتماد بناء خزان كبير لمشروع المياه واستبدال شبكة الأنابيب القديمة وتغيير مولدات الكهرباء بطاقة أكبر.. وقد أقام الاخوة المغتربون عدة مشاريع في المنطقة ونشكرهم والسلطة المحلية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى