الموسم والاستحقاق

> محمد سالم قطن:

>
محمد سالم قطن
محمد سالم قطن
المواسم في الدنيا كثيرة، منها مواسم للخير وأخرى للشر، تماماً مثل ما قيل (يومٌ لك ويومٌ عليك) و(يومٌ لا لك ولا عليك). وقد عرفنا المواسم التجارية والمواسم الدينية وأيضاً مواسم الحصاد، ومن شهر تقريباً بدأ في بلادنا موسم جديد هو موسم الانتخابات، وقد تفنن بعضهم بإطلاق مصطلح الاستحقاق ويقصدون به الاستحقاق الانتخابي بمعنى طلب الحق. ففي العربية يستخدمون الألف والسين والتاء كبادئة (prefix) لتفيد طلب الشيء فنقول استدلال بمعنى طلب الدليل واستعمار بمعنى طلب العمران، وقد تفيد هذه البادئة أشياء أخرى كما هو موضح في كتب اللغة.

نعود إلى موضوعنا فنقول إن هذه المواسم تعد، بغض النظر عما تؤول إليه، من أحسن ثمرات (الديمقراطية)، إذا صح التعبير. ففي موسم الانتخابات تبتسم الدولة كثيراً بعد طول عبوس، وما أدراك ما ابتسامة الدولة وحسن وقعها وتأثيرها لدى الشعب، ترى الوزراء والأعيان والمحافظين والمدراء والخفراء يخرجون إلى الناس بعد طول انقطاع. تتوالى على الناس الدعوات لحضور اللقاءات والولائم والجلسات بمعية كبار المسؤولين. إنه موسم يتمنى الكثيرون ألا ينقطع، ففيه تجاب الطلبات وتنساب الوعود معسولة على الأفواه، وتختلط الأمور علينا نحن السدّج والمغفلين فلا نميز طالبي الود وطالبي اليد وطالبي الأصوات. ليت هذا الموسم يتواصل ويستمر، حتى من دون انتخابات، لكي تتحسن العلاقة بين الحاكمين والمحكومين وتتوطد معرفة الأولين بحاجات الآخرين ومعاناتهم. الموسم جميل ايضا لأنه يكشف للأحزاب هشاشة بعض أعضائها ومنتسبيها وأنهم غير قادرين على المنافسة، فتجتهد لاستقطاب عناصر من خارجها.

وهو جميل أيضاً، لأنه يتيح للدولة أن تبصر فعائل بعض منتسبيها لتصححها ولو في الوقت بدل الضائع، وهو جميل كذلك، لأنه يساعد على امتصاص نقمة الناخبين على بعض من انتخبوهم في المواسم الماضية، فلم يغنوا عنهم شيئاً في دفع المساوئ أو جلب المنافع.

وعلى طريقة من اعتاد أن يكتب لمحبيه في بطاقات المعايدة عبارة: جعل الله أيامكم أعياداً، نختتم قولنا في تحية هذا الموسم بأن ندعوه تعالى أن يطيل أيام هذا الموسم ويهله علينا بالخير وقد شهدنا بعض بركاته بهطول الأمطار وتدفق السيول وسريان تيار الكهرباء دون انقطاع وإعادة المنقطعين إلى أعمالهم وإنجاز ما لم ينجز في سنوات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى