قيل لهم انتشروا.. فانتشروا

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
يمكن للمواطن الغلبان الذي ذاق جميع أصناف العذاب والحرمان، والذي عانى من الغلاء، وعاشر سوء الخدمات العامة الضرورية كالماء والكهرباء، أن يشاهد في هذه الحقبة الانتخابية القصيرة، جميع وزراء حكومة باجمال بالعين المجردة، وأمام باب منزله! وسيكتشف هذا المواطن أن من كان يشاهدهم عبر شاشات التلفاز في مكاتبهم الوثيرة وفي اجتماعاتهم الكثيرة، إنما هم أناس بسطاء متواضعون!! وطيبون بأكثر مما يتصور!! كيف لا وهم يجوبون حالياً الجبال والسهول والقرى والوديان والصحاري القفار، من أجل راحة الموطن وتفقد احتياجاته وتلمس معاناته وتقديم الحلول السحرية لها في غمضة عين وارتدادة نفس، وليفتتحوا (فجأة) آلاف المشاريع (الكبيرة)!! في مختلف المديريات والقرى والعزل.

سيكتشف المواطن البسيط أن الوزراء ومدراء العموم وأمناء المجالس المحلية، الذين كانت تفصلهم عنه أميال كثيرة وحراسات غفيرة، قد باتوا أقرب إليه من حبل الوريد، وسيلاحظ منذ اللحظة الأولى أن هؤلاء جميعاًَ، قد تخلوا (فجأة) عن ربطات العنق، والبذلات (الباريسية) وأنهم في حالة استعداد تام لتطبيق معاني (كاريكاتير) صديقي العزيز أحمد يحيى بالغوص في عمق المجاري (لتسليكها) بدلاً عن عمال مؤسساتهم المترهلة.. فربما استطاعوا استخراج (بطاقة ناخب) لصالحهم من بين الأوحال أو من بين قطرات عرق المساكين ومعاناة المحرومين منهم!

في هذه المرحلة الانتخابية الساخنة، تتصارع (مصالح الفساد الكبير) وتتزاحم على أبواب الفقراء والمعدمين، كما تفعل دائماً في كل موسم انتخابي.. تطرق الأبواب المهترئة بلطف مستغرب.. تنشد الود وتتشح باللطف وتلبس أقنعة الابتسامات (المؤقتة)، حتى ليبدو المشهد بشكله الجماعي أقرب ما يكون إلى صفة (الحفلة التنكرية) الكبيرة والواسعة، التي تصبح فيها سلوكيات الوزير مشابهة تماماً لسلوكيات الغفير والتي يصعب فيها التعرف على سعادة الوزير من فرط التودد والتقرب والتلطف.. وفي هذه المرحلة (الاستثنائية) أيضاً، يحل التواضع والسكينة والرضى محل الغطرسة والعنجهية والتكبر والصلف، وتفتح المكاتب المغلقة والملفات المغلقة.. وأما المطالب المستحيلة فيمكنها في لحظات أن تتحول إلى مطالب ممكنة وسهلة.. وكل هذا من أجل الحصول على بطاقات الناخبين الباهظة الثمن!!

قبل أسابيع قليلة.. ثم صرف (56) مليون ريال يمني لما يقارب من (520) موظفاً وعاملاً في مؤسسة إنتاجية واحدة فقط في مدينة عدن، كانوا قد ذاقوا الأمرين بعد أن تحولوا إلى شريحة فقيرة لمدة (17) شهراً كاملاً، حرموا خلالها من رواتبهم المستحقة!! وهي فترة طويلة ومريرة جداً بحسابات الفقر والعوز التي لا يعلمها بطبيعة الحال سعادة الوزير.. ولا أعتقد أنه كان يعني أو يهم سعادته، كيف كان يعيش هؤلاء وأسرهم وكيف كانوا يتدبرون أحوال معيشتهم، قبل أن تخبره حسابات اللحظة الانتخابية قيمة هؤلاء المعدمين، لينتفض فجأة ضميره الإنساني، ويتكرم و(يشخط بجرة قلم) قرار صرف مستحقاتهم التي ما كانت لتلامس أيديهم، لولا فضل هذه الانتخابات (الانتهازية) الساخنة!

في هذه المرحلة يمكن لفانوس المواطن محسن صالح لغلق، في شبوة أن يتحول إلى مولد كهربائي كبير، يضيء محافظة شبوة كلها فيما لو اصطف إلى جانبه ومعه (أكثر من فانوس) في المحافظة، وفيما لو تم رص جميع بطاقات الاقتراع أمام (فوانيسهم) الصدئة في ليل شبوة البهيم، في عملية مقايضة صرفة، ما بينها وبين مولدات كهربائية جديدة يتم جلبها وتركيبها من مداخيل شبوة ذاتها. كما يمكن أيضاً للسائق هزاع الحارثي (وقلابه) الممنوع من العمل في مشروع غاز محافظته ببلحاف ومعه (40 قلابا) آخر لمواطنين آخرين من أبناء شبوة، أن يدخلوا مشروع محافظتهم العملاق من البوابة الواسعة فيما لو أدركوا دورهم الطبيعي في هذه الحفلة التنكرية الكبيرة! تماماً كما فعلت قوائم (الموت الوظيفي الشطري) الكبير في الضالع بشرطها (الحقاني) تجاه قضيتهم المعروفة لجميع الوزراء المنتشرين في أرجاء البلاد.. وتماماً كما ينوي أن يفعل أيضاً آلاف المتقاعدين العسكريين قهراً من أبناء الجنوب في محافظة عدن.

إلى هؤلاء جميعاً نقول: خذوا منهم ما سيمنحونكم إياه من أموال، وطالبوهم بما ينقصكم من مشاريع وخدمات كثيرة (انتهزوا هذه الفرصة) بالانتهازية التي يعلمونها.. وثقوا أن ما ستحصلون عليه إنما هو حقكم المشروع.. فلا يمنّ أحد منهم عليكم بشيء.. وفي يوم الاقتراع لن يكون أحد منهم إلى جواركم سوى ضمائركم.. وقراراتكم الحاسمة، فامنحوها لمن يستحق.

خاتمة مرتبطة بموضوع المرحلة:

هناك من هدد التربوي الأستاذ عمر السيد.. بـ (الأذى الكبير) فيما لو أصر على ترشحه في الانتخابات المحلية!! والرجل الذي تقدم لهذا الحق الدستوري(مستقلاً) لم يطلب دعماً مالياً من مؤسسة هذا (المدير العام) ولم يرجُ منه مؤازرة من أي نوع كان.. فلماذا إذاً يا أيها (الأستاذ التربوي الكبير) تلجأ إلى لغة التهديد والوعيد التي لا يجوز ولا يليق أن تنطلق من مؤسسات عسكرية ناهيك عن مؤسسات تنويرية.. نقول للذي يمكن أن يتحسس (البطحاء) فوق رأسه.. دع السيد ودع غيره.. وكن ديمقراطياً كما تدعي.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى