قصة قصيرة ضباب امرأة

> «الأيام» نجيب صديق:

> سرقتها الأيام، في داخلها رغبة جامحة لتركض إليه.. إنه هناك يغسل رجليه بمياه شاطئ البحر.. وهي في كهف مظلم يزيدها ظلاماً,عندما نظرت إلى نفسها في مرآتها المغبرة رأت وجهها مشوهاً من مساحيق الزيف .. ضبابياً حد التجعد.

لامست شعرها بيديها المتعبتين.. هذا الشعر الأصفر الذي تختبئ في ثناياه أمور غامضة، أفكار قديمة.. ومخادعة.. أشياء لا أحد يعرفها، تغطيه بألف خدعة وخدعة..

لا تنام حتى تستيقظ على حلم رهيب، تلفح نفسها باللهب، تخرج إلى الهواء، تطلب من كل من يحيط بها!! تقول لنفسها حتى الشمس لا تحبني.. تتوسل للسماء أن تغطيها بوشاح لكنها لا تجد في نفسها سوى الفشل!

قالت.. لن أجد أحداً يصل إلي ويرضى عني ويغفر لي سواه.

لمحت أمامها طفلاً صغيراً يحاول جاهداً أن يدوس ظله وهو في غاية السعادة.. فسرقت منه ابتسامة وتابعت طريقها نحو اللا شيء.

بعد أن تركها.. ظلت تتذكره.. كان دائماً يأخذها من ذراعها وهي التائهة الضائعة.. يحضنها بين ذراعيه كطفلة صغيرة تاهت عن أهلها .. يناديها بأعلى صوته ويقول لها: أحب أن أرى اسمك يطير بين مدن الحب.. ويعود مع الطيور المهاجرة، شرح لها كثيراً عن الأشياء التي يحب رسمها.

كان حبها له يخيفه.. يقرأ في عيونها المرعبة المكبوتة الكامنة للغدر خيوطاً ممزقة وعواطف زائفة.. يقول لها أرى في عينيك ضباباً، عيناك زائغتان كسماء مضطربة، ماذا تخفين عني؟؟

أحبها بعنف، فدمرت ذلك الحب، ومن أجلها ضيع كل شيء لكنها في لحظة الفجور أحرقت قطار العمر.. وأشعلت النيران في كل العربات.. ونزلت هاربة وتائهة.. تبحث عن ظل رجل آخر.. تعبث به..

مشت وحيدة تتكئ على ظلها، تضرب بيدها في كل الاتجاهات.. تعتقد أن كل ما يحيط بها عنوان لمرسى آخر..

خصلات شعرها الأصفر تتساقط.. وقلبها خرج من صدرها وصوتها صار بعيداً.. وعيناها غابتا في ضباب النسيان واسمها اختفى من الذكريات..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى