مثقفون عراقيون يحتجون على منع التجول الجمعة بإحراق كتب في شارع المتنبي

> بغداد «الأيام» خليل جليل :

> اضرم ادباء ومثقفون عراقيون أمس الأول الجمعة النار في كتب علمية وادبية في شارع المتنبي التاريخي الشهير بمكتباته في قلب بغداد احتجاجا على فرض حظر التجول في هذا اليوم الذي يشهد فيه الشارع "بورصة ثقافية". واطلق المحتجون عبارة "حرائق المتنبي" على تجمعهم الاحتجاجي مطالبين الحكومة العراقية والمسؤولين برفع حظر التجول المفروض على العاصمة كل يوم جمعة والذي تسبب في شل الحياة الثقافية التي كان يشهدها الشارع في يوم العطلة الاسبوعية. وقال نعيم الشطري صاحب اقدم مكتبة في هذا الشارع لوكالة فرانس برس "من حق المثقفين العراقيين ان يطالبوا برفع الحظر في هذا اليوم لان الحياة الثقافية تموت ويصبح المكان شارعا للاشباح وليس للثقافة وملتقى المثقفين". واضاف الشطري احد مؤسسي "جمعة المتنبي" ان هذا الشارع هو "الغذاء الفكري لكل مثقف عراقي وعربي والرافد الوحيد لهذه الشريحة المهمة لكن حظر التجوال هذا (...) حرم العديد من العراقيين من الحضور الى الشارع في هذا اليوم". والشطري (65 عاما) صاحب مكتبة تحمل اسمه فتحت في 1958 في شارع المتنبي واصبحت احدى اشهر المكتبات في الشارع مع المكتبة العلمية ومكتبتي عدنان ومحمد رضا القاموسي.

وكان هذا الشارع الذي يعود الى اواخر العصر العباسي، يعرف اولا باسم "درب زاخا" وقد اشتهر منذ ذلك الحين بازدهار مكتباته واحتضن اعرق المؤسسات الثقافية منها مدرسة الامير سعادة الرسائلي ورباط ارجوان (تكية دينية). وقد اطلق عليه اسم المتنبي في 1932 في عهد الملك فيصل الاول تيمنا بشاعر الحكمة والشجاعة ابو الطيب المتنبي. وكان يعرف ايضا باسم "شارع الاكمك خانة" اي المخبز العسكري. وكان من اشهر رواد هذا الشارع المستشرقان الفرنسيان لوي ماسينيون (1883-1962) وجاك بيرك (1910-1995) والاديب المصري زكي مبارك (1891-1952) الذي كان يسكن في 1938 في منطقة الحيدرخانة القريبة من الشارع والشاعر السوداني محمد الفيتوري. ومن الشعراء العراقيين الذين كانوا من رواد شارع المتنبي، محمد مهدي الجواهري (1899-1997) وبدر شاكر السياب (1926-1964) وعبد الوهاب البياتي (1926-1999)... وقبل 15 عاما وفي ظل الحظر الدولي الذي فرض على العراق وافقر اهله، تحول هذا الشارع الى "بورصة ثقافية" تنظم كل جمعة وتعرض خلالها اشهر الكتب والمصادر وتنتعش فيه مكتبات الرصيف الذي يفترش اصحابها جنبات الشارع طوال ساعات النهار. والى صفته "الاقتصادية" هذه، يشكل شارع المتبني ملتقى العديد من الادباء والمثقفين العراقيين من باقي المحافظات الذين يزورونه كل يوم جمعة ويلتقون زملاءهم في بغداد. لكن حظر التجول منعهم من ذلك. وقال الناقد السينمائي كاظم رشيد سلوم لوكالة فرانس برس ان "شارع المتنبي هو المكان الوحيد لملتقى اسبوعي جميل لجميع المثقفين والادباء العراقيين من مسرحيين وفنانين تشكيليين وقصاصين لكن حظر التجوال الجمعة يحرم هؤلاء من تلك الملتقيات".

من جهته، قال الاديب العراقي سعدون هليل ان "حظر التجول في هذا اليوم ادى الى تحويل المتنبي الى شارع اشباح لا يرى فيه سوى الخراب الشامل (...) لقد اصبح يوم الجمعة يوما حزينا وبائسا لكل العراقيين وخاصة المثقفين".

وعبر سلوم (48 عاما) الذي يعمل كاتب سيناريو وفي النقد السينمائي عن امله في ان "يرفع اصحاب القرار السياسي الحظر الذي قتل الطقوس الاسبوعية لهذا الشارع وحرم العائلات العراقية ايضا من عملية البحث عن المصادر العلمية والكتب الادبية وتزود طلبة الجامعات بالمعارف الفنية والادبية المختلفة".

كما عبر الشطري عن امله في ان "تعيد السلطات والجهات الحكومية النظر في امر حظر التجوال في يوم الجمعة لتعود الحياة مجددا الى هذا الشارع". وكانت فكرة المزادات الادبية ولدت في العراق في الاربعينات من القرن الماضي ونظمت للمرة الاولى في مدينة النجف (160 كلم جنوب البلاد). وقد خصص لها يوم الجمعة من كل اسبوع.

وفي هذه المزادات كان اصحاب المكتبات ينجحون في شراء كتب ثمينة بأسعار زهيدة، في حين كانوا يتمكنون من الترويج لكتب اخرى اقل اهمية لبيعها بأسعار مرتفعة قبل ان ينتبه رواد هذه المزادات الى تلك الخدع. وفرضت الحكومة العراقية منذ اكثر من اربعة اشهر حظر التجول الجمعة لمدة اربع ساعات من الساعة 00،11 الى الساعة 00،15 بالتوقيت المحلي (00،7 الى 00،11 تغ) وهي ساعات كانت تبلغ الحركة فيها ذروتها في شارع المتنبي.

وجاء قرار الحكومة لتجنب اعمال العنف الطائفية التي تستهدف المساجد الا انه ادى الى تجميد نشاط شارع المتنبي وغيره من الاسواق العراقية المعروفة بحركتها الجمعة، مثل سوق الغزل الذي تعرض فيه مختلف انواع الطيور والحيوانات.

وهناك ايضا سوق الشورجة وساحة التحرير التي تعطلت فيها الحياة وحرم فيها المواطنون من ارزاقهم التي تأتي من مبيعاتهم في يوم الجمعة فقط. ا.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى