المفتاح الضائع

> علي سالم اليزيدي:

>
فاروق لقمان
فاروق لقمان
قيل إن شاباً فرنسياً عثر أثناء سيره على مفتاح مثل كل المفاتيح، حدث ذلك في بلدة فرنسية خلال الحرب الثانية وتصاعد المقاومة الفرنسية حينها، والتقط الشاب المفتاح الضائع ولكنه فكر وأحس بعلاقة تربطه بهذا المفتاح الذي التقطه، أوحى له الأمر أن سراً وحكاية خلف هذا الموضوع على قدر كبير من الأهمية، هناك رسالة يحملها هذا المفتاح وليس عبثاً أن يرمى على قارعة الطريق، حسب حسبته كما حكى لي صديق وأخفاه، وقال في ذاته: هذا المفتاح ابن هذه المنطقة وأين الباب الذي يولج فيه؟ وعزم وبحث وتحقق لأيام فجراً وليلاً وتحقق الهدف، أخيراً عثر الشاب المثابر بمسئولية وطنية على الباب المعني، ودهش لحظتئذ من أن ما توقعه رسالة وسراً هو واقع، إذ دخل منزلاً غادره المقاومون على عجل وبه أوراق ومطبعة تطبع المنشورات الوطنية ضد الاحتلال الألماني، وكأنما ساقه القدر إلى الإمساك بالمفتاح ومواصلة المهمة.

نحن أمام تطورات ديمقراطية على قدر كبير داخل الوطن وخارجه، ولدينا في هذا الوقت بالذات رسالة بالغة القيمة ولها هدف لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال وضع المفتاح الضائع في المكان المناسب له، وكما ذكر كاتب سبقني نرى تسارعاً في الصراع السلمي وحرب الكلام والمواجهات ودون أن نفطن إلى أن هناك مفتاحاً لا بد من الحصول عليه ومطابقته لأبواب قلوبنا وعقولنا، مَن مِن هؤلاء تفرس حوله ووضع يده على المفتاح الضائع؟ هناك رسالة خلف الباب تركها لنا رجال قبلنا ذهبوا وتركوا مفتاحاً كان صريره يسمع، كل الحركة الوطنية اليمنية صنعت هذا المفتاح وأنشأت أفكارها ما بين المدن اليمنية وكذا أحزابها وصحفها وجاهدت من أجل الثورة والاستقلال والحرية والديمقراطية، ومن ثنايا هذه الحركة المتصلة ببعضها إلى يوم وحدة الوطن قالوا إننا بحجم الوطن نلتقي وبحجم الجراح ايضاً نبني السلام والتعايش التعددي، وهذا لم يأت صدفة وخلفته التمنيات، بل جاء بإرادتنا وبتضحيات لا تهون.

ما أثار إعجابنا في خطاب المواجهات هو التحسن رويداً رويداً في لهجة المرشحين والانتقال بمسئولية إلى طرح قضايا داخلية تهم حياة الناس.. سقطت كل الألفاظ وتبدلت الكلمات، وسر ما يخفيه المفتاح الضائع أخذ يظهر شيئاً فشيئاً في حديث المرشحين، ناهيك عما يقوله ويؤكد عليه فخامة الرئيس، لقد أظهرت الخطابات الرفض للخطاب القديم والبحث عن القراءة المعقولة للواقع والتطلعات، وعدم تغييب دور الحركة الوطنية اليمنية وأهداف الثورة اليمنية والنظام الجمهوري، إذ علق أحد من الجمهور حينما استمع إلى خطاب أحد المرشحين: وكأنما نحن نقيم نظاماً قد انسلخ من أهداف الوطن وأضعنا مفتاحه.

المفتاح الضائع مازال بين الأصابع! وله علاقة بالوطن اليمني أولاً وأخيراً، وأستذكر ما قاله الرئيس: نحن لسنا جمهورية ملكية. وإن تندر بها البعض للسخرية، وقد لا يحتاج الأمر إلى كثير من الاستشارات والتداولات، بكل بساطة المفتاح الضائع لمن يعثر عليه هو مفتاح لباب واحد اسمه الجمهورية اليمنية، التي قامت على قاعدة ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر ونوايا صدقت لرجال مخلصين حققت وطنا أكبر ويكبر ومفتاحاً لم يعد ضائعاً إذًا وهو الديمقراطية ومن لم يفز اليوم فأمامه المستقبل بأكمله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى