نحو يمن أسعد بحلول 2020

> فاروق لقمان:

>
فاروق لقمان
فاروق لقمان
عندما قلت في مقال سابق في هذه الجريدة الزاهرة إن الرئيس علي عبدالله صالح أفضل من حكم الجمهورية اليمنية قبل الوحدة وبعدها كنت أعني ما أقول لأكثر من سبب، خصوصاً ونحن في خضم معركة انتخابية رئاسية ومحلية حامية الوطيس، وسأبدأ بها لإثبات ما أدعيه.

زار الجمهورية اليمنية وفد برلماني بريطاني برئاسة كيث فاز عضو هندي الأصل يمني المولد (عدن) لمتابعة هذا المهرجان الانتخابي النادر الوقوع في البلدان العربية والعالم الثالث عموماً، كذلك هناك لجنة دولية ذات مستوى عال لمراقبة شفافية الانتخابات ونزاهتها، وهؤلاء جميعاً مع لجان المراقبة الوطنية أولاً دليل على ثقة الرئيس القائد بنفسه وحزبه وشعبيته، ثانياً أنها نتاج تجربة ديمقراطية طويلة- ربع قرن- خاضها الرئيس وغذاها بنفسه منذ اليوم الأول شملت ملايين الرجال والنساء، وإذا كانت هناك هفوات أحياناً أو حوادث مأساوية فهي استثنائية وما صور النساء المحجبات والمنقبات وغيرهن الواقفات في طوابير التصويت إلا مظهر رائع من مظاهر العرس الديمقراطي اليمني الذي عهدناه خلال 28 عاماً، وليس من قبيل المصادفة أن تلك الأعوام الحافلة بالفرح والترح، بالإقبال الاقتصادي، وباستتباب الامن بعد القضاء على الاضطرابات والتمردات ثم بتحقيق الوحدة الشاملة بعد مئات السنين من التشرذم والاستعمار الأجنبي والاستبداد الإمامي تزامنت مع عهد الرئيس علي عبدالله صالح.

وبعد تحقيق الوحدة عام 1990 تصدى لمحاولة خطيرة للانفصال من الطرف الآخر عام 1994م فدحرها وأنقذ الوحدة بثمن باهظ كاد أن يقضي على العملة الوطنية التي تدهورت من ثمانية ريالات مقابل الدولار إلى 197 ريالاً حالياً وواجه ضائقة مالية خانقة وبطالة ما زالت تقصم ظهور نسبة عالية من السكان فاقمتها عادة استهلاك القات يومياً بدون طائل ولا مردود يستأهل الاعتبار للاقتصاد الوطني.

وبعد التصدي للانفصال كان الرئيس بحاجة ماسة إلى كل ما يتصوره عقل المواطن في الداخل والمراقب في الخارج، عبارة عن موسوعة في الاحتياجات الأساسية لرفع طائلة الفقر، ولفرض هيبة الجيش والأمن، لتحسين أداء الخدمة المدنية، لإصلاح علاقاته مع القبائل التي تمرد بعضها وبدأت في نسف المورد الوحيد للبلاد مرة كل أسبوعين تقريباً، للعفو عن الانفصالين والاستمرار في دفع رواتب الذين عادوه وحاربوه رحمة بأسرهم، لتوريد مقاعد وكراسي للمدارس التي رأيتها خالية على عروشها، وفي الوقت ذاته لترميم جسور التواصل مع الدول الشقيقة والمجاورة وإقناع الدول المانحة بأن اليمن أصبحت بخير وأنها ستكون قادرة على الاستفادة من المنح وتسديدها بعد ذلك وتقليص الفساد الإداري المستشري واستغلال النفوذ، واستبداد بعض المدنيين والعسكريين في عتمة الليل التي تلت النصر المؤزر لإنقاذ الوحدة. وهو أول المقدرين بأن النصر كان ثمرة جهود الشعب كله شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً مع قوات الشرعية وإيمانه بزعامته.

أكثر من ربع قرن مرت على قيادته لم تكن كلها أو أكثرها سمناً وعسلاً وسرراً من حرير وقصوراً شامخة، بل مشوار كفاح طويل ونضال مرير حقق فيه بتوفيق الله تعالى ما عجز معاصروه أو أكثرهم في العالم الثالث عن الوصول إليه.

والآن ماذا؟

قال منذ أيام إنه سيوجه اهتماماً خاصاً لمحاربة الفساد، وذلك بالطبع يتطلب إصلاح الخدمة المدنية والعسكرية ليس للقضاء عليه مائة في المائة لأن ذلك مستحيل لكن على الأقل لطمأنة الناس أنه معهم كما كان دائماً في السراء والضراء.

ولعله أيضاً يفكر حالياً في تشكيل لجنة عليا من الأساتذة للتخطيط لطفرة اقتصادية معقولة ترفع من مستويات المعيشة وتقفز بمعدل الدخل الفردي من ثمانمائة دولار بالسنة إلى الضعف بأقل نسبة ممكنة من التضخم حتى لا تضيع الفائدة في الإيجارات العالية التي ترتفع كل سنة، وفي أسعار المواد الغذائية والملابس.

أما القات واستهلاكه وأسعاره فلا أرى حلاً له في المستقبل المنظور ولا أعتقد أن حملة يمن بلا قات ستؤتي أُكُلها في العقود المقبلة. ولعل الأعوام القادمة من عمره المديد إن شاء الله ستشهد ثمرات الطفرة التي أتمناها، وقد عاصرت طفرات كبرى ومتوسطة من تايوان (التي ألفت عنها كتابين) منذ الستينات إلى كوريا الجنوبية وسنغافورة ثم تايلاند وأخيراً ماليزيا.

كل هذه لا تملك نفطاً بكميات تكفيها وحدها دع عنك تصديرها، وليس في جوف أرضها ذهب وألماس يكفي حتى لتزيين معاصم فتياتها، بل فيها عقول مدبرة كفؤة خبيرة نزيهة إلى حدود قصوى خططت ونفذت بشفافية وقفزت بشعوبها إلى مصاف الدول النامية بسرعة ثم إلى شبه المتقدمة وهي في سبيل الانضمام إلى الصناعية في العقدين القادمين.

ذلك ليس من المستحيلات مثل الغول والعنقاء والخل الوفي بل ثمار قيادة حكيمة قوية بدون قسوة، متسامحة بدون تخاذل، سلاحها التصميم الحديدي مع دوام الاستشارة والاستنجاد بالمواهب والعبقريات اليمنية الكامنة. وسيكون التوفيق إن شاء الله حليفه وحليفنا قبل وصولنا معاً إلى 2020 إن شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى