قصة قصيرة بعنوان (عمل خير لغير الله)

> «الأيام» عبدالإله سالم الضباعي:

> حان موعد الصلاة ولم يتبق إلا دقائق على قيامها، نهض سعيد من مكانه وارتدى معطفه يريد الذهاب إلى المسجد للحاق بصلاة الجماعة فهو عادة ما يحرص كل الحرص على أداء جميع الصلوات الخمس جماعة في المسجد ولا يفارقها أبداً لما فيها من الأجر والفضل العظيمين. والمعروف عن سعيد أنه رجل تقي، ورع، وفاضل، وعلى خلق يحب الخير للناس ويبادر إلى فعله ويحث الآخرين عليه.

همّ سعيد بالخروج من المنزل فاعترضته زوجته وطلبت منه عدم الخروج وقالت له: عليك أن تؤدي صلاتك هذا اليوم في المنزل فالسماء ممطرة والبرد شديد. قال لها: لقد خف المطر وليس هناك ما يمنع. قالت له: ولكن الأمطار الغزيرة التي هطلت قد حولت الشارع إلى بحيرة ولن تستطيع السير فيه وأخشى عليك من الشارع الترابي المؤدي إلى المسجد والذي تحول إلى وحل بفعل المياه وهو مليء بالحفر وقد تتعرض للخطر. فابتسم سعيد في وجه زوجته التي لم تفلح بإثنائه عن الخروج والذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة. وصل سعيد إلى الشارع وشمر عن ثوبه حتى لا يبتل أو يتعرض للاتساخ حيث كان منسوب المياه مرتفعاً في الشارع يصل إلى حد الركبة لعدم وجود مخارج أرضية للمياه ولانسداد المنافذ السطحية للشارع بسبب الحفريات والبناء العشوائي، ووجد سعيد صعوبة بالغة في السير وحاول أن يسرع حتى لا تفوته تكبيرة الإحرام وما أن وصل إلى الشارع الترابي حتى وقعت رجله في حفرة وسقط على إثرها متمرغاً بالوحل فحاول أن ينهض ساحباً رجله التي وقعت في الحفرة إلا أن رجله الأخرى غاصت بالوحل أثناء المحاولة وكلما يسحب رجلاً تغوص الأخرى. وبعد جهيد استطاع أن ينهض محاولاً السير بصعوبة وخطى ثقيلة حتى وصل إلى منتصف الشارع فسقط مرة أخرى وكانت أشد من سابقتها وعلى الرغم من أنه رجل كبير بالسن وجميع قواه قد أنهكت من شدة البرد ومما تعرض له من إصابات إلا أنه وبهمة وعزيمة فولاذية استطاع أن ينهض مرة أخرى مواصلاً السير، وفي هذه الأثناء كان على وشك أن يسقط للمرة الثالثة وفجأة شعر سعيد بأحد ينقذه ويأخذ بيده ويخرجه إلى اليابسة فشكره سعيد ودعا له بالخير وقال له: علينا الآن اللحاق بصلاة الجماعة وإنني أدعوك بعد الصلاة أن تذهب معي إلى المنزل لنتناول شيئاً وأقدم لك الشكر على صنيعك. فاعتذر الرجل من سعيد وقال له: لا أستطيع الدخول معك إلى المسجد ولا أرغب بأداء الصلاة. فتعجب سعيد من رد الرجل! وقال له: كيف لرجل مثلك يحب الخير وقام بمثل هذا العمل العظيم وعرض نفسه للخطر من أجل إنقاذي من الهلاك ولا يريد أن يؤدي الصلاة؟ فقال له الرجل: اسمع يا سعيد ما قمت به ليس حباً فيك ولا حباً في عمل الخير فما أتيت إلى هنا مسرعاً وعلى عجل إلا لأمنع الخير وإنقاذك لكي لا تسقط الثالثة. قال له سعيد: كيف ذلك؟ قال الرجل: لقد سقطت في الأولى فغفر الله لك ولجميع أسرتك وأهلك وفي السقطة الثانية غفر الله لك ولأسرتك وأهلك وجميع أهل مدينتك فتدخلت لإنقاذك كي لا تسقط الثالثة خوفاً أن يغفر الله لك ولجميع أهل البلد وبهذا تكون هدمت وقضيت على كل أعمالي التي قمت بها منذ أن عرفت نفسي وحتى اليوم.

وفجأة يختفي الرجل من أمام سعيد وكأن الأرض انشقت وابتلعته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى