المحطة الأخيــرة..آداب التنافس الانتخابي

> فؤاد يحيى النهاري:

>
فؤاد يحيى النهاري
فؤاد يحيى النهاري
يبدو أن الحراك السياسي قد بلغ ذروته هذه الأيام، وزاد من سخونة هذا الحراك، المهرجانات الانتخابية للمرشحين المتنافسين على منصب رئيس الجمهورية، والتي أقيمت في عواصم المحافظات والمدن الرئيسية. الحراك رغم سخونته يعد طبيعياً، إلا أنه من غير الطبيعي أن نوجه التهم للآخرين، ونصفهم بأشنع العبارات، سواءً أكانوا من أحزاب المعارضة، أو من الحزب الحاكم.

وفي هذا الصدد كنت قبل أربعة أيام تقريباً حاضراً أحد المهرجانات الانتخابية لأحد مرشحي الرئاسة، وقبل وأثناء وبعد المهرجان لاحظت الكثير من السلوكيات التي تتنافى وآداب التنافس الانتخابي الذي ارتضيناه لأنفسنا.

لاحظت جماهير مشدودة، تفكيرها ضيق، ووعيها ضعيف، لا تدرك معنى الديمقراطية والانتخابات والتداول السلمي للسلطة. كانت الجماهير تنعت المرشح الفلاني أو العلاني، بنعوت تنفي أدنى درجات القبول بالآخر. بعد المهرجان كانت هناك مسيرتان، الأولى تردد: لا سنحاني بعد اليوم، لا مؤتمري بعد اليوم. والأخرى تردد: لا إصلاحي بعد اليوم، لا شملان بعد اليوم.

شعرت بالأسى والحزن وأنا أسمع مثل هذه العبارات وهي تصدر من أنصار ومؤيدي مرشح المؤتمر، ومرشح اللقاء المشترك. قلت في نفسي: متى يرتفع الوعي لدى المواطن، وما سر انجراره وراء مثل هذا الإسفاف الذي يشرخ الوحدة الوطنية.

إلا أن شيئاً أثار ارتياحي، ولكن بنسبة قليلة جداً، من بعض المارة الذين لم يكونوا مشاركين في أي من المسيرتين. بتساؤلهم، لماذا كل هذا الابتذال؟ ألسنا أبناء وطن واحد وجلدة واحدة؟ لماذا لا نحتفظ بكرامتنا وآدميتنا؟ واليوم الفصل هو يوم الاقتراع، بعيداً عن التشنجات والمماحكات اللامسؤولة.

ورغم وجاهة هذا الرأي لكنه رأي قلة من الناس، وقد بدا لي كذلك من خلال استقراء رأي الشارع، وفي ذلك اليوم بالتحديد.

وبالاتجاه نفسه فإن الوضع ينطبق إلى درجة ما على بعض الكتابات الصحفية وآراء شخصيات كانت تبدو رزينة إلا أنها خرجت من رزانتها وسلكت طريق الشتم والقذف والتجريح.

إن ثقافة الوسطية والاعتدال يجب أن تسود كل تصرفاتنا، وأن تكون جزئية كبيرة من مكونات الشخصية، ولا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا حكمنا العقل.

لا أستطيع أن ألوم أحداً أو جهة بعينها عن الانحطاط الذي ظهر واضحاً في المعركة الانتخابية، لكن في الوقت ذاته يحيرني أن فلاناً أو علاناً من الشخصيات الكبيرة - في نظري طبعاً- انقلبت أفكاره رأساً على عقب، وأقواله وأفعاله وكتاباته التي كانت محط ارتياح وإعجاب، قبل مدة من الزمن أصبحت تتناقض مع توجهاته وأفكاره الآن.

ويظل السؤال مفتوحاً: ما سر هذا التغيير؟ ولماذا كل هذا التشنج وأين التسامح والاعتدال والوسطية واحترام الآخر، وكيف يجب أن نلتزم بقواعد التنافس الانتخابي الديمقراطي النزيه، وهل هناك من داع لكل هذا التناحر والتباغض والكره؟؟.. أعتقد يقيناً أنه لا داعي لذلك. وأجزم بأن المرحلة تقتضي الروية والالتزام واحترام الآخر ونبذ الأحقاد والضغائن وتحكيم العقل والمنطق، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى