كــركـــر جــمــل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
رحلتي مع عذاب المرض بدأت وأنا صغير.. فقد كنت مصاباً بمرض (الربو).. وقد انتقل إلي هذا المرض من أمي رحمها الله.. كنت لا أعرف النوم.. وكانت الليالي طويلة جداً.. ساعاتها لا حصر لها.. كنت أتقلب فوق الفراش.. وصدري يعلو ويهبط.. وكأن واحداً قد كتم أنفاسي.. وكانت تصدر أصوات عجيبة من صدري.. وأظل هكذا على السرير في انتظار طلوع الشمس للذهاب إلى مستشفى (عفارة) في الشيخ عثمان.

< وعرفت الحزن وأنا صغير أيضاً.. فقد ماتت أمي وأنا طالب في المدرسة الابتدائية.. كنت حزيناً عليها.. أذكرها وأبكي عليها كثيراً.. ولكن لا شيء ينفع الموتى.. لا الحزن ولا البكاء عليهم.. وكنت إذا بكيت أبكي على نفسي.. أبكي على الحرمان من حب وعطف وحنان الأم.. كان حزني عليها يختلف عن حزني على أقاربي الذين فقدتهم.. فقد كانت أمي من أكثر الأمهات حناناً ورحمة ورقة.

< وكبرت وتجاوزت محنة المرض في شبابي.. أصبحت في غاية النشاط والصحة والحيوية.. ولكن عندما قاربت سن السبعين بدأت الأمراض تزحف إلى جسمي.. فقد أصبت أولاً بمرض (البروستاتا).. وأجريت لي عملية ناجحة وتخلصت منها والحمد لله.. ثم أصبت بمرض (السكري) و(ارتفاع ضغط الدم).. وكان مرض السكري أثقل ضيف يحل في جسمي.. حاولت أن أتعايش معه.. ومازلت أتعاطى دواء السكري وارتفاع ضغط الدم كل يوم بانتظام.. ثم بدأ المرض يغشى عينيّ.. وأُجريت لي عمليتان في العينين.. واستعدت قدرتي على الرؤية بوضوح والحمد لله.

< وبعد السبعين أصبت بمرض تضخم القلب وتضيُّق الشريان التاجي.. ونصحني أحد الأطباء بالسفر للعلاج في الخارج.. وسافرت إلى الهند.. وقد ساعدني على ذلك صديق عزيز وكريم - لا يحب ذكر اسمه - بالتذاكر ومصاريف العلاج.. وفي الهند قابلت اختصاصي واستشاري مرض القلب.. وبعد فحوصات كثيرة بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية.. خضعت للعلاج.. ثم وصف لي كثيراً من الأدوية.. وطلب إلي مراجعته للكشف والمعاينة.. كل ستة أشهر.. ثم كل عام.. ونصحني بالاهتمام بصحتي.. وكان العلاج مفيداً.. وتحسنت حالتي.. وحمدت الله كثيراً.

< وقبل ثلاثة أسابيع كنت مريضاً حقاً.. الوجه شاحب.. والصوت خافت.. وفي الرأس (دوخة) جعلتني أترنح يميناً وشمالاً عندما أمشي.. وفقدت القدرة على التركيز.. كنت لا أدري ما الذي يدور أمامي وحولي.. ودخلت (مستشفى المدينة) في صنعاء.. وتلقيت العلاج على يد الدكتور (أحمد بن سلمان) اختصاصي الأمراض الباطنية.. ورعاية الدكتور (سالم باناجة) اختصاصي طب الأطفال.. وكان المرض واحداً هو اضطراب السكر في الدم.. ورقدت في (مستشفى المدينة) ثلاثة أيام متتالية.. تحت وخز الإبر في ذراعي وظاهر كفي.. بعضها لفحص السكر.. وأخرى للتغذية بمحلول الجلوكوز (المالح).. والثالثة لحقن العضل بالفيتامين.. فعظيم الشكر والامتنان للطبيبين الكبيرين (أحمد بن سلمان) و(سالم باناجة) ومدير المستشفى (حسن الشميري) وطاقم الممرضين والممرضات على رعايتهم واهتمامهم بي أثناء بقائي في المستشفى للعلاج.

< وغادرت (مستشفى المدينة) في صنعاء.. وعدت إلى عدن.. وما زال عندي بقية من (الدوخة).. وأقعدني المرض عن القراءة والكتابة.. وأوجعني مرضي المفاجئ كثيراً.. وأمسكت بالقلم للكتابة.. ولكن القلم كان يرتعش بين أصابعي.. وأصبحت (حزيناً بحساب.. ويائساً بقدر).. والباقي على الله وحده.. هو الشافي.. وهو اللطيف بعباده!!<<

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى