المجالس المحلية.. التجربة المتجددة

> خالد شفيق أمان:

> شهدت اليمن تطورات عديدة في عملية الممارسة الديمقراطية والمشاركة الشعبية في عملية اتخاذ القرار، وقد تمثل ذلك بالانتخابات النيابية التي جرت في عام 93م ثم في عام 97م ثم تلك التي تمت في عام 2003م، وبالانتخابات الرئاسية في عام 99م.

هذه العملية في مجملها أفضت إلى إصدار قانون السلطة المحلية رقم (4) لعام 2000م كإطار قانوني لنظام يقوم على مبدأ اللامركزية الإدارية والمالية، ويهدف إلى توسيع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وإدارة الشأن المحلي في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال المجالس المحلية المنتخبه، وسلطات هذه المجالس في اقتراح البرامج والخطط والموازنات الاستثمارية للوحدات الإدارية (المحافظات/المديريات) وممارسة دورها في عملية تنفيذ الخطط والبرامج التنموية وكذا الرقابة الشعبية والإشراف على الأجهزة التنفيذية للسلطة المحلية ومساءلتها ومحاسبتها.

ومنذ أن دخل نظام السلطة المحلية حيز التنفيذ الفعلي بانتخاب أول مجالس محلية في فبراير 2001م، أحدث هذا النظام نقلة نوعية في الواقع وغير الكثير من المفاهيم الإدارية، حتى غدت تجربة السلطة المحلية حاجة ملحة وأكثر قدرة على تشخيص الواقع ومعرفة ما يعتمل داخله من تحولات وتناقضات، فأصبح الواقع في ظل السلطة المحلية أكثر حضوراً في نشاط المجالس المحلية وخطط الوحدات الإدارية.

ولا شك أن إسناد الشأن المحلي إلى عناصر منتخبة للمجالس المحلية وتحديد الدور الوظيفي لهذه المجالس في عملية التنمية، يأتي كضرورة تقتضيها عوامل تطور المجتمع وظروفه الاقتصادية والسياسية، فإسناد هذا الأمر لعناصر منتخبة معناه لعناصر تتصف بقربها من حياة الناس المعيشية ودرايتها الأكيدة بمتطلباتهم واحتياجاتهم الفعلية من المشاريع التنموية والخدمية، وهو دور حيوي في النهوض بمستوى معيشة المواطن، وفعال في تنمية محلية تقوم على أساس التنسيق المنهجي مع شركاء التنمية للارتقاء بمستوى الأداء بصورة أكثر فعالية وكفاءة وبعيداً عن الروتين والتعقيدات الإدارية.

ولكن.. مع بقاء المجالس المحلية للمديريات - باعتبار المديريات قاعدة انطلاق وأساس الخطة الوطنية العامة للتنمية - بمقوماتها وأوضاعها الحالية، فسوف يؤثر ذلك بصورة مباشرة على مستوى أدائها وتمكنها من تنفيذ مهامها التنموية وتطوير وتحسين مواردها المالية الحالية، وسيتعذر عليها إعداد خططها وموازناتها السنوية وستكون هذه المهام والأعمال مقتصرة على المجالس المحلية للمحافظات وأجهزتها التنفيذية، ما لم يتم تطوير البنية المؤسسية للمديريات، المؤثرة في نظام السلطة المحلية والمتمثلة بالوجود المرفقي والقدرات الـوظيـفـية وبـرامج الـتـدريـب والـتـوعية.

وحتى تتمكن المجالس المحلية من الإسهام الفاعل في حل المشكلات الإنمائية والاقتصادية والإدارية، والاضطلاع بالدور المنوط بها كما ينبغي، فإنه لا بد من تهيئة كافة الإمكانات والقدرات التي تمكنها من ذلك، وتذليل الصعوبات والعراقيل التي تقف عائقاً أمام قيامها بدورها في عملية التخطيط والتنمية المحلية من خلال إيجاد الحلول والمعالجات للمسائل التالية: تعديل القوانين والمواد التي تتعارض مع قانون السلطة المحلية، العمل على تطوير الهياكل التنظيمية للأجهزة التنفيذية في الوحدات الإدارية كي تتلاءم مع اللامركزية المالية والإدارية، إزالة الإزدواج الحاصل في المهام لبعض المكاتب قبل مكاتب المالية والوحدات الحسابية، استكمال فتح فروع للأجهزة التنفيذية في المديريات، نباء المجمعات الحكومية في المديريات وتجهيزها وتأثيتها، تمكين المجالس المحلية من الإشراف الفعلي على المشاريع المركزية التي تنفذ في نطاق وحدتها الإدارية لعدم حصول المجالس على وثائق هذه المشاريع أو موافاتها بتقاير الإنجاز خلال مراحل تنفيذ المشاريع، الحد من تدخلات الأجهزة المركزية في العملية التنفيذية وإلزامها بالتوقف عن تمويل وتنفيذ مشاريع أصبحت بموجب قانون السلطة المحلية اختصاصاً محلياً، زيادة النفقات الإدارية والتشغيلية وزيادة الدعم المركزي بما يتفق وعمل المجالس، إعداد وتكثيف برامج التدريب لأعضاء المجالس المحلية والهيئات الإدارية والكوادر الإدارية، لتحسين كفاءاتهم ورفع مستوى استيعابهم للمهام، التخلص من عقلية المركزية الإدارية برواسبها من أنماط في التفكير والعمل بـالـنـظام اللامـركزي بـالصورة التي نظمها قـانـون الـســلطة المحلـيـة.. والله الموفق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى