شهر الصيام

> «الأيام» عبدالقادر المحضار:

> هذا شهر عظيم مبارك قد أقبل علينا باليمن والسعادة، شهر الصيام والقيام، شهر القرآن والإحسان، شهر العتق والفوز، فأهلاً به ومرحباً، حياه الله من موسم كبير، وهنيئاً لكم ولكل من كتب الله له إدراك هذا الشهر وحضور هذا الموسم والمشهد العظيم، والمسلمون يستقبلون هذا الضيف بالفرح والسرور ويستعدون لهذا الزائر الكريم بما ينبغي، ويهنئ بعضهم بعضاً بقدوم هذا الشهر، وهذا الشعور الإسلامي الفياض ليس بغريب على المسلم الصادق، فإن المشرع الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان، وأخرج الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه يقول: قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم».

قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران، كيف لا يبشر العاقل بوقت تغل فيه الشياطين، فهذا شهر رمضان سيد الشهور قد جاء بالبركات، فأكرم به من زائر أتى، زائر طالت غيبته عنا، فيا من طالت غيبته عنا قد قربت أيام المصالحة ويا من دامت خسارته قد أقبلت أيام التجارة الرابحة، من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح؟

من لم يقرب فيه من مولاه ففي أي وقت يقرب؟ كم أمّل من أمل أن يصوم هذا الشهر فجاءه أجله وصار إلى ظلمة القبر.

خطب سيدنا عمر بن عبدالعزيز آخر خطبة خطبها فقال فيها: «إنكم لم تخلقوا عبثاً ولم تتركوا سدى، وإن لكم معاداً ينزل الله فيه للفصل بين عباده فقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء، وحرم جنة عرضها السموات والأرض ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين وسيرثها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين وفي كل يوم تشيعون غادياً ورائحاً إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله فتودعونه، وتسكنونه في حفرة من الارض غير موسدة ولا ممهدة قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب وواجه الحساب، غنياً عما خلع فقيراً إلى ما أسلف، فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته، وإني لأقول لكم هذا المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما أعلم عندي ولكن أستغفر الله وأتوب إليه».

فلنغتنم هذه المواسم ولنجتهد في التعرض لما فيها من الرحمة لأن بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه، وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يدعون الله تعالى من أول السنة أن يبلغهم رمضان، فإذا تم لهم ذلك وأدركوه وصاموه أخذوا يدعون بعده أن يتقبله الله منهم حتى تنتهي السنة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً يدعو الله تعالى أن يبلغه رمضان فيقول:«اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان».

رمضان أقبل مرحباً بقدومه

طوبى لمن فيه يفوز ويرغب

رمضان مدرسة الهداية والتقى

والمكرمات وكل خير يطلب

اللهم قد أظلنا شهر رمضان وحضر فسلّمه لنا وارزقنا صيامه وقيامه، وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط، وأعذنا فيه من الفتن ما ظهر منها وما بطن واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى