الحلبوب هدية الغيل اختفى!

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
للغيل مكانة كبيرة في نفسي، فقد احتضنت أهلي قبلي واعتنت بي شاباً يافعاً، وبين النخيل ومعيان الشيخ وساقية العين والحقاص ورقة بن شيخان لعبت وبعثرت في طفولتي، وأنا لست من مواليد غيل باوزير، بل من مواليد مطار الريان القديم، ثم أكملت طفولتي بحي السلام بالمكلا، عمل والدي في سلاح الجو البريطاني وهناك برفقة عوض بازار وعمر اليزيدي وآل بكران وعوض المرشدي وسعيد همام وآخرين لعبنا وكبرنا وتعرفنا برجال القائد الإنجليز والسينما و(البنج بنج) وغيرها، وفي الصيف ينقلنا أحياناً والدي إلى أرض أمي وهي غيل باوزير، وهناك أخوالي ومسكن جدي عبدالرحيم وولداه أحمد ومحمد رحمه الله وأصدقائي عمر باحشوان وأحمد عبد، وظلت (حبابتي) شيخة وهي إحدى ثلاث مسنات إحداهن والدة سالم كشمول، تأتي لنا بالحلبوب من الغيل وهو لذيذ ومفرح ويمنحنا السرور، لأننا أطفال وهدية الحلبوب غالية ورائعة ولا زالت في الذاكرة. ما هو الحلبوب؟ هو نواة الدومة من شجرة العلب، عندما يكثر ثمر الدوم من العلوب وهي شجرة السدر التي يقصدها النوب ليعطي العسل، والنوب ما يحب إلا كل زين، ولأن البطالة وضيق ذات اليد كانت سائدة في منتصف القرن الماضي، فقد اتجهت النساء بعد موسم الثمر إلى تجميع الدوم (وتدقيس) النواة وإعطاء شكل جمالي وفني للحلبوب وهو يشبه العقد أو السلس ويضاف لوسطه قصب حتى يبدو جميلا،ً وطبعاً نحن نقضمه على عجل لكننا نشعر في أفئدتنا بالامتنان لجدتنا الغيلية رحمها الله، فقد كانت تجلب لنا الضحل وهو التمر المجفف المفرق واللذيذ، والمسيبلي والرمان، هدايا الغيل كانت كثيرة يوم كان الماء يحيط بها، الأشجار والأزهار والنخيل والديوان حيث الضعين والدروع وأهلنا من آل الحضرمي وجهاء الغيل وزيارة النقعة والمباهج التي ترافقها شرح البدو والحبيشي والمضبي وأيام الغيل التى لا تنسى.

غيل باوزير بها النقاب وهو عمل بديع لتصريف المياه، وقد نفذه أحد أبناء الشيخ يعقوب بن يوسف، المدفون بالمكلا، وعمد إلى بناء قنوات تصريف المياه واستصلاح الأراضي الزراعية وهو جد آل باوزير دعاة العلم والدين ومنهم المؤرخ والمثقف سعيد عوض باوزير ومنهم الصحفي اللامع وأول سكرتير تحرير لصحيفة «الأيام» ومؤسس صحيفة «الطليعة» بالمكلا أحمد عوض باوزير حفظه الله، ونهضت الغيل نهضة قوية أثرت في الساحل والداخل وعدن وجعار وحبان، بها نشأت أول محكمة شرعية بحضرموت، ومنها خرج القضاة آل بامخرمة، وبها حكم القاضي بازبيدي وحكمته بجمع القوت أثناء الحرب العالمية الثانية وظهرت بها المدارس الدينية والأربطة والقبب البديعة، ومن ثم جاءت المدرسة الوسطى الشهيرة في التاريخ الحضرمي عام 1944م وهي بمثابة أول جامعة حضرمية في الطرف الجنوبي لأرض العرب، وفيها تخرج عبدالله بن سلمان وعبدالله اليزيدي وخالد عبدالعزيز وسالم عبدالعزيز وفرج بن غانم وعلي الغرابي وآل عبدالصادق وآخرون، ومن الغيل ظهرت ألعاب لأول مرة بحضرموت على يد السودانيين مثل التنس الأرضي والجولف والكشافة وألعاب المضمار.

إنها الغيل الخضراء أرض التمباك والحناء وبئر الكلالي ودار الحنظلي وآل خنبش وآل باشطح وباعامر وباحبوكر مدينة النور والأحبة وحديث رمضان .. والسلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى