مع الأيــام..إنسانية من دون خبرة - رجال الإطفاء

> منى عوض باشراحيل:

>
منى عوض باشراحيل
منى عوض باشراحيل
يوم الخامس والعشرين من سبتمبر - الساعة الحادية عشرة وعشرون دقيقة.. المكان مدينة عدن (الخساف),كأننا في مشهد سينمائي دقيق الإعداد، أو كارثة ناجمة عن حرب، صورة قذفت بالرعب إلى قلوبنا نحن سكان هذه المنطقة، صورة حولت هدوء الصيام إلى رعب الموت.. نحن من اعتدنا مشاهدة هذه الصورة على شاشة التلفاز بتأثر طبيعي ومعاناة إنسانية لأن أيدينا خالية في مثل هكذا حالات، لكن أن يكون المشهد في متناول يديك وأمام عينيك فهذا ما لم أشهده يوماً في حياتي.

إن ذلك الحريق الذي أكل الأدوارالثلاثة الأولى لعمارة مكونة من خمسة أدوار هو حقاً كارثة فزعنا لها كالمجانين من هول المفاجأة التي لم تكن أبداً على الخاطر حيث بدت الفجيعة قاسية بحجم مرارة الحدث، فلقد كانت النيران تتسارع من كل النوافذ والصيحات تملأ الآذان، هذا الحريق الذي كشف إنسانية ونبل أهل هذه المنطقة الذين سارعوا إلى موقع الحريق دون خوف، مواطنون طيبون تملأ أنفسهم الإنسانية، كذلك رجال الإطفاء الذين بذلوا جهداًٍ لا يستهان به، ولكن جهد بلا خبرة - لا فائدة - الحريق يتزايد وهم عاجزون عن محاصرته، الكل بلا استثناء في موقع الحريق لاحظ ذلك، فلقد عجز هؤلاء الجنود- بلا تدريب- عن إخماد الحريق في طوره الأول حتى عانق الدخان السماء وبدأت تتطاير شرار الأخشاب للأعلى وتتخذ النيران عدة ألوان وكأننا في مهرجان موت، والجهود تبذل والماء يرش دون فائدة لأنه يرش خطأ ينم عند عدم خبرة هؤلاء الرجال. أنا لا أعيب برجال الإطفاء أبداً فهم قد تفانوا بطيبة نفس وإنسانية عظيمة بمحاولات عدة ولكن كما قلت جهد بلا خبرة يساوي - لا شيء. العيب هنا بقيادة المطافي الذين لا يقومون بإعداد هؤلاء الرجال الشجعان من خلال الدورات التدريبية التي تؤهلهم لذلك فهي مهمة جداً لأن هذا العمل خطير جداً ويحتاج إلى إبداع في إخماد الحرائق وانقاذ الضحايا بدلاً من موتهم كما حدث حينما انحسرت أسرة بأكملها في إحدى غرف موقع الحريق ومات كل من كان فيها حرقاً واختناقاً، عشر ضحايا ، لو كانت الخبرة متوفرة لما مات هؤلاء الناس، ولما امتدت ألسنة اللهب لتأكل ثلاثة أدوار، بالإضافة إلى عدم وجود طائرة إطفاء.. أنا لا أحلم ولسنا دولة فقيرة فلو شاهد أحدكم موقع الحريق لعرف أهمية وجود طائرة إطفاء لأن خراطيم المياه لم تستطع الوصول إلى ارتفاع العمارة بالسرعة المطلوبة، فلو كان هناك طائرة لأنقذت بالتأكيد تلك الأرواح ولخمد الحريق بسرعة. هناك مبالغ طائلة تصرف بلا مبرر .. مليارات ومليارات.. أعتقد أن طائرة واحدة ستفي بالغرض، فقد كان الحريق في منطقة حضرية وأماكن مياه الحريق منتشرة، فكيف إذا حدث في مناطق عشوائية غير مخططة حضارياً ولا توجد بها أماكن لمياه الحريق. فكروا بالمأساة بجدية.

التأهيل مهم جداً في كافة المجالات فما بالكم بهذا المجال الأكثر خطراً. والطائرة لن تكلفكم الكثير.

شكراً لكل رجل إطفائي إنسان بذل كل ما في وسعه.. وعتباً على المسؤولين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى