حماية البيئة من واجبات الانسان في الاسلام

> «الأيام» نصر مشعل علي:

> بدأت الدعوة إلى حماية البيئة من خلال العمل المنظم والبرامج العلمية المدروسة منذ عقود بسيطة من الزمن، ولكن هذه الدعوة كانت رسالة حملها الإسلام منذ عدة قرون من الزمان وقد ربط الدين بذكاء ومنهجية بين البيئة وهي العالم الذي خلقه الله وأبدع صنعه وفق قانون مركب يضمن له التجدد والبقاء، وبين الإنسان الذي حمله الله مسئولية حماية هذا العالم وصيانته، بحيث جعل تحقيق هذه الرسالة شرطاً أساسياً وواجباً من شروط الإيمان: وهو ما يجرنا إلى القول: إن التمسك الحقيقي بمضمون الدعوة الإسلامية وتطبيق وصايا الله سبحانه وتعالى وتعاليمه يضمن إلى حد بعيد الحفاظ على أهم مواردنا البيئية، كما أن سعي الإنسان إلى التدبير والتأمل في مختلف عناصر البيئة وإلى العمل على صيانة هذه العناصر هو في حقيقة الأمر ممارسة لواجب ديني. ويوضح لنا دستورنا القرآن الكريم أن كل ما خلقه الله في هذا الكون هو بمقدار كماً وكيفاً، حيث يقول تعالى: "إنا كل شيء خلقناه بقدر" "وانبتنا فيها من كل شيء موزون" "الذي جعل لكم الأرض مهاداً وسلك لكم فيها سبلاً وأنزل من السماء ماءً فأخرجنا به أزواجاً من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولى النهى" صدق الله العظيم إذاً هذا التنوع واختلاف الأشكال والألوان والوظائف تحقيق لمصلحة الإنسان الذي يربطه بالكون عدة صلات هي صلة الاستثمار والانتفاع والتعمير وصلة الاعتبار والتأمل والتفكير في الكون وما فيه.إن موقف الإسلام من البيئة وموارد الحياة وأسبابها هو موقف إيجابي، فكما يقوم على الحماية ومنع الفساد يقوم أيضاً على البناء والتنمية واتخاذ الوسائل المختلفة لتحسين ظروف الحياة الصحية والغذائية والنفسية، بما يسهم في المحافظة على الإنسان ويؤمن ظروف حياة أفضل للأجيال اللاحقة.وقد سبق القرآن الكريم قبل أكثر من 15 قرناً، كما يدل على ذلك العديد من الآيات، من بينها قوله تعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" فهذه الآية تربط بين الخلل الذي قد يحدث في عناصر البيئة بالنشاط الإنساني، مما يدل على أن معجزة القرآن الكريم في شأن الإدراك المبكر لمشكلات البيئة الذي كسر حاجز الزمن ونبه إلى العواقب الوخيمة للسلوك البشري غير القويم في التعامل مع موارد عناصر الكون.وتشير بعض الآيات القرآنية إلى أنواع من القطاعات البيئية والثروات الاقتصادية وواجب الإنسان نحوها:

- البيئة المائية وثرواتها، قال تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي" وقوله تعالى: "ونزلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به حبات وحب الحصيد" وقوله تعالى: "وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون".

- البيئة الهوائية: أوضح القرآن الكريم أهمية الجو وما فيه من هواء وحركة الرياح اللازمة لتحقيق التوازن البيئي وقول الله جل وعلاه فيه: "وأرسلنا الرياح لواقح"، حيث تقوم حبوب اللقاح بين المزروعات وكذلك قوله: "اختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون".

- البيئة البرية وثرواتها:

تحدث القرآن الكريم عن الثروة النباتية ومما قال القرآن فيه قوله تعالى: "ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون".

- وعن التربة، قال تعالى: "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبت لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون".

فإذا كانت تلك هي حقوق الإنسان في البيئة، فإن الله قد أوجب عليه واجبات لحمايتها فقد استخلفه الله على إدارتها ووصاه عليها وجعل حق الملكية لعناصرها لنفسه وخص الإنسان بحق الانتفاع بها فحسب قوله: "له ما في السموات وما في الأرض وما بينها وما تحت الثرى" ومن هنا أمر الله تعالى الإنسان بعد الفساد "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها" وقوله:

"وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى