نصائح نبوية (9)

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> «اتبع السيئة الحسنة تمحها» نصيحة نبوية انبثقت من مشكاة الآية القرآنية {إن الحسنات يذهبن السيئات} هود 114 .. وفي رحاب هذا الفضاء الواسع الممتد الآفاق ترتسم لنا ملامح الأمل لنبدأ ملاحم العمل لاكتساب عفو الله العميم العظيم، ومغفرته الساترة، ورحمته الواسعة التي وسعت كل شيء..

أليس هو الحق - جل وعلا - الذي ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ينادي المخطئين المبطئين عن التوبة، ويدعو المذنبين المتعبين إلى الأوبة، ويهيب بالتائهين والتائبين قائلاً: هل من مذنب فأغفر له، هل من تائب فأتوب عليه؟!

إنه لا يصدهم ولا يردهم ولا يقهرهم ولا ينهرهم، بل يناديهم بكل الحب الإلهي قائلاً:

{ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} الزمر 53. يريدهم أن يثوبوا إلى رشدهم، ويتوبوا إلى ربهم، ويؤوبوا لممارسة أكبر قدر ممكن من الحسنات.. فقط ليدخلهم في دائرة {الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات} الفرقان 75 وفي هذا التبديل الرباني تعديل للمسار الإنساني حتى يفيء إلى ظل العفو الشامل والغفران الكامل .

وشهر رمضان فرصة سانحة رابحة يكتسب فيها المسلمون والمسلمات الحسنات الباقية التي تمحو السيئات الماضية «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».. وتشرق ليالي رمضان بصلاة القيام (التراويح) التي لها أثر رائع في محو السيئات «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».. ومجالس الذكر التي تغشاها الملائكة، وتحفها الرحمة، وتتنزل فيها السكينة، ويذكر الله من قعد فيها في الملأ الأعلى عنده فيناديهم: «قوموا مغفوراً لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات».

كل ذلك وبالإضافة إليه الأعمال الخيرية الاجتماعية التي تنفع الناس، وترفع زخم العلاقة إلى مستوى التعاون على البر والتقوى، كما تدفع المحتوى النفسي والوجداني الكامن في سراديب الضمير، وأعماق الروح ليبقى في حال (الذكر) فإذا {مسهم طائف من الشيطان تذكروا} الأعراف 201.. حتى إذا أغواهم الشيطان، أو أغراهم الهوى عادوا فمحوا ما اقترفوا من إثم واعترفوا بذنوبهم، واغترفوا من فيض أنوار مغفرة ربهم، إنهم هم {الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاسـتغفروا لذنوبـهم} آل عمـران 135.

هناك تعريف مبدع وممتع ومقنع قدمه النبي المعلم صلى الله عليه وسلم لشخصية (المؤمن) يقول فيه «من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن».

إن لؤم المعصية يتمخض عنه شؤم السيئة التي تؤدي إلى بؤس الحالة النفسية، لكن ذلك كله يزول إذا سعى المؤمن نحو تعزير نفسه باللوم، وتعزيز عمل الصالحات والحسنات في كل لحظة ويوم حتى يقول الله «أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له».

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، واكشف كروبنا، وطهر قلوبنا.. آمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

مدرس بكلية التربية - جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى