قراءة في ماحصل

> محمد فارع الشيباني:

>
محمد فارع الشيباني
محمد فارع الشيباني
منذ شهور قبل الانتخابات الرئاسية توقفت عن الكتابة لا لأن قلمي قد جف أو أن الأفكار والرؤى لم تعد تطاوعني كما أشاء ولكن إحساساً داخلياً بأن هناك مخاضاً لشيء جديد يولد من رحم الوطن هو ما دفعني للتوقف لمتابعة ما يجري بدلاً من التسرع والكتابة عن شيء في طور التشكل كما فعل الكثيرون، وتخبطوا في التحليل حتى أصبح ما كتبوه هو ما يريدونه أن يحصل وتعبيراً عن أمانيهم وليس عن الواقع الذي كان يتشكل.. لنعد إلى قبل شهور من الانتخابات الرئاسية، كان الواقع المعاش طبعاً بالنسبة للأحزاب كما يلي: الحزب الاشتراكي دخل الى غرفة الإنعاش يحاول قدر الإمكان إنقاذ نفسه فقد كانت الخلافات تمزقه وأخطرها الانقسامات داخله على أساس شمالي وجنوبي، وفي محاولته للخروج من غرفة الإنعاش والمشي اتكأ على عكاز حزب الإصلاح العدو التاريخي له، وكان هذا خطأه القاتل، أما حزب الإصلاح الإسلامي فكان هو أيضاً يعاني مشاكل وخلافات داخلية، فقد كان يعاني للمرة الأولى انقساماً بين طبقة مثقفة في المراكز القيادية العليا بحكم ثقافتها عرفت أن العالم قد تغير وتحاول أن تجاري ذلك التغيير، وكان هناك حملة السيوف الذين مازالوا متمسكين بما تركه السلف الصالح ويعتبرونه مرجعية أساسية لهم، كما كان هناك شيوخ القبائل الذين يرون أن مصلحتهم هي بالتحالف مع الحاكم لكي يحافظوا على الثروات التي حصلوا عليها وكذلك إبقاء سيطرتهم على القبيلة كقوة ضاربة للدفاع عن تلك الثروات، وكان هناك حزب المؤتمر الشعبي الذي لم يقدر أن يتطور لكي يصبح حزباً بل أصبح يشبه المؤسسات والإدارات الحكومية ومصدراً للثروة والسلطة وبذلك أصبح قبلة لكل انتهازي يسعى إلى الثروة والسلطة. وقد ضج من ذلك الرئيس علي عبدالله صالح مما حدى به أن يعلن في مؤتمرالحزب وأمام الجميع وعلى شاشات التلفزيون ويقول للمؤتمرين إنكم تخافون على مصالحكم فقط.

هذا بالنسبة للأحزاب ولكن كان هناك الشعب، كل الشعب، يتابع لأول مرة في تاريخ اليمن حصول شيء غريب بالنسبة له لم يعهده من سابق، وكان يعتبره حلماً لم يتحقق في الزمن المنظور أمامه، وإذا بذلك الحلم يتحقق وإذا الكل ابتداءً من الرئيس وقادة الأحزاب والمرشحين يتوددون إليه ويطلبون رضاه ويقولون له إنه مصدر السلطات كلها وإنه الحاكم الفعلي وإنه القادر، وتعلم الشعب الدرس ولكنه عرف في الوقت نفسه أن كل ذلك حصل بفضل الرئيس علي عبدالله صالح الذي لولاه ولولا عمله على حصول ذلك لما كان سيتحقق، والشعوب عادة وفية وترد الوفاء بالوفاء، وعندما بدأت الحملة الانتخابية شنت المعارضة حملة على النظام وكانت مدافعها الثقيلة هي الفساد ومحاربة الفساد لأنها اعتقدت أن هذا الموضوع نقطة الضعف لدى النظام الحاكم، أما الرئيس علي عبدالله صالح بعد أن اكتشف أن ليس لديه حزب يخوض من خلاله الحملة الانتخابية فقد تحمل هو تلك المسؤولية بنفسه، وقام بدور الحزب وراح يطوف اليمن شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ويلتقي بالمواطنين ويفند الأكاذيب ويبشر بمستقبل مشرق واعد جميل.. لقد عرف الرئيس علي عبدالله صالح بذكائه الفطري وخبرته الطويلة أن هذا الزمن هو زمن الشعوب، فلجأ إلى الشعب لكي يكون الحكم، لقد تغير الزمن ولذلك فقد انتصر على الذين لم يفهموا روح العصر، وكما قلت فإن الشعوب وفية وقد اختار الشعب الرجل الذي أبدى استعداده للتضحية بكل شيء في السلطة من أجل تثبيت قيم الديمقراطية، وانتخبه بالإجماع ليس ذلك فقط بل انتخب المرشحين باسم حزب المؤتمر الذين رأوا فيهم أنهم مرشحو الرئيس، وعلى عكس التوقعات فقد حصل الرئيس وحزبه على أكثر الأصوات في المحافظات الجنوبية والشرقية والتي كان الكثيرون يعتقدون بأنه لن يحصل فيها علي أي أصوات تذكر.

وأخيراً فإن الحزب الاشتراكي بدلاً من أن يخرج من غرفة الإنعاش وهو يمشي على عكاز الإصلاح فإن حالته ازدادت سوءاً.. أما بالنسبة للإصلاح فإنه فقد الأمل في أن يكون حزباً حديثاً كما كان يحلم مثقفوه، وعلى عكس ذلك فقد انكشف أمام الشعب وظهرت حقيقته.. وللكل أقول لقد انتصر الرئيس علي عبدالله صالح، لقد انتصر لنفسه وانتصر للديمقراطية وانتصر للشعب، وسوف يذكره التاريخ بأنه الرجل الذي فتح باب الديمقراطية في اليمن وأنه أسس الجمهورية الثانية في اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى