نصائح نبوية (10)

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> «وخالق الناس بخلق حسن» .. نصيحة نبوية يسديها ويهديها معلم البشرية الأول، صاحب الخلق الأعظم والأجمل الذي مدحه ربه فقال له {وإنك لعلى خلق عظيم}ن 4..وأثنى عليه أصحابه ومنهم أنس بن مالك (رضي الله عنه) فقال:«كان رسول الله أحسن الناس خلقاً» كما في الحديث المتفق عليه.

وإذا كان القرآن يقول{ولكن البر من اتقى} البقرة 189، فإن النبي المعلم صلى الله عليه وآله وسلم يقول «البر حسن الخلق» رواه مسلم.. ولا يكتفي هذا المعلم العظيم بتقديم النظريات وطرح الشعارات، والتنظير للممارسات بل يقدم هو بسلوكه العظيم أروع قدوة وأرفع أسوة من سلوكه ومعاملاته وتصرفاته إذ قال عبدالله عمرو بن العاص (رضى الله عنهما):«لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاحشاً ولا متفحشاً» متفق عليه.. لأن فحش القول وسوء الكلام، وبذاءة الألفاظ ، ورداءة الكلمات، وسفاهة التعبير، وتفاهة التفكير كلها دليل على قلة الإيمان، وضعف اليقين، وعدم التوفيق الذي يؤدي إلى بغض الله ومقته وكراهيته لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إن الله يبغض الفاحش البذيء» رواه أحمد والترمذي وأبو داود.

إن للفحش والبذاءة - وغيرهما من سوءات اللسان- ضجيجاً نتناً عفناً، وإن من أرذل وأنذل الناس من أطلق لسانه بالفحش البذيء والسفاهة الفاحشة والبذاءة السفيهة، وقد روى الطبراني أن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال:«والذي لا إله غيره، ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان» لأن اللسان السائب خائب غير صائب، وهو حبل في يد الشيطان يصرفه كيف يشاء فيجرى عليه كل المعاصي اللفظية والموبقات الكلامية من فحش وغيبة ونميمة وكذب وافتراء، وزور وبهتان، وبهذا يضعف الإيمان، وتميل الاستقامة، لأن «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً» وهذا معناه «أقل المؤمنين إيماناً أسوأهم خلقاً» وأما زيغ الاستقامة فسببه زيف الكلام التي يحيد بالمرء ويميل به عن السلوك المستقيم فقد قال صلى اله عليه وسلم «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه» رواه أحمد. والصورة المعاكسة أو المناقضة لذاك الزيغ الأخلاقي أو الزيف الكلامي هي صورة الخلق الحسن، والسلوك الطيب، والكلام اللين، والأسلوب الخيّر، والتفكير النيّر، والعمل الجيد، وهذه الصفات الحضارية الراقية تجعل صاحبها «يدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» كما رواه ابن حبان وأبو داود. والنبي العظيم صاحب الخلق العظيم الذي نصح كل مسلم فقال «خالق الناس بخلق حسن» هو الضمين الأمين، والزعيم بالنعيم «ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه» كما روى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

إن الصوم حاجز للألسنة عن الفحش والبذاءة.. وإن الصوم حاجب للألسنة عن التمادي في مستنقع الرداءة، وإن لسان الصائم أطيب عند الله من ريح المسك كما روى البخاري ومسلم.. لأنه فم لا ينطق فحشاء. ولا يتكلم ببذاءة ولا يكذب بدناءة لأنه «لا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم».

مدرس بكلية التربية - جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى