مزايا رمضان

> «الأيام» عبدالقادر المحضار:

> الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال الله تعالى:{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}.

أيها المسلمون: جعل الله الصوم في رمضان واختص به لما في هذا الشهر من المزايا الحميدة، والمناقب الفاضلة والخصائص الكبرى، وأكبر هذه المزايا وأجلها وأشرفها هو نزول القرآن فيه، فقد أنزل فيه القرآن إلى سماء الدنيا جملة واحدة أولاً في ليلة القدر، ثم تنزل نجوماً مفرقاً على حسب مقتضيات الأحوال والمناسبات والوقائع.

ومن مزايا هذا الشهر أنه كانت فيه غزوة الفتح الأعظم وبهذه الغزوة، علت كلمة الإسلام في مكة وعلى أساسها قامت الفتوحات الإسلامية في الشرق والغرب.

ومن مزايا هذا الشهر الكريم أنه كانت غزوة بدر الكبرى، إذ إنه علم صلى الله عليه وسلم بمرور عير قريش قادمة من الشام فخرج إليها وكان سبب خروجه صلى الله عليه وسلم حاجة أصحابه المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً، وكانت هذه العير معها أموال كثيرة لأعدائهم الكفار الذين أخرجوهم من ديارهم وأموالهم ظلماً وعدواناً كما قال الله تعالى:{أذن للذين يقاتلون بأنهم.. إلى قوله.. إلا أن يقولوا ربنا الله} الآية، فقصد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ أموال هؤلاء.. فيردها على أولياء الله، ليستعينوا بها في عبادة الله وطاعته، وهذا مما أحله الله لهذه الأمة، فإنه أحل لهم الغنائم ولم تحل لأحد قبلهم، وكان عدة من معه ثلاثمائة وبضعة عشر، فدعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجوا فقال:(اللهم إنهم حفاة فاحملهم، وإنهم عراة فاكسهم، وإنهم جياع فأشبعهم) ففتح الله عليهم يوم بدر، وبلغ المشركين خروج النبي صلى الله عليه وسلم لطلب العير فأخذ أبو سفيان بالعير نحو الساحل، وبعث إلى مكة يخبرهم الخبر ويطلب منهم أن ينفروا لحماية عيرهم، فخرجوا مستصرخين وخرج أشرافهم ورؤساؤهم، وساروا نحو بدر.

واستشار النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في القتال فتكلم المهاجرون، فسكت عنهم، وإنما كان قصده الأنصار، لأنه ظن أنهم لم يبايعوه إلا على نصرته على من قصده في ديارهم، فقام سعد رضي الله عنه فقال: إيانا تريد - يعني الأنصار - والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك، وقال له المقداد رضي الله عنه: لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) ولكن نقاتل عن يمينك وشمالك وبين يديك ومن خلفك، فسر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأجمع على القتال وبات تلك الليلة ليلة الجمعة سابع عشر رمضان قائماً ويبكي ويدعو الله ويقول:(اللهم إن تهلك هذه العصبة لا تعبد بعد اليوم، اللهم إن هؤلاء قريش قد جاءت بخيلائها ويكذبون رسولك فأنجر لي ما وعدتني) ثم كانت الهزيمة وقتل صناديد كفار قريش، وكان عدو الله إبليس قد جاء إلى المشركين، وجعل يشجعهم ويعدهم ويمنيهم فلما رأى الملائكة هرب، وفي ذلك يقول الله:{وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم.. إلى قوله سبحانه وتعالى.. إني أخاف الله والله شديد العقاب} فإبليس عدو الله يسعى جهده في إطفاء نور الله، ويغري بذلك أولياءه من الكفار والمنافقين، فلما عجز عن ذلك بنصر الله نبيه وإظهار دينه على الدين كله، رضي بإلقاء الفتن بين المسلمين كما جاء في الحديث النبوي:(إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم).

ومن مزايا هذا الشهر ليلة القدر، وهذه ليلة لا يخفى فضلها وشرفها على كل مسلم، فقيامها والعمل فيها خير من عبادة ألف شهر، ومن مزايا هذا الشهر أيضاً الاجتماع لصلاة التراويح، وصلاة التراويح في كل ليلة من رمضان سنة، وعادة السلف رحمة الله عليهم توزيع القرآن من أوله إلى آخره عليها يقرؤون منه فيها كل ليلة ما تيسر، فمن أمكنه أن يقتدي بهم في ذلك فليشمر عن ساعد الجد ولا يقصر، فإن الخير غنيمة، ومن لم يتمكن من الاقتداء بهم في ذلك وأراد أن يصلي بنفسه منفرداً فليحذر من التخفيف المفرط الذي يعتاده كثير من الجهلة في صلاتهم للتراويح حتى ربما يقعون بسببه في الإخلال بشيء من الواجبات كترك الطمأنينة في الركوع والسجود وترك قراءة الفاتحة على الوجه الذي لابد منه بسبب العجلة، فيصير أحدهم عند الله لا هو صلى ففاز بالثواب، ولا هو ترك فاعترف بالتقصير وسلم من الإعجاب، وهذه وما أشبهها من أعظم مكايد الشيطان لأهل الإيمان، يبطل على العامل منهم عمله مع فعله للعمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى