نصائح نبوية (13)

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> (حب الله) و(حب الناس) قيمتان عاليتان غاليتان ودرجتان رفيعتان ساميتان لم يبلغهما إلا ثلة من الأولين وقليل من الآخرين، ولهذا حرص النبي المعلم المربي صلى الله عليه وآله وسلم على تعزيز القناعات والإرادات والعزائم التي تدفع المؤمن ليجعل (حب الله) هدفاً له وغاية وأساساً ينطلق منه في تعامله مع الآخرين حتى يحوز على (حب الناس).. فكيف يكون ذلك؟!.. هذا ما سأل عنه (رجل) وهي كلمة عامة نكرة تفيد العموم والشمول، فإن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم كلهم يحرصون على قيم الرجولة، وشيم المبادئ، ومثل القرآن العظيمة الذي قال عنهم بأنهم {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} الأحزاب 23، أو أنهم {رجال يحبون أن يتطهروا} التوبة 108 بل {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} النور 37.. (رجل) من هؤلاء الرجال الأفذاذ .. سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : «يارسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس».. لأن هذا الرجل حريص على أن يتوهج (حب الله) في قلبه طاقة دافعة للعطاء، باذلة للخير، محبة للغير، محقة في المواقف الصلبة {والذين آمنوا أشد حباً لله} البقرة 165. وهو كذلك حريص على أن يكون ممن قال الله فيهم {يحبهم ويحبونه} المائدة 54. وهو كذلك حريص على(حب الناس) لأن هذا الدين إذا خالطت بشاشته القلوب وسرت أنواره في الأرواح، وشعشعت أضواؤه في الأفئدة ملأتها إيماناً مليئاً بالحب، مفعماً بالسلام والحنان والأمان «لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تجاببتم؟! أفشوا السلام بينكم». رواه مسلم. ولن يكسب المرء حب الناس إلا إذا كسب أولاً حب الله لأن الله إذا أحب أنساناً نادى جبريل: يا جبريل إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل وبعد ذلك «يوضع له القبول في الأرض» رواه البخاري وغيره.

وللإجابة عن سؤال ذلك (الرجل) السائل عن وسائل (حب الله) و(حب الناس) نصحه النبي الأعظم بنصيحة عظيمة قائلاً له «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس» حديث حسن أخرجه ابن ماجه.

ولا يتبادرن إلى ذهن القارئ العزيز أن المقصود بكلمة (الزهد) في الدنيا الانغلاق والانعزال والتقوقع والانسحاب.. كلا..كلا..بل مقصودها عدم الترامي والسقوط والمتاجرة بالمبادئ، والمغامرة بالقيم، والمقامرة بالمثل السامية.. فإننا في زمان غريب يبيع الناس فيه دينهم وأوطانهم وأتباعهم (بعرض من الدنيا قليل).. هذا (العرض) له (غرض) ويدل على (مرض) يوزع مجاناً ولا يباع!! وقد يأتي (على نفقة أحد المحسنين)، والنجاة من ذلك كله (ازهد فيما عندالناس) لتكون أصلب الناس في أصعب الباس، ولكي لا تستمال أو تباع أو تنخدع أو تتراجع، بل كن ممن {ما بدلوا تبديلاً} الأحزاب 23.. ولا تكن تابعاً خاضعاً خانعاً، ولا ذيلاً ذليلاً، ولا عبداً كليلا على أسياده أينما يوجهوك لا تأت بخير.. يا أخي.. عرفت فالزم.. وازهد تسعد. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

مدرس بكلية التربية - جامعة عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى