ثقافة أمة وخصوصية هوية

> «الأيام» صالح حسين الفردي:

> يعتقد الكثير ممن يتعاملون مع أقانيم الوعي ومنافذ الثقافة التي تتماهى والرؤية السياسية التي تسخر الثقافة لأهدافها الآنية والطويلة الأمد، أن استغلال بعض من مكونات الهوية الثقافية الهامشية وإغفال الأخرى المعمقة يجعلهم في مأمن من الدخول في دائرة الإهمال والعبث والتشويه الذي يمارسونه بوعي وحذق متناه، مدركين أن هوامش الفعل الثقافي يبقي الحال راكداً ساكناً غير قادر على تراكم الوعي وتفعيله وتنشيط خلايا المخ في بقايا الدماغ المشكل لهوية الأمة وتاريخها وأصالتها، ويعمدون من خلال الارتكان إلى هذه الهوامش إلى تفريغ الماضي من جذوته والحاضر من رؤيته والمستقبل من إفاقته الدالة على حياة في الجسد التكاملي لكل مقوماته ومكوناته، وحين تغدو الأيدي العابثة محسوبة على الثقافة الوطنية بكل تموجاتها، وألوان طيفها المتزين بعبق الصدق والحرارة الشعبية المجسدة لهوى الروح وهوية اللون وملامح الجسد المعفر بتراب الأرض، هنا تصبح هذه الأيدي معول هدم سريع الأثر على هذه التشكلات المتشبثة ببقايا الذات للمجموع، وقد تنجح هذه العبثية في البداية مستغلة أجواء الخوف من التراكم المعرفي والفني والثقافي والأدبي والصحفي والإعلامي الذي تصاب به الأهواء السياسية القصيرة النظرة، المتكلسة في مصالحها القريبة، ولكنها، كثقافة عبث وسياسة مصلحة تفاجئ بردود فعل غير متوقعة تعطي إشارات لا تخطئ لمن يقرأ الواقع المعيش في كل زواياه الحياتية، فثقافة العامة ولغة الشارع اليومي قادرة على فرز كل عبث ويد عابثة مهما أوتيت من قدرات وأساليب خادعة، فالواقع لا يجدي معه التحاذق والذكاء، فترتفع ثقافة الأمة من اللاوعي كمارد من تحت الرماد، نافضا غبار السنين العجاف الذي تلبسته، بفعل فاعل، ويعود إلى روحه وكيانه، منطلقاً في أرجاء الكون محلقا بكل ملامح الصورة المجسدة لثقافته، المعبرة عن هويته الأصيلة النقية، رافضة كل تهميش، لافظة كل تشويه علق بها في سنوات الغفلة والغفوة، والتراخي في الجسد المنهك، فعودة الروح للثقافة الحقة تظل حائمة غير بعيدة عن أجواء المكان، الهوية، تنتظر الزمن المرتجى لوصل ما انقطع من ماض وحاضر بخيوط المستقبل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى