«الأيام» تستطلع عددًا من المعالم الأثرية والتاريخية بمديرية لودر.. شواهد تاريخية نفيسة تتعرض للسطو والتخريب وطمس معالمها

> «الأيام» سالم لعور

>
بئر قهيسة عمرها 700 عام بمدينة الخربة التاريخية
بئر قهيسة عمرها 700 عام بمدينة الخربة التاريخية
مديرية لودر كغيرها من مديريات امحافظة أبين تزخر بالعديد من الأماكن السياحية والأثرية على امتداد جبالها وتلالها ووديانها كسلسلة جبال الكور التاريخية الشهيرة الممتدة من منطقة دمان وحتى مناطق السيلة البيضاء المتاخمة لحدودها مع مديريات يافع.. هذه المعالم الأثرية الموغلة في عمق التاريخ والتي يصل عمر بعضها الى ما يقارب 800 عام وأبرزها بئر البسوس وبيت الملك الذي ما تزال آثاره في أعلى قمة لجبل القلعة الذي يصعب على الانسان الحاضر الوصول إليه اليوم.. وحصون جثام التاريخية وقرية الخربة وبئر غرامة (بصعيد لودر)، والمخلط وبئر قهيسة وغيرها.

هذه الآثار وغيرها من المعالم التاريخية تعد أبرز الشواهد التي تتحدث بصمت عن تاريخها الضارب في أعماق التاريخ وتدل بما لا يدع للشك على عظمة الانسان اليمني ومهارته في البناء وقدرته على التكيف مع قساوة الطبيعة وترويضها لصالحه وتحديه لشيء اسمه المستحيل.

آثارنا.. معالمنا التاريخية.. نفائس ثمينة وغالية صارت اليوم مهملة وشبه منسية وتؤول الى الاندثار إما بفعل عوامل البيئة والطبيعة وإما بفعل ما تتعرض له من تخريب اذا لم تسلم هذه المعالم من امتداد ايادي العابثين لسرقتها والسطو عليها وتخريبها وطمس معالمها في ظل صمت الجهات ذات العلاقة ممثلة في الهيئة العامة للآثار ووزارات الثقافة والسياحة والإعلام التي لم تكلف نفسها الاهتمام بهذه المعالم والحفاظ عليها واظهارها للناس وتعريفهم بأهميتها باعتبارها ثورة تاريخية ومكسبا للوطن والشعب يعود نفعها وخيرها على الجميع في بلادنا ليستفاد منها كمواقع سياحية من ناحية ومن ناحية أخرى كشواهد حية لتاريخنا وتراثنا الحضاري الذي صنعه الأجداد الذين استطاعوا بعزمهم وإرادتهم الفولاذية التي لا تلين بناء الحصون والقلاع والمباني الشاهقة في أعالي قمم الجبال دون أن تتوفر لهم تكنولوجيا كتلك التكنولوجيا التي نمتلكها اليوم.

«الأيام» كانت لها جولة استطلاعية زارت خلالها عدداً من المعالم الأثرية بمديرية لودر بهدف التعريف بها واظهارها وتوعية الناس بأهميتها وللفت انتباه جهات الاختصاص لهذه المعالم لترميمها والبحث والتنقيب عن تاريخها قبل ان تضيع هذه الآثار والمعالم والشواهد التاريخية في مهب الريح وتصبح أثراً بعد عين.

مدينة الخربة التاريخية بمنطقة غنة مديرية لودر
مدينة الخربة التاريخية بمنطقة غنة مديرية لودر
انطلقنا ويرافقنا في هذه الرحلة الاخ الشيخ عبدالله صالح القفيش، رئيس المنتدى الثقافي العوذلي والمنسق العام لمنظمات المجتمع المدني بمديرية لودر لذا كان دليلنا في هذه الرحلة بصحبة الاخ جابر عبدالله والاخ سعيد محمد صالح، سائق السيارة التي أقلتنا لأكثر من 5 ساعات في طرق وعرة وأصبنا بالإعياء والتعب بسبب شدة الحر والأجواء الساخنة بالسيارة اذ سرنا على الأقدام لأكثر من ساعة تسلقنا خلالها بصعوبة بالغة جبل جثام بعد رحلة مضنية وشاقة بدءاً من قرية غنة وانتهاء بجبل جثام على قمته الشاهقة المطلة على واديي مسدد وحلول التاريخيين.

وهناك وجدنا أنفسنا على موعد نصافح فيه التاريخ وشم رائحته وعبقه من خلال حصون جثام التاريخية المحاطة بسور خارجي كبير.. وبينما كنا في لحظات تأمل لهذا المعلم التاريخي إذ بدأ الشيخ عبدالله صالح القفيش، يحدثنا عن هذه المعالم التاريخية وما أصابها من إهمال قائلاً: «هذه الحصون تسمى حصون جثام التاريخية التي يرجع عمرها الى ما يقارب 600 عام تقريبا وهي محاطة بسور كبير ويحيط بهذا الجبل عدة تلال تستخدم قممها كحماية لهذه الحصون التي تحوي فتحات (نوافذ صغيرة) تسمح لمن بداخلها استخدامها للدفاع عن هذه الحصون التي لم يتبق منها اليوم الا 3 حصون فيما تهدمت الحصون الداخلية الاخرى والحصون الثلاثة الباقية المرتبطة بالسور العملاق تتكون جميعها من 4 طوابق الا ان أحد هذه الحصون هو الاكثر تضرراً ويبدو آيلاً للسقوط اذ كان في حالة لا بأس بها عند زيارتي لهذا الموقع قبل عامين وهو بحاجة إلى عملية قيصرية لترميمه على وجه السرعة من قبل جهات الاختصاص كما ان الحصنين الآخرين بحاجة الى ترميم، وفي الحوش الداخلي توجد مرافق خدمية تبدو آثار منها حتى الآن. وأناشد بصفتي رئيساً للمنتدى الثقافي العوذلي، الذي من مهامه إبراز المعالم الأثرية والتاريخية والحفاظ عليها، الإخوة في الهيئة العامة للآثار ووزارات الثقافة والسياحة والإعلام بتكليف أنفسهم بإرسال لجان لدراسة هذه الآثار التي تكاد تكون في طريقها للاندثار وعمل ما يمكن عمله لترميم هذه المعالم التاريخية والتعريف بها ولفت انتباه الإخوة المواطنين إلى الحفاظ على مثل هذه المعالم التاريخية التي تعتبر ملكاً للجميع ومفخرة وعزة لكل اليمنيين.

بئر غرامة التاريخية بمنطقة الصعيد مديرية لودر عمرها 500 عام
بئر غرامة التاريخية بمنطقة الصعيد مديرية لودر عمرها 500 عام
كما أناشد جهات الاختصاص بالتعريف بمعالمنا الأثرية والتاريخية من خلال إدخالها في مناهجنا الدراسية كواجب وطني وحضاري وانساني».

وفي تجوالنا وعلى بعد كيلومتر واحد وجدنا فتيات في عمر الزهور يجلبن الماء من بئر قديمة على ظهور الحمير، ووجدنا شيخا طاعنا في السن عرفنا أنه قائم على أمر هذه البئر واسمه محمد أحمد الكاملي من أبناء قرية الصعيد منطقة السيلة البيضاء مديرية لودر فحدثنا قائلاً: «هذه البئر تسمى بئر غرامة وهي بئر قديمة وعمرها أكثر من خمسمائة عام وتقع أسفل جبل على حافة وادي مسدد، هذه البئر قديمة وسمعنا أباً عن جد أن عمرها متزامن مع عمر حصون جثام- مشيراً بيده اليها- أكثر من 500 عام وهذه البئر مازال تؤدي غرضها ويستفيد منها الناس بمياه الشرب حتى اليوم».

واتجهنا على السيارة مسافة تقدر بنصف الساعة إلى ضواحي منطقة غنة الواقعة بين وادي ملعه وصفاق التاريخيين اللذين ذكرا في صفة جزيرة العرب قبل ألف عام ونيف تقريباً فوجدنا أنفسنا على موعد مع معلم تاريخي لمدينة تاريخية تسمى الخربة بوادي صفاق والتي قيل لنا بأن تاريخ بنائها يعود الى زمن الدولة الأيوبية اذ رأينا موقعاً يقال إنه مكان الملك يربطه نفق مظلم لا تزال معالمه باقية حتى الآن بداخل بئر ما وهذه البئر قيل بأن تاريخها قد ارتبط بتاريخ النفق وقرية الخربة التاريخية ايضاً ويطلق على هذه البئر بئر قهيسة حتى اليوم وبحسب ما يتداوله الناس في هذه المنطقةبأنه قد وجد في مدينة الخربة المطمورة تحت الارض والتي تبرز أحجار بناياتها للعيان قد وجدوا قبل عدة سنوات سيفا عجيبا في المكان الذي يطلق عليه مكان الملك وهو مرصع بالجواهر الثمنية ولاحظنا وجود حفريات اعتبرها الاخ القفيش دليلنا بالرحلة بانها منافية للعرف والقانون كونها تضر أحد أبرز المعالم الأثرية في لودر داعياً المواطنين عدم العبث بأحجار هذا الموقع الاثري الذي يتعرض للعبث بمحتوياته التي هي بحاجة لنزول جهات الاختصاص بوزارتي الثقافة والسياحة لدراسته.

الحصن الثالث من حصون جثام التاريخية عمره 500 عام وآيل للسقوط
الحصن الثالث من حصون جثام التاريخية عمره 500 عام وآيل للسقوط
وخلاصة لهذا الجزء من استطلاعنا لعدد من المواقع الاثرية نود لفت جهات الاختصاص إلى الاهتمام بهذه المعالم وزيارتها ميدانياً وانزال باحثين لدراسة الآثار بهذه المواقع وتقدير عمرها الزمني والعمل على ترميمها والحفاظ عليها من خلال تسويرها كي لا تمتد أيدي العابثين إليها ونعتبر تطرقنا لمثل هذه المعالم جزءا من مهام عملنا الصحفي الذي بدروه سيعمل على ابراز هذه المعالم واظهارها وتوعية الناس بأهميتها وستكون لنا في جزء ثان من هذا الاستطلاع عن المعالم الاثرية زيارة الى قلعة دثينة جنوب شرق مديرية لودر وكذلك لبئر السوس وقلعة الملك وسنتناول معالم أثرية اسلامية كضريح الشيخ السادس عمر بن سعيد الكندي، وعمره 800 عام وأكثر وغيرها من المعالم الأثرية والتاريخية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى