المعجم الشعري في قصائد الغربة للشاعر لطفي أمان

> «الأيام» صالح عقيل بن سالم:

> لقد تأثر الشاعر لطفي جعفر أمان بتجربة الشعر الرومانسي، وكان أكثر شعراء اليمن إغراقاً وتمثلاً لتلك التجربة,فقد اختار لغة منسجمة مع التجربة، تعبر عن مرحلة جديدة في شعر اليمن، وجدت عند شعراء سابقين أمثال الحامد والشامي وغانم.. غير أنها نضجت عند لطفي أمان.

وبالنظر إلى معجمه نجده يتكئ على معجم استخدمه الرومانسيون كثيراً في قصائدهم منه:

1- مفردات دالة على الحزن، كقوله في قصيدة (أشواق):

وأنا وحدي

أنهل من دمع التصابي

كم تغربت ألاقي

من زماني ما ألاقي

وشربت المر في

دنياي من كأس دهاق

وتغلبت على نارين

بؤس واشتياقي

النص مليء بالمفردات الدالة على الحزن، رسمها الشاعر في جو تجديدي من خلال تنوع القوافي، والرؤية.. كما نلحظ التجربة ذاتية وجدانية، وهذه مسحة عامة يتميز بها الشعر الرومانسي .

2- مفردات دالة على الطبيعة، منها قوله في قصيدة (غريبان) :

حتى الطبيعة هاج كامنها

وتقلبت محزونة.. مثلي

في هذا النص تتكشف رؤية الشاعر الرومانسية فنراه يتداخل مع الطبيعة تشاركه المعاناة وتبادله الأحزان.

كما يؤكد الشاعر تلك المشاركة في قصيدة (شلال شوق):

وعدت لوحدي بصمت انطوائي

إلى النيل أهرق فيه أسايا

ولي فيه عهد شجي الغناء

سرى نغماً ضاع إلا بقايا

تغني الضفاف لقلبي الحزين

أهازيج من ذكريات صبايا

3- مفردات دالة على الصمت، كقوله في قصيدة (أشواق) :

يوم ودعتك في صمت وفي غير ثبات

وقوله في قصيدة (فوزية)

والصمت رياح من أحزان ثورية

يبدو أن الشاعر قد وظف مفردات الصمت ليختزن معاناته، ويحركها في داخله لأنه وحيد في الغربة مسلوب الأهل والأصحاب، بل ليوحي من خلال الصمت باشتعال أشواقه وأحزانه النارية التي أحاطته من كل جانب حتى صار ملجوم اللسان، لا يستطيع أن يبثها بالكلام.

4- مفردات دالة على الحب:

الحب من أعظم موضوعات الرومانسيين، تتكشف به رؤاهم وتجاربهم، وهو مزيج من الألم والحنين، قال فيه الروما نسيون حتى ابتلت جوانحهم ونضجت تجاربهم. والحب عند لطفي أمان يحتل مساحة واسعة في قصائده، ومعظمه ولدته الغربة، فقد كان كثير الشوق والفقد لأولاده وزوجته. يقول لطفي في قصيدة (شلال شوق):

معاً يا حبيبة روحي كنا

وكم فتنة كالهديل الرخيم

تدغدغ قلبي وتغري هوايا

ولكنني ياحبيبة روحي

برغم اتساع النوى بيننا

أراك هنا

إن لحظة سعادة الشاعر ونعيمه تبقى خالدة في ذاته مهما تغير الزمان أو المكان. كما أن الشاعر مخلص في حبه شأنه شأن كبار شعراء الرومانسية (علي محمود طه، إبراهيم ناجي، محمود حسن إسماعيل)، نلمح ذلك في قصيدة سماها باسم زوجته (فوزية) :

أيا (فوز) يا(فوز) يا كلّ ذاتي

وسرمد حبي

ومعنى بقائي

فقصائد لطفي تتجلى فيها كل معاني الحب والسعادة والخلد، مهما كانت الظروف المحيطة، وقد أكد ذلك سعيد علي نور (الحكمة العدد 187) حيث قال:

«قد يختلس الرومانتيكي من حزنه لحظة سعادة مؤقتة يحياها إما في أحضان الطبيعة أو في الحب مثلاً، وهي لحظة تتكرر عند لطفي في الطبيعة كما في (قصتها كانت معي) وفي الحب كما في معظم قصائد الديوان».

وبذلك شكلت المفردة الدالة على الغربة جانباً كبيراً في بناء المعجم الرومانسي للشاعر لطفي جعفر أمان، حيث جاءت محملة بالإيحاء البعيد الدال على حسن اختيارها وحسن توظيفها لتعبر عن معاناته، ولتضع صاحبها رائداً للاتجاه الرومانسي في شعر اليمن الحديث.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى