تشاؤم العقل لا يغلبه إلا تفاؤل الإرادة في ضوء فكرة انتخاب المحافظين

> د. محمد عمر باناجة:

>
د. محمد عمر باناجة
د. محمد عمر باناجة
عندما تسير الأمور وفق سنن الحياة ونواميسها، لا يمكن للمرء إلا أن يتعشم قدوم الأفضل، وإن جاء هذا الأفضل متأخراً فذلك خير من أن لا يأتي مطلقاً.

وهكذا كنت متيقناً، بأن الإدارة التفاؤلية للرئيس ستغلب - ولو بعد حين - تشاؤم العقل لدى من تحوطوا بسياج منيع من الحذر تجاه الفكرة التي طرحها فخامته في المؤتمر الأخير للمؤتمر الشعبي العام، الذي انعقد في عدن حول انتخاب المحافظين، معللين تحوطهم بجم من المخاوف، بعض منها - بدون شك - وارد ولكن تجاوز آثاره متاح دون الإضرار بالعملية الديمقراطية. أما الآخر، فإنها مخاوف في غير ذي اتفاق البتة مع منطق الأمور.

وبالرغم من إرجاء البت بالموضوع في مجريات أعمال المؤتمر، إلا أن ذلك لم يدم طويلاً إذ سرعان ما تغلب تفاؤل إرادة الرئيس على تشاؤم عقول المتحوطين والرافضين.. فلم يكد ينفض العرس الديمقراطي، إلا وكان الرئيس - المنتخب مجدداً - قد حسم أمره وأعلن عن قراره باتباع أسلوب انتخاب المحافظين بدلاً عن تعيينهم. وكان موفقاً - كعادته - باتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، لأنه بذلك كان قد دشن تسديد أول قسط في فاتورة المؤجل الذي التزم به في مجريات العرس الديمقراطي بصورة مهمات قطع عهداً على نفسه بتنفيذها، بعد أن كان قد دفع من المعجل (التعاطي بحرفية عالية مع العوامل الداعمة للمرشح) ما أهله للفوز المستحق.

وإذا كان ينظر إلى مسألة انتخاب المحافظين - من منظور مجرد - كتطور طبيعي في سياق حركة المسار الديمقراطي، وكمعادل مهم في ترسيخ مداميك الديمقراطية وتخلقها في الوعي والسلوك الآدمي، فإنه - من منظور تجريبي - ينبغي النظر إليها كتجربة جديدة تحوي بين جنباتها كثيراً من المحاذير، خاصة وأنها لم ترصد بعد في خارطة التجارب الديمقراطية القائمة في أي بلد آخر له خصائص التركيبة الاقتصادية - الاجتماعية اليمنية نفسها.

تأسيساً على ذلك فإن الأمر يستدعي التريث - وليس التأجيل كما يريد البعض - لحين يفضي الجدل الجمعي حول الموضوع إلى إنتاج الآلية الأكثر ملاءمة لظروف وخصائص بلادنا، والأقدر كفاءة على تحقيق أهداف وغايات القرار، وليس فقط مجرد اتخاذه، وذلك بغية تجنب أي منغصات قد تبرز أثناء تنفيذه، تتيح للرافضين والمتحوطين الانقضاض عليه من خلال تشويش وعي الناس بأهميته.

وإذا تحقق لهم ذلك، فإنه ربما لا تتكرر في الأفق المنظور فرصة تاريخية أخرى وإرادة متفاءلة مثيلة لإعادة بث الروح فيه.

وليدرك من لم يدرك بعد، أن قرار انتخاب المحافظين وإن كان في مدخلاته سياسياً، فإنه في مخرجاته اقتصادي واجتماعي وتنموي بامتياز.

لذا فإنه بمجرد تقرير السياسيين للفكر تنتهي مهمتهم وتبدأ مهمة المحترفين من ذوي الاختصاص لبلورة تفاصيلها، ومن ضمنها - وأهمها على الإطلاق - الآلية التي يتم بها تنفيذ القرار، والتي إضافة إلى مشروطية ملاءمتها لخصائص المجتمعات المحلية (المحافظات) وكفاءتها في تحقيق الأهداف والغايات، يجب أيضاً أن تؤمن للمحافظين المنتخبين قوة تمثيلية أكبر من القوة التمثيلية لأعضاء المجالس المحلية، وأن تأخذ بعين الاعتبار أن المحافظين ممثلو رئيس الجمهورية في محافظاتهم. وأخيراً أن تراعي احتمالات رفع سقف الصلاحيات الموكلة لهم باعتبارهم رؤساء المكاتب التنفيذية وفي الوقت ذاته رؤساء المجالس المحلية في محافظاتهم.

وحري بنا في الختام القول إن الآلية (المقترحة) إن لم تحقق المكاسب الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والديمقراطية المرجوة من القرار، فإن القرار يغدو مفرغاً من مضمونه وتبعاً لذلك وبالضرورة تنتفي مبررات استبقائه.

فهلاّ وعينا ذلك وانتصرنا لإرادة الرئيس المتفائلة؟!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى