العيد .. وفقراء اليمن «السعيد»

> عبدالله ناجي علي:

>
عبدالله ناجي علي
عبدالله ناجي علي
الفقر مشكلة خطيرة تواجه مجتمعنا اليمني.. وتنتج عن هذه المشكلة سلسلة طويلة من الأخطار المحدقة بالمجتمع تبدأ حلقاتها الأولى في خطر الفقر على الأسرة، وخطره على الأخلاق والسلوك داخل المجتمع.. والأهم من هذا خطر الفقر على العقيدة، وعلى الأمن والسلام الاجتماعيين.. والفقر في شريعتنا الإسلامية السمحاء يعادل الكفر، فرسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم كان دائماً يتعوذ من الكفر والفقر وعندما سأله أحد الصحابة قائلاً: هل يتعادلان يا رسول الله..؟! أجاب «نعم يتعادلان».. وهذا يعني أن أخطار الفقر مدمرة لقيم المجتمع، لهذا لا غرابة أن يتوعد الخليفة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ويقول قولته المشهورة «لو كان الفقر رجلاً لقتلته» وهكذا أيضاً عبر الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري عن الفقر وقال عنه «إذا ذهب الفقر إلى بلد، قال الكفر خذني معك».

إذاً نجد هنا الفقر مرضا خطيرا يدمر بنيان المجتمع السوي ويقضي على حياته السعيدة.. ويدمر القيم الأخلاقية الجيدة ليستبدل بها قيماً أخلاقية سيئة، وكمثال فقط نجد في واقعنا من ينظرون إلى الفاسدين كما لو أنهم «أذكياء»، لأنهم أجادوا فنون نهب المال العام غير الشرعية!! بينما ينظرون إلى الشرفاء كما لو أنهم «أغبياء» لأنهم يتعاملون مع الوظيفة والمال العام بأمانة وإخلاص.. هذا التغيير الخطير في القيم الاخلاقية نعتقد أن سببه الأساس هو انتشار الفقر داخل المجتمع والذي بسببه ضعفت القيم الدينية وجعل الناس ينظرون إلى القيم المادية والسعي لامتلاكها حتى ولو كانت بطرق غير شرعية!!

والفقر في مجتمعنا تصل نسبته إلى أكثر من 50% هذا بمقياس «حد الكفاف» الذي يستخدمه الغرب.. أما إذا قسناه بالمفهوم الاسلامي وهو «حد الكفاية» فإن نسبة الفقر تصل إلى 70% وأكثر لأن حد الكفاية ينطبق حتى على كثير من الموظفين - مدنيين وعسكريين - الذين دخلهم الشهري لا يكفي لتلبية احتياجاتهم الضرورية للحياة «غذاء، شرب، ملبس، مسكن، صحة، تعليم، وخدمات أخرى» فإذا لم يكف الدخل لتوفير هذه الأشياء فإن الموظف هنا يدخل ضمن شريحة الفقراء.

ومن المفارقات الغريبة والعجيبة وغير المستوعبة أن يزداد الفقر في بلادنا في زمن استغلال ثروتنا النفطية (!!) فهل تحول النفط في بلادنا من نعمة إلى نقمة على شعبنا المغلوب على أمره(......) فالشعب كان يتوقع أن يعيش مثل الشعوب المجاورة التي تنعم بحياة هنيئة وكريمة بعيداً عن الفقر.

ترى كيف يستقبل شعبنا أعياده الدينية والوطنية وغالبيته مهمومة بالبحث عن متطلبات «المعدة» فما بالكم بالبحث عن الضروريات الأخرى للحياة.. وما يحز في النفس أن الفقراء يشاهدون قلة من الفاسدين في المجتمع تعيش حياة الترف الشيطاني.. بينما غالبية الشعب تعيش حياة الفقر الشامل غذائياً وصحياً وتعليمياً وخدماتياً.. وبما أننا نسمع اليوم الدعوات لمحاربة الفقر من قبل ولاة أمرنا فإننا نتمنى أن تأتي الأعياد القادمة وقد تحسنت أوضاع الشعب نحو الأفضل.. فالفرحة والبهجة بالأعياد الدينية والوطنية يستحيل أن يشعر بحلاوتها الشعب إلا بعد ما يكون قد حسم متطلبات «المعدة» أولاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى