(عائلة دوت كوم) .. وصراع الأجيال..!

> «الأيام» مختار مقطري:

>
مختار مقطري
مختار مقطري
في ثاني أيام عيد الفطر المبارك ذهبت لمشاهدة مسرحية (عائلة دوت كوم) في سينما هريكن بكريتر، ليس حرصاً فقط على تلبية الدعوة الجميلة الخاصة التي وجهها لي مؤلف ومخرج المسرحية الفنان عمرو جمال ولكن حرصاً كذلك على مشاهدة أعمال هذا الفنان المبدع الشاب منذ أن شاهدت له مسرحية (الطابور السادس) التي حصد بها معظم الجوائز في المهرجان المدرسي الثالث للمسرح في العام 2000م بعدن، وكنت ممن تنبأوا له حينها بمستقبل كبير في مجال المسرح، أضيف اليه اليوم مستقبلاً واعداً في مجال الإخراج السينمائي الذي ينوي التخصص فيه بعد أن ينهي دراسته الجامعية في الهندسة الالكترونية.

مسرحية (عائلة دوت كوم) التي قدمتها فرقة خليج عدن، مجموعة من الشبان والشابات الواعدين بموهبة كبيرة وتألق وحضور كبير على خشبة المسرح مما طمأنني على مستقبل المسرح باليمن وبعدن تحديداً رائدة المسرح في اليمن والجزيرة والخليج، هي مسرحية كوميدية تفجر الضحك وتنتزعه من القلوب دون انحدار إلى مستوى الإسفاف أو التهريج لم يكتف فيها الفنان عمرو جمال بكوميديا الحوار فقط بل اعتمد كذلك على كوميديا الموقف والمفارقات المفاجئة الضاحكة، بقدرات ممثلين شبان موهوبين تحملوا وصبروا على عناء ومشقات البروفات المضنية ثم الوقوف على خشبة المسرح نحو ثلاث شاعات ليقدموا مسرحية لا يقدمها سوى الكبار بأداء تلقائي ليس فيه تكلف المبتدئ أو رهبة الناشئ ولكن بثقة واقتدار.

وكم كنت سعيداً وأنا ضمن ذلك الجمهور الكبير الذي اكتظت به أرجاء سينما هريكن، سعيداً بهذه المحاولة التي انبرى لها شبان أرادوا اعادة شيء من الروح للمسرح بعدن والمسرح التجاري تحديداً بعيداً عن أجواء المهرجانات الرسمية بكل ما لها من ايجابيات كثيرة وسلبيات أكثر، وبعيداً عن الجلوس والتفرغ للشكوى والبكاء وصب اللعنات على الظروف والمعوقات، ولقد نجح الشبان فعلاً.. فألف مبروك وألف ألف مبروك لقائدهم المكافح والعاشق للفن الفنان الشاب عمرو جمال.

ومسرحية (عائلة دوت كوم) موضوعها الصراع بين الجيل القديم- جيل الآباء - والجيل الجديد -جيل الأبناء- ولكن عمرو جمال حصر هذا الصراع في رغبة الأبناء باستخدام الكمبيوترات في غرفة مغلقة وهو ما يرفضه الآباء خوفاً من المواضيع المخلة بالآداب والقيم الأخلاقية والدينية التي يزخر بها الانترنت، ولست هنا لأختلف مع الفنان عمرو جمال في هذا الحصر ولكن لابد من الإشارة إلى نموذج الشباب الذي قدمه في المسرحية بشابين أساءا إلى الشباب وطفلة صغيرة أساءت إلى براءة الطفولة، الشاب الأول عصبي إلى حد التشنج يوشك معه أن يبدو على وشك افتراس من أمامه أو (يبزي حنجرته)، والآخر مولع برقصة (الراب) والتحدث باللغة الانجليزية بلهجة أميركية، أما الطفلة الصغيرة فإن عصبيتها أكبر من براءتها بل لم تبدُ في المسرحية طفلة بريئة، فهي تسخر من والدها وتخاطبه بازدراء وتأفف وتعال بأنها تخجل من زيارته لمدرستها بسبب بذلة السفاري التي يرتديها وهي تخاطب أمها بجفاء وتحد وصلف وترفع صوتها في وجه الكبار بل وترفس الآخر بقدمها، كل ذلك وعمرها عشر سنوات تقريباً، والثلاثة لا يقدمون نموذجاً مشرفاً للجيل الجديد، فالسخرية وطول اللسان على الكبار قلة أدب وليس سلوكاً ينبغي أن يتحلى به جيل الشباب، فهل تعمد عمرو جمال أن يظهروا على هذا النحو وعن قصد ليظهر لنا التأثير السلبي للإفراط في استخدام الكمبيوتر على سلوك وأعصاب وجيل الشباب، إنه تعمد سيخالف الفكرة الاساسية للمسرحية التي انجلت في ختامها بضرورة أن يلتقي الطرفان ليناقشا المشكلة. على أن المشكلة في واقعنا اليمني ليست في الصراع بين الجيلين ولكن فيما يواجه كل طرف من هموم جراء مستوى التعليم وغياب الوظيفة والمسكن والخوف من المستقبل وغلاء المعيشة.. الخ. كما أن الأب من الجيل القديم لا يفقد احترامه وقدسيته لبذلته السفاري ويستعيدهما ببذلة (مودرن) والأم من الجيل القديم ليست هي التي ترفع (المدعس) بمناسبة ومن غير مناسبة.

كانت تلك مجرد هنات كهنة ذهاب الأم لتعزي في وفاة وفي أذنيها قرطا ذهب، وهي تبقى مجرد هنات في مسرحية رائعة قدمتها مجموعة شبان تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً فجذبت إليها الجمهور الكبير في وقت لم يعد فيه للمسرح جمهور كبير أو صغير لأن المسرح ذاته لم يعد له وجود! فهنيئاً للفنان المبدع الشاب عمرو جمال هذا النجاح الكبير وهنيئاً هذا التألق لنجوم فرقة خليج عدن الشبان!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى