العيد في المكلا .. بعيد

> «الأيام» صالح حسين الفردي :

> مدينة المكلا، مدينة العشق والجمال، والفن، والتراث الشعبي والأصالة ، مدينة عبقت بسحر السنين وتدثرت برداء الحنين لكل بديع جميل، بدت هذه المدينة في صباحات وأماسي العيد السعيد (عيد الفطر المبارك) هذا العام بعيدة، ككل عام، عن أجواء الفن والتراث والأصالة.

وهي قواسم مشتركة تتفاعل مع أعياد هذه المدينة في السنين الماضية، إذ كانت للعيد طقوس وعادات وتقاليد، وفعاليات فنية تسهم فيها كل الأطرالثقافية والفنية والأندية الرياضية بالمحافظة، فليس ببعيد استضافات الفنانين الكبار (أحمد بن أحمد قاسم، محمد عبده زيدي، محمد مرشد ناجي، محمد سعد عبدالله، عوض أحمد ، ياسين علس، فضل كريدي) وغيرهم كثير، إضافة إلى المنولوجست الظريف(فؤاد الشريف) وفرق الأكروبات لوزارة الداخلية سابقاً، وفرقة البراعم والبلابل بقيادة الموسيقار الكبير يحيى مكي، والحال اليوم ذاهب إلى التلاشي، رويدا رويدا، ولكن يبقى الفعل الفني والثقافي المصاحب لهذه اللحظات الإنسانية هو الممسك بما تبقى من هذه الجذور العميقة في تماهيها مع تلاوين المشهد الحياتي الجديد بكل ألوان طيفه، فكيف ظهر هذا المشهد في أيام المكلا العيدية، وماذا احتضنت هذه الساحرة الوديعة، غير هدير الموج، وصمت الجبل، وتلاقي عشاتقها ومحبيها؟!

للأسف لم يكن هناك مشهد بالأساس، لا فنيا، ولا تراثياً، ولا ثقافياً، كغيره من أيام السنة، وإن برزت بعض الفعاليات الفنية، هنا وهناك، تتغشاها العشوائية والسطحية، والدعائية الفجة، هادفة إلى الكسب المادي، لبعض شركات اتصالات المحمول، والاستراحات والمتنزهات، التي ذهبت إلى تقديم وجبات فنية خفيفة (سفري) لا تليق بتراث وفن حضرموت، وقد استعانت هذه الشركات وغيرها، ببعض العازفين لإقامة أمسياتها الدعائية، على حساب الفن والتراث الحضرمي، وكان بالإمكان الاستفادة من التمويل المادي لهذه الشركات وغيرها في إقامة فعاليات فنية ومسرحية راقية، بإشراف مباشر من جمعية فناني حضرموت (الحافظة) لهذا التراث الغنائي، خاصة، ومكتب ثقافة حضرموت، وإشراف عام من قبل قيادة السلطة المحلية بالمحافظة، مع الإبقاء على اسم الشركة الراعية لهذه الفعاليات وتخصيص فقرت تمثيلية وفنية تخدم الرسالة الدعائية لهذه الشركة أو تلك.

ومن الموجع والمؤسف في آن واحد، أن تضطر فرقة الفقيد برمة المسرحية بالشحر إلى التماشي مع هذا الوضع، وتقدم عملاً (مسرحياً) دعائياً لشركة هاتف جوال، وهي الفرقة الكوميدية التي بنت مجدها على أعمال مسرحية ارتجالية اجتماعية ناقدة في زمن مؤسسها ومبدعها ورائدها الراحل سالم مبارك باحمبص (برمة) ولكن للضرورة أحكام، كما يقال، فحين تصل السلبية حداً لم نجد فيه من يتواجد من السلطة المحلية بالمحافظة، ومكتب ثقافة حضرموت، في صباحية تأبين رائد المسرح الارتجالي بحضرموت خاصة واليمن عامة، عند ذلك علينا أن نغفر لهذه الفرقة صنيعها، فهي في حاجة إلى التنفس والبقاء حاضرة في وجدانات الناس، وإن في حدود المتاح، فإذا طلبت المستحيل، حرمت الممكن، ومن هنا تتداعي الأسئلة التي تحتاج إلى وقفة جادة وإجابات شافية، تعيد الألق لإبداع وفن وحضارة حضرموت، وتصبح كل هذه الأطر حاملة لهم الفن والثقافة، وهي أهم مكون حقيقي في حياة أي أمة اليوم، ونهمس بأن العيد في المكلا ما زال بعيداً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى