مع الأيــام ..رؤى باصرة لمقتضيات التغيير في التعليم العالي

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
عندما تستظل هيئة أو مؤسسة أو وزارة بذهنية حاذقة لا تقف متوارية خلف المكتب الوفير، مستظلة بظله، ومهادنة مراكز القوى التي استقوت جذورها في إدارة هذه المنشأة لتمتص الرحيق الحلو بنهم لا يشبع، فإن هذه الذهنية/الشخصية تدفع الإدارة بفعلها التغييري المبتكر، الذي يجاهد قدر جهاده لإعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي، بعافية تقضي على الاختلال وتحافظ على المال وتبتكر طرائق عصرية ملائمة للارتقاء بعمل هذا المرفق في ظل فلسفة إدارية متوازنة.

ولا أحسبني أستثني من هذا القليل، الذي يستطيع أن يفعل ذلك، في ظل طغيان مثلث الفساد والنفوذ وغياب القانون، الدكتور صالح علي باصرة صاحب الرؤية السياسية الناضجة في الإدارة والمشفوعة بخلفية علمية وفكرية وتجربة عتيدة في الحياة. الرجل القادم من حضرموت بثقل تاريخها العريق، وبشغف الولوج في فسيفساء الحياة الصاخبة في يمنه من خلال شريانه النابض على البحر (وفرضتها) عدن، قبل أن تأخذه سفينة العلم إلى أنوار أوروبا، ولا أظن ان أحداً قد تدرج في الوظيفة العلمية بجامعة عدن، بتودة وصبر مشفوعين بحب طاغ للمهنة والزملاء فيها، كالأستاذ صالح باصرة، ليكون على يديه قدر حفظ ما تحقق في هذا الصرح العلمي الوطني الكبير في وقت عصيب بعد حرب صيف 1994م حين كانت الجامعة هدفاً من أهداف نفر ممن يستثمرون أوجاع الوطن كغنائم مستحقة. وكعادته مارس سياسة الحفاظ على الهياكل القائمة ليضيف إليها بنى تحتية ومؤسسية تمتد أفقاً في أربع محافظات، متلازماً ذلك مع الحفاظ على الكادر بعيداً عن سياسة التنكيل، مع عمل جاد دؤوب يتجه نحو تأهيله ومده بمقومات الديمومة والبقاء من خلال سياسة القبول التي لا تفتعل العقبات ولا تنظر إلى مسودات الإقامة وشهادات الميلاد بقدر ما تنظر إلى المؤهلات.

وأحسب مرة ثانية لو أن آخر قد أنيطت به إدارة مؤسسة علمية كبيرة كجامعة صنعاء نخرها الفساد فلم يبق فيها ولم يذر، وفاحت رائحته في كل مكان لرفع هذا الآخر الراية البيضاء منذ اليوم الأول، غير أن (الباصرة) كان مستعداً للقتال منذ يومه الأول لا كمدافع يستميت خلف كرسيه الوفير، وإنما كمهاجم يحرك المياه الآسنة تلك التي لم تتحرك مذ سنين. وحينما استظلت بظله وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فإن عهدها البارد أو الساقط برداً وسلاماً على المنتفعين فيها قد ولى بجملة إجراءات جريئة تبدأ ولا تنتهي يقوم بها بقلب الفارس الشجاع الدكتور باصرة، ومنها إيجاد مخرج لمحنة المبتعثين الى الخارج للدراسة ممن يلتهم ابتعاثهم 130 مليوناً من الدولارات، وهو المبلغ الذي يساوي تكلفة تدريس 87 ألف طالب جامعي في الوطن، يضاف إليها تكلفة 5 آلاف مدرس ومعيد وأساتذة من الداخل والخارج إضافة إلى ألفي موظف (تصريح د. باصرة لـ «الأيام» 9 أكتوبر 2006). ويبدأ من هذا العام العمل بنظام المنح الدراسية الداخلية حيث تتكفل وزارة التعليم العالي بدفع رسوم الطالب في الجامعات اليمنية الحكومية والخاصة مع إعطاء الطالب مبلغ 20 ألف ريال شهرياً لتصريف أمور حياته مع ما يتيح له البقاء في وطنه من استقرار نفسي وذهني.

إن معطيات التغيير من داخل الهياكل والمؤسسات التي غاب عنها الإصلاح دهراً، وعششت فيها رموز الفساد، تبدأ من خطوات جريئة واعية ومدركة لاستحقاقات المرحلة ولمتطلبات الوطن الذي يئن من متاعبه بسبب هؤلاء الرهط من المفسدين، وما يقوم به الدكتور صالح باصرة يعدّ أنموذجاً يجب مناصرته وإبرازه وتثبيت خطواته لعلنا نصل يوماً، وحتماً سنصل، إلى سياسات إصلاحية حقيقية شاملة تعيد الأمور الى نصابها الصحيح.

15 أكتوبر 2006

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى