الانتقادات تحاصر شيراك مع اقترب نهاية عهده

> باريس «الأيام» كريسبيان بالمر :

>
الرئيس الفرنسي جاك شيراك
الرئيس الفرنسي جاك شيراك
بعد أكثر من 40 عاما على الساحة السياسية يقترب الرئيس الفرنسي جاك شيراك من نهاية حياته السياسية وتحيط به الذئاب,وعلى الرغم من أنه لم يستبعد ترشيح نفسه لفترة رئاسة ثالثة في انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل وهذا أمر لم يسبق له مثيل في فرنسا إلا ان لا أحد يصدق أن السياسي المخضرم (73 عاما) لديه ما يكفي من الطاقة أوالتأييد لإطالة أمد بقائه في السلطة.

ومع قرب اسدال الستار على عقود من حكمه لا يحظى شيراك بإشادة المعلقين بل لا يكاد يمر أسبوع دون أن يظهر انتقاد جديد له في كتاب أو في فيلم سينمائي أو على شاشات التلفزيون.

فالصحفيون يدلون بدلوهم والخصوم يتأهبون والأصدقاء ليس لهم وجود قوي على الساحة,وتردد الانتقادات بشكل عام سؤالا واحدا بسيطا هو لماذا لم يحقق شيراك انجازات أكبر.

وتساءل فيلم تسجيلي عرضته قناة فرانس-2 التلفزيونية في الفترة الأخيرة "لماذا ارتكب كائن سياسي موهوب في القدرة على الوصول إلى القمة... كل هذه الاخطاء." وخلص الفيلم إلى أن "هذا هو لغز شيراك.."

وكانت هذه هي أول مرة تعد فيها قناة تلفزيون حكومية تقريرا كاملا عن رئيس في الحكم وتستضيف طيفا واسعا من السياسيين الكبار يصورون شيراك باعتباره شخصا يمكن للمرء الميل اليه ولكن ليس بالضرورة إكباره.

ويقول فيليب سيجان العضو البارز في المعسكر اليميني الذي ينتمي إليه الرئيس "شيراك كان دون جوان سياسة. فهو اكثر انشغالا بالوصول للسلطة والبقاء فيها منه بممارسة هذه السلطة."

ويقول حلفاء الرئيس الذين تتقلص اعدادهم إن شيراك اصبح متلقي الصدمات الذي يخفف أثرها عن اليسار واليمين على حد سواء قبيل انتخابات 2007 في وقت تجاهد فيه فرنسا للتأقلم على العولمة.

وقال المؤرخ الان جيرار سلامة "الرئيس الحالي أصبح كبش فداء قدر عليه أن يتحمل جميع خطايا النظام الجمهوري." ووصف الانتقادات التي يتعرض لها الرئيس بانها عملية "تطهير معنوي" لمنصب الرئاسة قبل ان يشغله قادم جديد.

ودخل شيراك الوزارة في حكومة رئيس الوزراء جورج بومبيدو عام 1962. ومنذ ذلك الحين قفز من منصب إلى آخر وتولى مرتين منصب رئيس الوزراء في الفترة من 1974 إلى 1976 وفي الفترة من 1986 إلى 1988 وتولى منصب الرئاسة منذ عام 1995.

وعلى الأرجح لم يحقق أي سياسي آخر في الغرب مثل هذا النجاح في الوصول إلى السلطة لكن على الرغم من كل هذه الانتصارات يقول منتقدو شيراك انه سيتم تذكره بأخطائه العديدة وبخاصة عدم قدرته على تحديث البلاد.

ومن بين عناوين الكتب التي ظهرت على ارفف المكتبات هذا العام "غير المسؤول" و"شيراك والأربعين كاذبا" و"اطفالنا سيكرهوننا" و"فرنسا قادرة على تحمل الحقيقة" و"كفى كذبا ونفاقا ووعودا وثرثرة وخيانة وجبنا."

وفي أكثر الكتب مبيعا "مأساة الرئيس" يقول المؤلف فرانس اوليفييه جيبير إن شيراك كانت لديه شهية لا تشبع لكل شيء باستثناء الإصلاحات الحقيقية الصارمة.

وقال "إنه غول. يلتهم كل شيء بنفس الشراهة,الرجال والنساء والأفكار والأميال والحب والهزائم والوجبات الرخيصة. كل شيء في الحياة يتبع الدورة نفسها... عسر الهضم ثم الهضم ثم الإخراج,فهو لا يبقي على شيء ولا حتى الاصدقاء."

ومما يثبت هذه النقطة أن بعض اصدقائه السابقين نقل عنهم انتقاد الرئيس المسن الذي يعتبر أقل الرؤساء شعبية في تاريخ الجمهورية الخامسة.

ويقول وزير الداخلية نيكولا ساركوزي المحافظ الذي يأتي في طليعة المرشحين في انتخابات الرئاسة المقبلة "قد يعتقد المرء أن جاك شيراك غبي جدا ولطيف جدا لكنه في الواقع ذكي جدا وغير لطيف بالمرة."

واستخدم فيلم سينمائي بدأ عرضه في الصيف كلمات شيراك ذاتها للسخرية منه,واستخدم فيلم "ان تكون جاك شيراك" مقتطفات من تسجيلات تلفزيونية وتسجيلات اخرى لعرض صورة قاسية ولكن مضحكة للغاية للرئيس بعرض تصريحات متناقضة متتالية عن قضايا تتراوح من أوروبا إلى السلامة على الطريق.

واكسبته هفواته السياسية لقب "دوارة الريح" التي يتغير اتجاهها بتغير اتجاه الهواء مما يعطي منتقديه ذخيرة لا تنفد لمهاجمته.

وقال ريمون بار رئيس الوزراء السابق لقناة فرانس-2 "لديه القدرة على تغيير مواقفه السياسية مما يجعله من أكبر الانتهازيين. انه فارس الانتهازية."

لكن سجل شيراك يصعب تقييمه إذ يضم بوادر رمزية بقدر ما يضم سياسات ملموسة ووصم في سنوات لاحقة بفضائح فساد سياسي.

وفي حين حقق نجاحات لا يشكك احد فيها إلا ان الاستياء بسبب الاقتصاد واستمرار معدلات البطالة المرتفعة ومشكلات تكامل الاقليات العرقية طغت عليها.

ويقول المؤلف جيبير إن من المفارقات أن شيراك نفسه كان يعلم انه سيتعرض لانتقادات عنيفة إذا أمضى وقتا طويلا في الحكم.

ففي حديث خاص مع جيبير بعد فترة وجيزة من فوزه بفترة الولاية الأولى عام 1995 قال شيراك انه قرر عدم السعي لفترة ولاية ثانية عندما ينتهي أجل تفويضه.

وقال شيراك "هذا خطأ. عندما تبقى في السلطة لفترة طويلة في ديمقراطية ينتهي بك الأمر مطرودا بركلة من الخلف ناهيك عن كل الانتقادات التي ستتعرض لها."

لكن شيراك سعى لفترة ولاية ثانية وفاز بها. وكما توقع جاءت الركلات والانتقادات في موعدها. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى