وداعا حمادة وبوركت الشهادة

> «الأيام» مازن سالم صالح:

> كل من ساروا في شوارع جعار، في عصرية يوم الاثنين 18/9/2006م بلا شك قد شاهدوا أن العمارات قد تغيرت ألوانها، وسمعوا الطرقات وهي تصدر نحيبها وعاينوا المحلات ولوحاتها وهي ترتدي مشاهد الحداد.. فالقابض جل جلاله اختار بقدره (لأحمد محمد راوح حميد) أن يعود إليه شهيداً.. ويبعد عنه ضيق الدنيا ليشمله بسعته في الآخرة بفضله.

براءته مازالت تتراءى في مخيلتي.. سنوات مضت ومازلت إلى ما شاء الله مزاملا للأستاذ محمد راوح حميد، ورغم المشاغل إلا أن لقاءاتنا شبه يومية، بيد أني لم أتفطن لمعرفة طفله(حمادة) إلا إلى ما قبل حولين.. ومع ذلك فقد كان وجوده هادئاً ونادراً ما يلفت إليه الأنظار كغيره من الأطفال بمداعباتهم وشقاوتهم. مساء ذلك اليوم الاليم، استقبلت الخبر الفاجع.. ولم تكن لي من حيلة حيال زميلي العزيز محمد راوح إلا المواساة والعزاء.

ليلتها أدركت لماذا كانت الشوارع حزينة كئيبة، خافتة أضواؤها، وكأن أنفاس اللوعة تتصاعد من ظهرانيها.

استفقت من مخاض الحزن الرهيب، على فاجعة الرحيل المؤلم بمشهدياته المتواترة بين رواية وأختها.. سلمت بالقضاء وأيقنت أنها ساعة عودة الأمانة إلى مودعها.. فالأروح تعود إليه كل يوم مبتهجة بلقائه.. إلا من تأبى؟ تملكت نفسي كغيري ممن امتلأت صدورهم بالمرارة الشديدة، تجاه من يريد أن يغتال البراءة.. ليحصد النفوس بدم بارد وعدوان غاشم وجاهلية ما تبدت في أي من العصور المظلمة. بدا واضحاً أن أحمد كان ضحية لمسلسل العدوان الذي ما أنزل الله به من سلطان.. لكنها إرادة الطغيان ونفوس البغي التي لم تفئ من الضلالة ولم تؤب من الجهالة.. بيد أن إرادة القادر قد اختارت لحمادة أن يرحل ببروح كبيرة.. ستخلده الآمال المعقودة على أقرانه والتي أصبحت واقعاً برحيله، لكن عزاء والده وأخوته وزملائه.. تذكره دائماً بتخليد اسمه على مدرسته (الإيمان) بجعار.. التي كان يقصدها في الظهيرة إلى ما قبل رحيله بلحظات عندما عرج على والده الذي كان حينها بمقر فرع المؤتمر الشعبي بمديرية خنفر أثناء عمله باللجنة الإعلامية للانتخابات لكن المولى كان أكرم بحمادة ذي الربيع الحادي عشر، فكان الرحيل هو المقدر .. بمأساويته الأليمة بعبوة ناسفة، وضعت على نافذة المبنى ذاته.. لتنطلق روحه مرفرفة في ملكوت الله بإذنه إلى ميقاته المعلوم.. فلك الرحمة والمغفرة (يا أحمد) ولأهلك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان ..إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى