في ندوة منتدى «الأيام» حول الإعلام العربي والحماية القانونية للإعلاميين

> عدن «الأيام» خاص

> عقد منتدى «الأيام» مساء أمس الأثنين ندوة حول الإعلام العربي والحماية القانونية للإعلاميين استضافت كلا من الأخوة نضال منصور، مدير مركز حماية الصحفيين بالمملكة الأردنية الهاشمية، والمحامي نجاد البرعي، المستشار القانوني لمشروع الحماية القانونية للإعلاميين في المنطقة من جمهورية مصر العربية، وعزالدين الأصبحي رئيس مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان.(HRITC) وافتتحت الندوة بكلمة «الأيام» قدمها الزميل نجيب يابلي باسم الناشرين هشام وتمام باشراحيل وأسرة «الأيام» وقرائها المباشرين وعبر شبكة الانترنت.

نضال: نحتاج في الوطن العربي إلى جهد وتضامن لتغيير منظومة التشريعات التي تضع قيودًا على حرية التعبير والإعلام

البرعي: على المهمومين بحرية الإعلام البدء بالتفكير في كيفية مواجهة الأنظمة التسلطية الديمقراطية من الخارج والكائن المشوه في داخلها

< أعقبه الأخ نضال منصور، رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن رئيس تحرير جريدة «الحدث» الأردنية، بمداخلته التي جاء فيها: «أسعد الله مساءكم جميعا وأشكر منتدى «الأيام» على هذه الاستضافة الكريمة وليس سهلا ان أتحدث بين أساتذة أجلاء يعرفون بالحكمة وطول الباع السياسي والثقافي وايضا هذه أول مرة أجلس في مقيل للقات وأحاول ان أتعلم التخزين.

الاستاذ العزيز قال ان هناك خصومة بين الحكومات والمادة 19 وأنا أقول ان هناك خصومة بين النظام العربي وبين كل المواثيق وكل مواد حقوق الانسان الدولية، النظام العربي لا يقوم على نظام فصل السلطات ولا يؤمن بان هناك جهات رقابة من الأجدى بها ان تراقبه حتى يكون قادرا على التعبير عن آلام الناس وآمالهم هو يعتقد انه ورث هذه الارض بمن عليها وبالتالي هو لا يؤمن بالاساس بمبدأ التشابكية في السلطة ولا في الحكم وبالتالي كل هذه المواثيق هي أداة يستخدمها لتسويق نفسه ومن الواضح ان الأنظمة العربية من المحيط الى الخليج قد وقعت على كثير من المعاهدات الدولية ولكن التطبيق حلم صعب المنال ولذلك لن أبدأ باليمن او من اليمن لأقول ان الحكومة اليمنية من أكثر الحكومات تصديقا وتوقيعا للمعاهدات الدولية ولكن انظروا في هذا الفضاء المستباح للعالم العربي تستطيعون ان تجدوا بكل بساطة وبكل أريحية التي لم توقع على بعض المعاهدات حتى أميركا مش موقعة يمكن على المعاهدات الموقع عليها اليمن أو الأردن لكن قيمة الانسان في أمريكا وقيمة الانسان في الأردن تختلف، قدرة الانسان في أميركا على مساءلة السلطة تختلف عن قدرة الأردني على مساءلة السلطة ومحاسبة الفاسدين، ودور الإعلام في الرقابة وفي الحرية يعني جلالة الملك عبدالله يقول منذ عام 99م وحتى اللحظة ان حرية الإعلام حدودها السماء وأنا كنت أمينا لسر نقابة الصحفيين في ذلك الوقت ووضع شعار (كي تكون حرية الصحافة حدودها السماء) وبالتالي نحن نعمل ضمن هذه التوجيهات الملكية ولكن بعد سبع سنوات وفي كل لقاء أسأل أين هي السماء؟ هل تجاوزنا حدود الأرض؟ وأين هي السماء؟ والسؤال الأخطر من هو المسؤول اذا كان الملك يعطي تعليمات بأنه يريد حرية الاعلام ولا نجد ممارسة باتجاه حرية الاعلام وما يحدث في الأردن يحدث في اليمن فأنا أسمع خطابات للرئيس تدعو الى حرية للصحافة وأسمع في مصر الرئيس مبارك يدعو لحرية الصحافة ولكن لا توجد ممارسات داعمة لهذا الحق وهذه السلطة الرابعة بالعكس هناك تهميش وهناك تكسير متعمد لسلطة حرية الاعلام حتى لا تمارس أي من أعمال الرقابة على السلطة التنفيذية ولا حتى على السلطة التشريعية وأريد ان أقول ان بعض البرلمانات العربية أكثر تخلفا من الحكومات وأكثر تغولا من الحكومة على الصحافة وتغضب غضبا أكثر من السلطة التنفيذية وحتى من الاجهزة الامنية حين تنتقد، أنا أعمل في مشروع اسمه منتدى الاعلام البرلماني في الأردن وفي كل مرة نلتقي بالنواب يمشون أكثر من ساعة ليعاتبونا على أنه: أنتم تصورون البرلمان على أنه ضعيف، أنتم تنتقدون البرلمان أنتم لديكم اجندات شخصية.. وبالتالي حتى مبدأ النقد غير معمول به عند البرلمانيين أساسا الذين يفترض ان يكونوا أداة رافعة لحرية الاعلام.

المشكلة تبدأ من استقلالية الاعلام، السلطة تخشى من استقلالية الاعلام ولا زالت الصورة القديمة لا زالت مرتسمة في أذهان السلطة بأن هناك دبابة تذهب لاحتلال التلفزيون وتعلن انقلاب عسكري وتسيطر على الوطن حتى هذه اللحظة ما زالوا يفكرون بنفس الطريقة ان من يسيطر على الاعلام يسيطر على النظام وبالتالي يستطيع ان يعمل انقلاب فيما العالم تغير كثيرا والآن تستطيع عبر الانترنت او على الفضائيات ان تخاطب العالم في كل مكان ولم يعد الاعلام أداة للانقلاب مثلما كان البيان رقم واحد من الاذاعة او من التلفزيون يعلن سقوط نظام وقيام نظام لا زالت هذه الهواجس قائمة، ولكن ايضا لا بد ان نكون واضحين كإعلاميين بأن الاعلام لا يجب ان ينام في فراش الحكومة ويجب ان يكون هناك مسافة فاصلة واضحة محددة ومؤطرة بين الاعلام والحكومة هذا لا يعني أنني لن أبدأ يوميا بشتيمة الحكومة مثلما يقول نجاد محمد سيد أحمد بعد شتيمة الامير كان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يعني لا نريد ان نظل نشتم الحكومات بعبث كمان الصحافة التي تمارس الشتيمة علها مسؤوليات وأعتقد ان هذه من ضمن المشاكل.

إذن استقلالية الاعلام قضية أساسية وجوهرية لم تتحقق كيف؟ هناك مليون طريقة للسيطرة على الاعلام بدءا من شراء ذمم الاعلاميين وأنا أقول ان ذمم الاعلاميين العرب للأسف رخيصة، للأسف ان هناك جموعا كثيرة من الاعلاميين العرب يقبلون بالشراء، ربما يقول قائل بان الاعلاميين يعانون من وضع مادي بائس صحيح ولكن اذا كنا سنعطي لكل من سيكون يعاني من مشكلة اقتصادية ان يرتمي في حضن النظام او ان يقبل بشراء الذمم فنحن سنقرأ السلام على المجتمع وعلى وطن بأكمله، وايضا القوانين تعطي الحكومات القدرة على السيطرة على الاعلام في عام 92م بأنه لا يجوز للحكومة ان تبقى ملكيتها في الصحف أكثر من 20% وان ينفذ هذا القرار في 15/5/1997م وفي 15/5/1997م أصدرت الحكومة الأردنية قانون مؤقت اغلاق ثلاث عشرة صحيفة أسبوعية وألغت هذه المادة التي تحظر عليها ملكية أكثر من 20% في الصحافة وأبقت ملكيتها وغيرت العنوان من دائرة الاستثمار التابعة للحكومة الى الضمان الاجتماعي باعتبارها مؤسسة تابعة للشعب ولكنها في الأساس يعين من قبل الحكومة رئيس مجلس الادارة وبالتالي يسيطر على الصحف بهذه الطريقة، إذن السيطرة على الصحف واستقلالية الاعلام هذا يجب ان يكون هاجس اساسي اذا أردنا للاعلام ان يلعب دورا فاعلا ولذلك انظروا حينما يكون هناك اعلام مستقل في بعض الدول ماذا يفعل، أريد ان أعطيكم نموذج لراديو صغير اسمه (موزاييك) FM في تونس اصبح لديه 90% من المستمعين وهو راديو يستخدم اللهجة المحلية والانترتيمنت أي الترفيه ويضع نشرات أخبار لا تتجاوز أربع نشرات لمدة ثلاث دقائق ولكن الناس كفروا بالاعلام الرسمي ولم يعودوا يصدقوه لذلك أنت تسمع من الاخوان الاساتذة الافاضل أنهم كانوا يسمعون الاذاعة الاسرائيلية او البي بي سي ليعرفوا ماذا كان يحدث في الوطن العربي سابقا الآن هناك الجزيرة وهناك العربية وهناك محطات كثيرة جدا وأنا ممن لديه تحفظات على الجزيرة ولكنني ممتن للجزيرة لأننا نحتاج ليس الى جزيرة واحدة بل نحتاج الى مائة جزيرة حتى تحرك هذه البركة الآسنة والراكدة في الاعلام العربي رغم اننا نعلم انها لها أجندة سياسية وأعلم ان أمير قطر سأل في أول عام كم دفعنا على الجزيرة قالوا له تقريبا دفعنا مليار فقال فليكن انها ثمن دبابة او طائرة وأصبحت قطر دولة عظمى وأصبحت قطر تلعب اقليميا واصبحت لاعبا إساسيا بفضل الجزيرة ولأنها تستطيع ان تؤثر في القرارات.

سأنتقل من الاستقلالية الى التشريعات وهو الموضوع الذي يعد محورا أساسيا لعملنا في اليمن والمنطقة العربية انظروا للتشريعات العربية لتعرفوا حجم الكارثة وليست التشريعات الاعلامية وحدها ربما تمتد الى تشريعات السياسة والاحزاب والاقتصاد لكن التشريعات الاعلامية تحديدا التشريعات مثل المصائد، النظام او المشرع يستخدم التشريعات ليحاول الايقاع في الاعلاميين ولا ينطلق المشرع في الحكومات العربية من فلسفة الاباحة والحق في ان الحرية هي الأصل ولذلك نحن نحتاج الى جهد وتضامن لتغيير منظومة التشريعات التي تضع قيودا على حرية التعبير وحرية الاعلام نحن نحتاج الى تغيير مناخ كامل وليس فقط ان نقول اننا نريد ان نغير هذه المادة او تلك المادة، الحكومات العربية تحيل الصحفي العربي الى قانون العقوبات وقانون الوثائق وأسرار الدولة وقانون المطبوعات وقانون الاعلام المرئي والمطبوعات وحوالي أكثر من عشرين قانونا تستطيع ان تحيل الاعلامي عليه، إذن لدينا مشكلة التشريعات تحد من الحرية، وأريد ان أقول عن نقطة ربما تكون هي الأكثر أهمية وهي ان أكثر من 50% من انتهاكات حرية الصحافة لا تتم بالقانون وانما تتم خارج اطار القانون وهناك بين الصحفيين عرف للمكالمات الهاتفية، المكالمات الهاتفية لا أدري ان كان النظام معمول به في اليمن أم لا ولكن معمول به على الأقل في الأردن أو في مصر ولا يتصل الوزير وانما يتصل المسؤول الأمني رجل المخابرات او رجل أمن الدولة يتصل بك معاتبا: يا استاذ نضال انت انسان كويس وأحنا بنحبك يا أخي بس هذا الموضوع، طبعا الموضوع بيكون لسه ما صدر والجريدة لم تطبع بعد أساسا ويعاتبك على موضوع لم يصدر لأن غالبية الصحف المستقلة الصغيرة لا تمتلك مطبعة وتذهب للطباعة في مكان آخر ويكون المخبرين بالمرصاد إما الصفيف وإما الذي يطبع المهم مليون واحد متطوع، ويتصلوا بك الساعة اثنى عشر ليلا: يا حبيبي بس تغير هذا الموضوع لأن هذا الموضوع بيزعل مش عارف مين، وبالتالي ما يتم خارج اطار القانون من اعمال تدخل وانتهاك وضغط ومحاولة لكسب الناس والتهديد والتلويح هو الأهم وهو الأخطر وهو الذي لا نستطيع ان نحاسب عليه وهو الامر الذي لا نستطيع ان نوثقه وهذا أمر ربما تتفق عليه كل الحكومات العربية من المحيط الى الخليج بان المكالمات الهاتفية طبعا هذه المكالمات هو الاسلوب الناعم في الغزل ما بين الصحفيين والاجهزة الامنية ولكن اذا كانوا غاضبين كثيرا فهناك مليون طريقة حادث سيارة او اعتداء في الطريق او صحفي بيختفي إذن في مليون طريقة للموضوع، إذن لدينا تشريعات سيئة ولدينا استقلالية ضعيفة ولدينا انتهاك بطريق خارج اطار القانون ولدينا قضاء غير مستقل للأسف ان القضاء في الوطن العربي غير مستقل وقضاء يسيس وأريد ان أخبركم عن قضية حدثث وهي قضية الرسوم الكرتونية أعاد صحفيان في الأردن نشر الرسوم الكرتونية ليقولوا للجمهور الأردني ما هي الرسومات التي تضج عليها العالم ووضعوها بشكل صغير جدا وكتبوا مقالات نقدية وهجومية ضد الدنماركيين وماذا حدث وضعوا في السجن وبعد واسطات وتدخلات وضعناهم في المستشفى لمدة أسبوع والآن حكمت المحكمة بإدانتهم الاسبوع الماضي إذن تسييس القضاء والسيطرة على القضاء وبالتالي اذا كنت كإعلامي انت تقول ان الملاذ الاخير هو القضاء ولكن حين تعلم ان هذا القضاء مسلب ومسيطر عليه ان تواجه أزمة ان لا موارد لك وان الاجهزة الامنية تلاحقك وان القضاء لا ينصفك وان المجتمع وهذا مهم جدا سواء أكان مجتمعا قبليا او عشائريا لا يستوعب وليس حاضنا لحرية التعبير وللاسف أقول ان الأخطر حينما يكون المجتمع معاديا لحرية الاعلام وليس حاضنا لحرية الاعلام وأريد ان أقول لكم مثال بسيط جدا في عام 97م كتبت مقال اسمه العشائريةو الجنوب والعشائرية والمجتمع المدني وكان ذلك بعد مظاهرات للخبز في الجنوب وقلت ان النظام عود الناس على شراء الذمم وانه حين يسمح لهم بالتهريب وحين يقوم بشراء ذممهم يصمتون وحينما يحاول ان يغير هذه المعادلة يتظاهر الناس ضده فجاءتني مكالمات التهديد بالقتل وبعد جهود وضع تلفوني تحت المراقبة الهاتفية وتلقيت حوالي خمسين مكالمة تهديد وبعد حوالي شهر ونصف اتصل بي مدير الشرطة في العاصمة في عمان وقال استاذ نضال تعال اشرب قهوة عندنا فقلت أجي بمحامي ولا بدون محامي فقال لا بدون محامي فذهبت فقال لي انت قدمت بلاغ بأنك تتعرض للتهديدات قبل شهر ونصف قلت له نعم فقال هل انت مستمر في الشكوى قلت له مستمر في الشكوى وسألته هل يعرف من اتصل فقال أحنا بس حابين ان نتأكد فطلبت منه معرفة من الذي اتصل فقال لي بنبلغك في اليوم، ذهبت اليه مرة أخرى فأبلغني أن المكالمات الهاتفية صادرة من أحد النواب وأنه يمثل رمز الأكثر تشددا والأكثر محافظة والأكثر عشائرية واسمه أحمد عويد العبادي وقال لي هل تشتكي عليه وأنا كنت عارف أنهم بدأوا في خلاف سياسي معه ويريدوا ان يكسروه فقلت له أريد ان اتصل وأشاور فقال من تشاور فقلت له سأشاور رئيس الحكومة ومدير المخابرات فقال لي ليه؟ فقلت له اذا كنتم ناوين تحاولوا ان تبنوا شعبية له على ظهري فلن أشتكي عليه أما اذا كنتم ناوين تأدبوه فأنا راح أشتكي عليه لأنه في قبل شهر كان عامل مظاهرات ضد القضاء أمام المحكمة ولم يتم أي اجراء ضده فاتصلت برئيس الحكومة ومدير المخابرات وقال انسى الموضوع فنسيت الموضوع.. هذه باختصار ربما تكون بعجالة أزمة الاعلام العربي وهي أزمة فيها قواسم مشتركة كثيرة في اليمن القبيلة تحكم واعتذر منكم نحن نتكلم عن الاشياء السلبية للقبيلة ولا نتحدث لا عن الكرم ولا عن النخوة خلونا من هذه الاشياء يا أخوان ملينا كل مرة في الاردن نتكلم يقولك العشيرة والقضايا والاخلاق الحميدة بينما في مليون علة لماذا لا نكون في مجتمع مدني لماذا لا نتحول الى مجتمعات مدنية العشيرة والأمن والرقابة والزملاء.

وآخر قضية هي الحرفية نحن لدينا مشكلة دائما نشتم الحكومات ولا نشتم أنفسنا، لدينا مشكلة بأن ليس لدينا احتراف ومهنيتنا ضعيفة وهذا يسهل على الحكومات الانقضاض علينا والانتقاص من قدرنا لذلك نحن في مركز حماية الصحفيين نعتقد ونصر بأن الخطر ايضا في داخل المجتمع الصحفي الغير المؤهل، المجتمع الصحفي الذي لا يعرف حقوق الانسان، المجتمع الصحفي الذي يقبل الرشوة، المجتمع الصحفي الذي لا يحترم المرأة، كل هذه العلل والامراض نتشارك فيها وأعتقد انها القاسم المشترك وشكرا لكم».

< نجاد البرعي، المستشار القانوني لمشروع الحماية القانونية للاعلاميين في المنطقة ومحام بالنقض ورئيس مجلس ادارة جماعة بيئة الديمقراطية بالقاهرة، قال في مداخلته في الندوة: «عندما يطلب مني ان أتكلم في مثل هذا المحفل الكريم أشعر بكثير من الفخر والكثير من الخجل في الوقت نفسه، الفخر لأن هذه الدعوة تمثل عندي قيمة والخجل لأنني كان يجب ان أكون أكثر استعدادا لمخاطبة عقول صحفية وفكرية في هذا المكان وفي تلك الصحيفة المتميزة، ولكن لأننا في الأيام ومع الأيام فأتصور انه معالجة او مناقشة هموم الصحافة العربية أمر في غاية الأهمية نستطيع ان نتشارك فيها جميعا، المشكلة الأولى التي تواجه الصحافة العربية ربما خبرتي عن اليمن أقل أنتم تعرفون أكثر وخبرتي عن دول أخرى بما فيها مصر أكبر وهي جزء منها مشكلة اقتصادية ترتبط بالنظام السياسي عندما بدأت عمليات التأميم في الستينيات طالت فيما طالت في بلدان كثيرة الصحف ولكن الأهم من أنها طالت الصحف كصحف هي طالت ما يمكن ان نطلق عليه الوقود الذي يمول الصحف، عندما أممت الدولة كل المرافق الاقتصادية فهي قد جمعت في قبضتها السلطة والثروة وهذا أعطى لها في الحقيقة مكنة بدأت منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اللحظة لإمكانية التأثير على الاعلام في الاعلام حتى فيما لو لم تتدخل فيه بالتشريع.

الاعلانات مثلا هي مسألة مهمة لبقاء الصحف صحيح ان دول كثيرة الآن تتحدث عن التخصيصية والتحول الى القطاع الخاص ولكن في ظل بنى سلطوية في الاساس يظل رجال الاعمال رهائن في قبضة الدولة وتستطيع الدولة ان تستخدم رجال الاعمال للتأثير في الصحف بمنع اعلانات عن بعض الصحف او بمنح بعض الصحف اعلانات لأنه اذا غابت دولة الحق والقانون بشكل عام تتشكل كطبقة من رجال الاعمال هم أقرب التصاقا بالسلطة إذن من يدعون ان الدولة عندما تخلت عن الثروة عن طريق طرحها مسائل كثيرة جدا للبيع يعني عملية الخصخصة قد قلت قدرتها في التأثير على الصحف هذا أمر غير صحيح.

هناك مشكلة أخرى في الحقيقة هي ما يمكن ان نطلق عليه القبضة الناعمة للسلطة نتيجة أوضاع اقتصادية صعبة تستطيع الحكومات العربية ان تصل الى ما يطلق عليه مش عايز أقول رشوة انما بالإغراء الى ما لا تستطيع ان تصل اليه بالتهديد وحكوماتنا العربية تمتلك كثيرا من الاغراءت على المستويات المادية تمتلك وعلى مستوى ان تكون جزءا من السلطة تمتلك اذن هي تستطيع بسهولة جدا ان تمرر كثيرا من مشروعاتها.

الجزء الثالث الذي تؤثر فيه هو تملك الصحف في مصر الحكومة المصرية اتبعت طريقة أرجو ان لا تنتقل اليكم وان لا تنتقل الى أحد وهي فكرة اغراق السوق بمعنى ان كاتب متميز مثل محمد حسنين هيكل لا يستطيع ان يحصل على ترخيص صحيفة ولكن من ليسوا بصحفيين على الاطلاق او من نطلق عليهم بصحفيي الدرجة الثالثة يستطيع ان يحصل على ترخيص صحيفة بمعنى ان السوق يغرق واذا ذهبنا الى أي مسؤول الآن في مصر وقلنا له ان مصر لا تحرر ملكية الصحف ولا تسمح بملكية الصحف حيقولك انت كذاب لأن مصر تصدر فيها أكثر من ألف وخمسمائة صحيفة هذه الصحف اتبعت فيها الحكومة سياسة الاغراق إذا نزلت عند أي حد بيبع جرائد سوف تجد عشرات من العناوين لكنها من الدرجة الثالثة وتهدف الحكومة من ذلك الى هز ثقة المجتمع بالاعلام لان هناك كثيرا من الصحف في الحقيقة تكتب أشياء لا يمكن يرضى بها المجتمع تعتمد على الاشاعات تعتمد على الوقوع في أعراض الناس تعتمد الابتذال لا تعتمد الحقيقة لا تبذل جهد هذه الصحف يجري تشجيعها من قبل الحكومة ويجري اعطاء بعضها اعلانات لتعيش.

أمر آخر لدينا في مصر لا أدري اذا كان لديكم ايضا لكنه جزء أساسي مما نطلق عليه قتل الصحافة لأن أنا في رأي ان الحكومات العربية ولا أحب ان أعمم تريد ان تقتل الصحافة بطريقة ناعمة لم يعد زمن حبس الصحفيين او ضربهم ولا تعطيل الجرائد، الآن يد الحكومات مغلولة الفكرة الأصلية ستبدأ هذه العملية من الاغراق الى ان تطالب الناس نفسها بوضع قيود على الرسالة الاعلامية. أتذكر مقال للاستاذ صلاح عيسى وهو صحفي يساري ورئيس تحرير جريدة تصدر في القاهرة واسمها القاهرة ايضا قال اذا استمر الحال على ما هو الآن ستخرج الناس للمطالبة بإغلاق الصحف وليس الدفاع عن الصحف.

الآفة الرابعة هي سياسة المن، في مصر مثلا تمنح الحكومة المصرية حوالي أربعة مليون جنيه كل سنة لنقابة الصحفيين كدعم غير مباشر للصحفيين يتقاضى كل صحفي من الحكومة المصرية ثلاثمائة وخمسة وسبعين جنيه شهريا عن طريق نقابة الصحفيين يحولهم المجلس الاعلى للصحافة الى نقابة الصحفيين تتولى توزيعهم لتكون نقابة الصحفيين هي النقابة الوحيدة التي تمنح منتسبيها مال بدل من ان تتقاضى منهم اشتراكات بل هذه الطريقة أصبحت نقطة للضغط على الصحفيين اذا نقيب الصحفيين أخذ موقفا متشددا او عرف عنه التشدد او حاول ان يتشدد تتباطأ الحكومة في تحويل هذه الاموال بحجة انه ليس عندنا فلوس وان شاء الله فيبدأ الصحفيون يتحولوا من الهجوم على الحكومة الى الهجوم على النقيب الراجل الذي منع عنهم هذا الخير الذي كان يصلهم شهريا فاستطاعت الحكومة ان تنشئ مجموعة مصالح هذه مسألة مهمة للغاية.

إذن عبر هذه الادوات كلها استطاعت أغلب الحكومات العربية ان تقوم بالسيطرة فعليا على مجريات السياسية الاعلامية طبعا حتفلت صحيفة هنا وكاتب هناك لكن ده مش مهم.

أنا أريد ان أقول لكم بأنني لم أعد أخشى من القوانين كثيرا لأنني مدرك ان القوانين في طريقها للتحسن في مصر الآن ألغوا عقوبة الحبس في بعض القضايا المتعلقة بالمطبوعات وأصبح هناك غرامات وأنا في رأيي انها غرامات ليست كبيرة نتكلم على ألف دولار بحد أقصى لكن المشكلة الآن ان الحكومات تبحث عن طرق لتقييد الرسالة الاعلامية وأهمها الطريقة التي أصبحت في مصر الطريقة الأكيدة للسيطرة على الرسالة الاعلامية هو اعلانات توجه بذاتها الى مجموعة من الصحف وتحرم منها باقي الصحف لدينا مثلا أحمد بهجت يملك مجموعة شركات دريم لها قناة فضائية اسمها دريم وكان فيها صحفي اسمه ابراهيم عيسى بيقدم برنامج في دريم اسمه على القهوة بدأ ابراهيم عيسى صوته يعلى وبدأت قناة دريم صوتها يعلى فإذا بالبنوك تطالب أحمد بهجت فجأة بكل مستحقاتها لديه، فجأة أحمد بهجت فوجئ بأنه مطلوب منه تسديد كل القروض التي أخذها من البنوك دفعة واحدة فألغى البرنامج ومشى ابراهيم عيسى وانتهى الموضوع.

يبقى الجزء الأقل اهتماما بالنسبة للتطور السياسي وهو التشريعات في تقديري ان اليمن مثل مصر ستشهد تطورا في التشريعات الخاصة بالاعلام لأن العالم ما عاد يقبل ان يحبس صحفي او تغلق جريدة هذا أصبح شيء فج اتفق الضمير الاعلامي على رفضه وأصبح ممجوجا وأنا في تصوري ان في تطورات حتصل في الاعلام حتصل في مسألة الحبس يعني بدأت في مصر متكررة الآن في أكثر من دولة عربية منها الأردن وبيتكلموا عنها الدول بأنه لا داعي للحبس وأنا عايز أقول لكم بأن عدد أحكام الحبس وأنا محامي وأعمل مع صحفيين ومع صحف كمستشار قانوني في السنة التي فاتت والتي قبلها لم يصدر الا حكم حبس واحد في مصر ولم ينفذ منذ أربع سنوات في مصر لم ينفذ حكم حبس واحد حتى لما كان بيصدر حكم حبس كان النائب العام بيبادر الى ايقاف تنفيذه الى حين الفصل في الطعن بالنقض وأنا بتقديري فكرة الحبس انتهت في مصر وستنتهي في بلدان أخرى لكن حيبقى ان النظم التسلطية حتبحث دائما عن ثغرات للسيطرة تكلمت عن بعضها وعلى المهمومين بحرية الاعلام انهم يبدأوا من الآن في التفكير كيف يمكن ان نواجه الأنظمة التسلطية عندما تتحول من الخارج أنظمة ديمقراطية ولكنها في داخلها نفس الكائن المشوه المريض.. وشكرا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى