قصة قصيرة بعنوان (فاتورة نفس)

> «الأيام» مازن فاروق رفعت:

> اصمد يا ابن اللئيمة! .. قالها وهو سادّ أنفي ولديهِ برجليه، وبيديه أنفه وأنف زوجته التي قالت له: ارحمهما مازالا صغيرين! .. - بل العكس!.. يجب أن يعتادا من هذه السن المبكرة، فالعلم في الصغر كالنقش في الحجر!

- على الأقل دعهما يتنفسان ربع ساعة بدلاً من أن تدعهما يتنفسان مثلنا خمس دقائق من كل ساعة!

- طبعاً الكلام سهل! فليس أنت من يدفع الفواتير! هل نسيت كم بلغت فواتير النفس الشهر الفائت!

- أجل أذكر.. لكنهما ما زالا صغيرين!

- إن عداد التنفس لا يفرق بين صغير وكبير!

نظر إلى ساعته وهتف: لديكم خمس دقائق للتنفس بسرعة!

ولما أطلقهما، سقط أحد الطفلين جثة هامدة، بارتياع شديد صرخت الأم: ولدي!

تلقى فاتورة النفس، ألقى نظرة عليها، لم تختلف عن الفاتورة السابقة إلا بمقدار يسير، فقرر أن يجعل مدة التنفس أربع دقائق من كل ساعة.

***

- اصمد يا ابن اللئيمة! لا تكن مثل أخيك الضعيف!

- ألا يكفيك أنك قتلت أخاه بل وتنقص دقيقة من أنفاسنا!

- لست أنا من قتل ابنك يا امرأة!

- أي قلب تملك؟!

- القلب الذي يريد لكما الحياة!

- ويحك! عن أي حياة تتكلم وأنت تعدمها!

- لو تركتكم تتنفسون كما يحلو لكم، لارتفعت الفواتير ولعجزت عن تسديدها الأمر الذي سيجعلهم يقطعون عنا الهواء لنموت جميعاً! هل فهمت الآن يا امرأة؟!

نظر إلى ساعته وهتف: أمامكما أربع دقائق وليس خمس.. تذكروا.

أطلقهما ليسقط الولد الآخر ميتاً، تسلّم فاتورة النفس، لم تختلف عن سابقتها، فعزم أن يجعلها ثلاث دقائق بدلاً من أربع.

***

- اصمدي يا امرأة بقي القليل!

- وما فائدة الصمود وقد خسرنا فلذات أكبادنا!

- سنأتي بغيرهم!

- حقاً! وهل سنفعل ذلك في ثلاث دقائق؟!

- كفي عن الترهات يا امرأة واستغلي الدقائق التي أمامك!

لكنها سقطت ميتة، تسلّم فاتورة النفس، لاحظ أنها بدأت تنخفض لكن ليس بالقدر المطلوب، فجعلها دقيقة.

ستون دقيقة يصمد لينال دقيقة، وأربعاً وعشرين ساعة يصمد لينال أربعاً وعشرين دقيقة نفس، لم تمر الثلاثون يوماً حتى تحول إلى مومياء، تسلّم فاتورة النفس، ابتسم برضا، أدخل يده في جيبه وأخرجها خاوية، فابتسم ابتسامة أخرى، ومات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى