ببراءة

> سحر بعاصيري:

>
سحر بعاصيري
سحر بعاصيري
مستوى التنديد بجريمة اغتيال الوزير والنائب بيار الجميّل يبدو في الظاهر انه بلغ الاجماع. تنديد عابر للموالاة والمعارضة، عابر للاحزاب والتكتلات والتيارات على اختلاف مواقعها ومواقفها، بل عابر للحدود شرقاً وغرباً.

اجماع يفترض ان يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية فقط لو كان في الامكان التصديق ببساطة وبراءة انه يتجاوز الظاهر.

لكن ثمة مفارقات بل تناقضات في عدد من المواقف لا يجوز تجاهلها، خصوصا ان لا لبس في من هو بيار الجميّل وما يمثّل ومن يمثّل.

فبالامس القريب جدا وصف البعض الحكومة التي ينتمي اليها بيار الجميّل بأنها حكومة السفير الاميركي فيلتمان. والعجيب ان هذا الفريق نفسه راح يوجه أصابع الاتهام باغتياله الى اميركا معززا اتهامه بما قال انه"كواتم صوت تلقتها السفارة الاميركية في وقت سابق". فهل تكون اميركا بدأت بتوجيه كواتم مسدساتها الى وزراء الحكومة التي يفترض البعض انها حكومتها؟

وبالامس القريب ايضا ولكن الابعد قليلا، سمعنا من يتهم قوى الاكثرية التي كان بيار الجميّل أحد أركانها بأنها منتج اسرائيلي. والعجيب ان هذا الفريق نفسه اليوم يلمح الى اسرائيل باغتيال الجميّل، وكأن اسرائيل تقوم بتدمير منتجاتها.

وبعد الاغتيال مباشرة أطل علينا من يقول عن الاكثرية الحاكمة انها "كلما كانت في مأزق تحتاج الى شيء يعومها"، وان اغتيال الجميّل "أربكنا وأربك كل صفوف المعارضة التي كانت تتحضر للنزول الى الشارع". لا عجب ان نكون قرأنا كلاما مطابقا لذلك في صحف غير لبنانية. العجب ان يتصور اصحاب هذه النظرية مثلا ان الاكثرية تجتمع كلما اعتبر معارضوها انها في مأزق، وتقرر ان تفتدي أحدا من بينها، وأن الخيار هذه المرة وقع على بيار الجميّل. فذهب الى حتفه راضيا بنصيبه وبالمهمة التي اختير من اجلها، "تعويم" الاكثرية او ربما لهدف اسمى هو مجرد "ارباك" المعارضة.

مفارقات نسجلها كما هي، بمعزل عمن هو القائل. مفارقات ان دلت على شيء فعلى غلبة السجال السياسي على ضرورة الاجماع على المحكمة الدولية لمعرفة الحقيقة ووضع حد لكل شك او اتهام.

والواقع انها مفارقات تضع موضع الشك صدقية اجماع كان يفترض ان يتحقق على استنكار هذه الجريمة لما تحمله من مخاطر على وحدة لبنان واستقلاله في ذكرى استقلاله.

عن «النهار» اللبنانية 23 نوفمبر 2006

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى