حتى يحق الحق والإنصاف لأبناء عدن

> حسن بن حسينون:

>
حسن بن حسينون
حسن بن حسينون
عندما كتب الأخ والزميل العزيز بيومي مراد حسين في صحيفة «الأيام» الصادرة بتاريخ 8 نوفمبر الجاري موضوعاً بعنوان: «من يرد الاعتبار للسجل الوطني والنضالي لأبناء عدن» كان متواضعاً إلى أبعد الحدود، مع أنه من أبناء عدن الباسلة وكان من بين المشاركين في مقاومة الاحتلال البريطاني طيلة أربع سنوات من المقاومة الشعبية التي انتهت بنيل الاستقلال الوطني، فبتواضع جم قدم كشفاً بعدد لا يتجاوز الثلاثة آلاف من المناضلين للحصول على مستحقاتهم كغيرهم من المناضلين من بقية المناطق الجنوبية.. ومع ذلك فإن اللجنة المشكلة لإعادة الاعتبار لأبناء محافظة عدن لم توافق سوى على عدد لا يتجاوز أصابع اليد.

لقد كان محقاً عندما تساءل آنفاً حول من يرد الاعتبار للسجل الوطني النضالي لأبناء عدن؟ وأضيف من عندي من هي هذه اللجنة ومن أعطى لها الحق في أن تصنف هذا مناضل وذاك غير مناضل وسوف نرد على هذه الأسئلة لاحقا.

من وجهة نظري الأكيدة والصادقة أن ذلك العدد الذي أقرته اللجنة كان ظلماً وإجحافاً بحق أبناء عدن وأن ما بذله أبناء عدن دون استثناء من بسالة ومن تضحيات جسيمة في مقاومة الاحتلال خلال أربع سنوات قبل رحيله يفوق كل التصورات مقارنة مع ما حدث في جميع مناطق الجنوب ومن بينها لحج وأبين وردفان والضالع وأن عدد الشهداء كان أغلبهم من عدن، إضافة الى ذلك فقد تحدوا وقاوموا الترسانة الضخمة من الأسلحة وعشرات الآلاف من القوات البريطانية تحملوا الحصار وقطع المياه والكهرباء عن الأحياء السكنية والزج بالمئات في السجون والمعتقلات ومعسكرات الاعتقال بالأسلاك الشائكة في طول وعرض مناطق وأحياء كريتر والمعلا والتواهي وخورمكسر والشيخ عثمان تحت حرارة الشمس الحارقة والرطوبة القاسية ومازال الكثيرين يتذكرون الدروس البطولية والتضحيات الخارقة التي قدمها أبناء حي كريتر في 22 يونيو وعلى مدى 21 يوماً في ظل الحصار وقطع المياه والكهرباء عن كل ساكني ذلك الحي بشكل عام، الجميع شاركوا في المقاومة دون استثناء ولم تقتصر على البعض دون غيرهم فلماذا كل هذا الظلم والإجحاف بحق أبناء عدن البواسل وغيرهم من بقية المناطق الجنوبية الذين تواجدوا في عدن أثناء سنوات المقاومة الشعبية. وبصراحة فإن الكشف بأعداد المناضلين الذي تقدم به الأخ بيومي كان أقل بكثير مما قدمه أبناء عدن من تضحيات ولا يتجاوز نسبة 5%.

وللرد على بعض الأسئلة السابقة نضع أمام الجهات المعنية وبالذات رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والمعنيين بإدارة مناضلي الثورة اليمنية بعض الملاحظات الهامة.

ما هي الشروط والمعايير لمناضلي الثورة اليمنية ومن يحدد تلك الشروط والمعايير؟

لقد وضعنا الأخ بيومي مراد حسين من خلال الكشف الذي تقدم به أمام أكثر من سؤال واستفسار حول ما ذكر، وبداية نقول إن قضية مقاومة الظلم والنظم الجائرة في شمال اليمن والاحتلال البريطاني في الجنوب هي قضية وطنية عامة وشاملة تشترك فيها جميع فئات الشعب وهي واجب وطني على كل فرد وذلك ما حصل في الشمال بعد سقوط حكم الإمامة والدفاع عن الثورة أثناء الحرب الأهلية حتى تم وقف تلك الحرب في ضوء الصلح أو المصالحة الوطنية بين الجمهوريين والملكيين، وكذا بالنسبة للجنوب طيلة أربع سنوات في مقاومة الاحتلال البريطاني. تلك الفترات من الثورة والحرب الأهلية والمقاومة الشعبية في الجنوب كيف يمكن تصنيف المقاومين أو المشاركين فيها؟ وكما أشرت آنفاً فإن المشاركة كانت جماهيرية شعبية ولا يمكن لكائن من كان أن يصنف من هو المناضل ومن غير المناضل لأن المشاركة كانت واجبا وطنيا على الجميع وذلك ما حدث في الشمال وفي الجنوب لأن الواجب الوطني لا يخضع للمزاد العلني أو البيع والشراء إلا إذا تم ذلك التصنيف على الباطل وعلى العلاقات المناطقية والقبلية والعشيرة والعائلة، ذلك هو الباطل بعينه وهو ما حدث في الشمال وفي الجنوب وكان له مردودات سلبية مع تطور الأحداث اللاحقة.. وحتى نقطع الطريق على المزايدين ومناضلي الأمس القريب وفي الوقت نفسه مساعدة الجهات المعنية التي تتحمل هذه المسؤولية الكبرى نطرح وبمجهود ذاتي ما يلي:

يمكن تصنيف مناضلي الثورة اليمنية وحرب التحرير خلال الفترة المذكورة وفقاً للشروط والمعايير التالية:

1- كل من اشترك في عمليات عسكرية للمقاومة وعلى إثرها تعرض للاستشهاد إو الإصابة بجروح مختلفة أيا كان نوعها، وفي هذه الحالة يمكن تحديد من هو المناضل الحقيقي.

2- إن أية مشاركة حتى ولو كانت في العديد من العمليات العسكرية دون أن يصاب صاحبها بأذى فإن ما قام به هو واجب وطني على الجميع كما ذكرنا لا يخضع للمزاد العلني أو العرض والطلب وكل ذلك يقتصر على فترة المقاومة ضد البريطانيين وما بعد سقوط الإمامة والحرب الأهلية بين الملكية والجمهورية وحتى عقد المصالحة الوطنية التي وضعت حدا لتلك الحرب.

ما بعد تلك المرحلة

ما هي الشروط والمعايير للمناضل الوطني؟

في ظل النظم الوطنية في الشمال والجنوب تميزت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعدم الاستقرار وبالصراعات وبالخلافات والحروب بين الفرقاء المتصارعين وبسببها سقط عشرات الآلاف من الضحايا. ومن وجهة نظري أن كل ما حدث حتى الوقت الحاضر لم تكن صراعات أو خلافات وطنية وإنما كانت صراعات وحروبا من أجل المصالح الضيقة والنفوذ والسيطرة على السلطة والتي من أسبابها التخلف السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي وموروثات التعصب القبلي المتخلف. وقد تميزت تلك النظم حتى ما بعد الوحدة والحرب بالشمولية ودكتاتورية القبيلة والعسكر ولم يكن هناك وجود للحزبية سوى الأسماء التي رفعها الحكام في الشطرين وعلى الشعارات البراقة الكذابة التي هي للتضليل فقط وفي هذه الحالة لا يمكن إعطاء تسمية مناضل لكائن من كان في الشمال أم في الجنوب وغير ذلك فهو باطل مائة في المائة ، أما الجانب الإنساني في التعامل مع جميع الضحايا الذين قتلوا نتيجة لتلك الصراعات خلال الفترة الثانية التي حددناها فيمكن تصنيفهم بالشهداء أو ضحايا الصراعات والحروب الأهلية.

نعود إلى ما كتبه الأخ بيومي وهو محق في ما كتب وحق مشروع لكشف الحقائق والأساليب المبنية على الباطل وعلى العلاقات المناطقية أو القبلية في الجنوب والتي ظهرت من خلال الكم الهائل من كشوفات مناضلي الثورة وحرب التحرير التي رفعت من جميع المحافظات الجنوبية وتحتوي على عشرات الآلاف من الأسماء طيلة العقود الماضية مع أن الأغلبية منهم لم يشاهدوا في حياتهم بريطانيا واحدا وبعضهم من مواليد السبعينات والثمانينات فكيف أصبحوا مناضلي؟! نعم لقد استخدم هؤلاء أثناء الصراعات والحروب الأهلية ومن استخدمهم هو من منحهم شهادة مناضلي الثورة اليمنية، و ذلك يعد جريمة وطنية وباطلا 100%. كيف أصبح هؤلاء مناضلين في الوقت الذي شارك فيه أبناء عدن وقدموا التضحيات وكل غال ونفيس في سبيل الحرية والاستقلال للجنوب ويحرمون من ذلك الحق المشروع فتأتي ما أطلق عليها لجنة إعادة الاعتبار لمناضلي مدينة عدن وتخرج في نهاية المطاف بفضيحة مجلجلة بحق أبناء عدن الطيبين وتقرر عددا لا يتجاوز عدد أصابع اليد وضمهم في كشف مناضلي الثورة وحرب التحرير. إن هذه اللجنة باطلة وقامت على باطل ولا يحق لها أن تصنف وتحدد من هو المناضل من غير المناضل.

وفي ضوء ما ذكرناه فإننا نطالب بوضع الأمور في نصابها الحقيقي والمتمثل بالأخذ بما طرحناه آنفاً من شروط ومعايير مطلوبة لمناضلي الثورة اليمنية وإلغاء جميع الكشوفات التي جاءت في فترة ما بعد الاستقلال الوطني والمصالحة الوطنية بين الجمهوريين والملكيين واعتبار ضحايا الصراعات والحروب الداخلية شهداء كما أوضحنا سابقاً.

أما في حالة الإصرار على إبقاء الأمور على ما هي عليه فإننا نرى تعميد وإقرار كشف المناضلين من أبناء عدن الذي تقدم به الأخ بيومي مراد وكذا إعطاءه الفرصة لإضافة أسماء من تم نسيانهم أو ذكر أسمائهم في ذلك الكشف فهم أكثر أحقية مقارنة مع غيرهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى