هذا هو عصر انحطاط المسلمين عامة والعرب خاصة

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
أجد نفسي في دوامة.. الرأس مزدحم بالأفكار.. النفس تقطر ألماً وحسرة.. عماذا أكتب؟ هل أكتب عن معاناة «عدن - مدينة المتقاعدين» كما وصفها أخي وزميلي د. محمد عبدالله باشراحيل في «الأيام» يوم الخميس الفائت؟ هل أكتب عن شجاعة الزميل نصر طه مصطفى في مجلة «المجلة» في العديدين الأخيرين عن شجاعة الصحفي اليمني جمال عامر وصحيفته «الوسط» وعما يريده الخليجيون من اليمنيين وأشار فيها إلى مواقع التخلف والفساد في الوطن اليمني؟ هل أكتب عن تألق أخي وزميلي الأستاذ فيصل سعيد فارع، مدير عام مؤسسة السعيد لعلوم والثقافة وهو يتحدث إلى مجلة «اقتصاد وأسواق» (مايو 2006م) عن منتجات هذه المؤسسة وفروعها التي يرعاها القطاع الخاص (مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه)؟

أرجات الكتابة في المواضيع السالفة الذكر وذلك لحاجة ماسة ألحت علي للخوض في واقع العرب والمسلمين المزري وحق القول فيه بأنه عصر الانحطاط الذي فرضه واقع التخلف والجهل الذي يعيشه العرب والمسلمون الذين أغفلوا الأمر الإلهي الأول الذي نزل على سيد الأولين والآخرين محمد، صلوات ربي وسلامه عليه، ونص الأمر الأول:{اقرأ باسم ربِّك الذي خَلَقَ* خَلَقَ الإنسانَ مِنْ عَلقٍ* اقرأ وربُّك الأكْرم* الّذي عَلّم بالقلم* علّم الإنسان ما لم يَعْلَم} صدق الله العظيم، أي أن الأمر دعوة صريحة لمحو الأمية، دعوة ملحة للكتابة والقراءة، إلا أن بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات الدولية المختصة تشير إلى واقع عربي وإسلامي يسوده الجهل والتخلف، تسوده الثقافة الشفاهية، ثقافة أطرافها لا حصر لهم، هذا يفتي بالقتل وذاك يفتي بالتحريم وآخر يفتي بالمقاطعة إلى آخر الفتاوى الضالة والظالمة.

يتابع العرب والمسلمون ما يجري لمجتمعاتهم من تمزق وقتل وتدمير وما تقدم عليه فئات ضالة من الجرائم نفسها في مجتمعات أخرى وأساءت في مجملها إلى صورة العرب والمسلمين. إننا نتابع ما يجري في الضفة والقطاع وما يجري في العراق وفي مناطق أخرى في العالمين العربي والإسلامي وغير الإسلامي.

حز في نفسي كثيراً ما نشرته مجلة «المجلة» (19 نوفمبر الحالي) عن قضية قبائل المحاميد العربية في النيجر ويبلغ تعدادهم (153) ألف نسمة والقرار الجائر الذي أصدرته الدولة هناك بترحيلهم إلى تشاد وحجتها في ذلك ندرة المياه في النيجر، إلا أن المجلة مهدت للموضوع بأحداث التسعينات التي نشأت في جمهورية الكونغو الديمقراطية في الصراع بين الرئيس السابق لوران كابيلا وسلفه موبوتو سي سيكو، وكان أكبر ضحاياه اللبنانيون والشاميون الذين فروا بجلودهم إلى دول مجاورة مخلفين وراءهم حصاد العمر من ممتلكات وتبعت ذلك أحداث مشابهة في الكونغو برازافيل وأنجولا في الجنوب الأفريقي وفي ليبيريا وكورت ديفوار (ساحل العاج) وغانا والسنغال في الغرب الأفريقي استهدفت في مجملها اللبنانيين تحت دعاوى استغلال شعوب تلك المناطق.

أصبحت أوضاع العرب والمسلمين في هذا العصر تبعث على الإحباط ومرد ذلك إلى عدة عوامل منها بروز فئات اعتمدت الإرهاب أسلوباً لتعاملها مع المجتمعات، الإرهاب الذي تشرعه فتاوى ضالة. ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد عادت بي الذاكرة إلى ما كتبه الشيخ الجليل د. يوسف القرضاوي (راجع كتابه: الفتوى بين الانضباط والتسيب - ص 80)، حيث قال بالنص:«يقول العلامة القرافي «ولا ينبغي للمفتي إذا كان في المسألة قولان: أحدهما فيه تشديد وآخر فيه تحفيف، أن يفتي العامة بالتشديد والخواص من ولاة الأمور بالتخفيف وذلك قريب من الفسوق والخيانة في الدين والتلاعب بالمسلمين، ودليل فراغ القلب من تعظيم الله، وإجلاله وتقواه، وعمارته باللعب وحب الرياسة والتقرب إلى الخلق دون الخالق، نعود بالله من صفات الغافلين».

نعيب على الزمان والعيب فينا. متى تصحون يا معشر العرب والمسلمين من غفوتكم وتمحون أميتكم الأبجدية والفقهية والعلمية كي تكرسوا ثقافة التسامح وتقصوا ثقافة الإلغاء داخل أوطانكم أولاً ومع الغير ثانياً، كي تبتعدوا عن التطرف والغلو، اللذين يستخدمان لأغراض سياسية لصالح حسابات الحكام داخل بلدانهم وخارجها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى