> دائماً ما يكون فعل الخير باعثاً على الغبطة والسرور والسمو.. وهي سمة الناس الطيبين، ذوي القلوب العطوفة، الرحيمة.. وهم الذين يعيشون بيننا وينتشر فعلهم النبيل كنسمات الهواء العليل، لينعش النفس ويثلج الصدر!

استوقفني مشهد بسيط، لكنه كبير وعميق، نابع من رجل خيّر، يقدم خدمة للناس، بخاصة الأطفال ومنهم تلاميذ المدارس الابتدائية (التعليم الأساسي) الذين يتنقلون من حي إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى لغرض الدراسة.. لأن أحياءهم لا توجد فيها مدارس.. وهكذا تكون رحلتهم اليومية تكلفهم مبالغ للذهاب والإياب.. والبعض معسر، ولا يملك شيئاً فنجدهم يمشون على الأقدام، إلا من (تعبيرة) من هذا الباص أو ذلك تكون منقذاً.. وليس كل المرات بالطبع!

الرجل هذا يوقف سيارة الأجرة (حافلة ذات 15 مركباً) وينقل (الصغار) بدون مقابل، حتى وإن شغلوا معظم مقاعد الباص، فهو مرتاح، ولا يبحث عن الأجرة منهم لأنهم معدمون، ويقرأ في وجوههم البريئة، الحاجة لتقديم أي شيء لهؤلاء الفلذات، وهي مواقف نبيلة تستحق كثيراً من الثناء والتقدير، ولكن صاحبنا لا يبحث عن ذلك وكل همه فعل الخير ورضا الناس بعد الله سبحانه وتعالى ولا شيء غير ذلك!

هذا النموذج نجد عكساً له (يشخط وينخط) على خمسة ريال لو نقصت من الأجرة، وبعضهم يرفع صوته على شابة أو امرأة مسنة، دون اعتبار للأخلاق، لكن هذه النماذج قليلة في مدينة عدن، والأغلب، هم من حتموا علينا أن نكتب ليس بالإيعاز لكن بالمواقف والسلوك، وبالمعايشة وعن قرب.. فهؤلاء الكرماء الخلوقون نحني هاماتنا لهم إجلالاً وإكباراً لمواقفهم تجاه التلاميذ المعسرين والذين لم تعد الدولة تعيرهم أدنى اهتمام، خاصة تلاميذ وطلاب المناطق البعيدة والتي تتطلب قيمة مواصلات يومية!

نماذج فعل الخير في عدن تكبر وتتنامى، وهذا دليل على عافية وتماسك الناس الطيبين.. فالرحمة سمة ربانية، لا يمكن نزعهما من القلوب حتى ولو كان الواقع مراً وعلقم!

أما النموذج الآخر فهو سائق باص أمين يكبر في نفسه فعل الخير ورد الأمانة وبدون مقابل.. لم تغره المفقودات وغلاء قيمتها، لم يرد أن يقيت أطفاله من (الحرام).. هكذا هو: الخضر الفشاش صاحب باص أجرة (الميدان) رقم (4820) الذي أقدم له شكري وتقديري نيابة عن كل الناس الطيبين في عدن.. لأنه شخص استحق أن نطلق عليه (الأمين).

فهنيئاً لـ(عدن) هذا النسيج الإنساني الذي نأمل أن يتعاظم فعله بين أوساط الناس.. إن شاء الله!