مع الأيــام .. في ذكرى الاستقلال الوطني .. لا خيار سوى الإنقاذ أو الشتات

> أحمد القمع:

>
أحمد القمع
أحمد القمع
في ذكرى استقلال الجنوب اليمني المحتل من الاستعمار البريطاني يأخذنا ما يدور الآن على الساحات الوطنية العربية في لبنان والعراق وفلسطين إلى أجواء ما كان يعتمل على الساحة الوطنية في عدن وإمارات الجنوب العربي من جدل وصراعات بين الأحزاب السياسية المتعددة والمتناقضة أيديولوجياً حول قضية الاستعمار وطرق ووسائل النضال ومشروعية المقاومة من عدمها وأيضاً قضايا الانتخابات والدستور الفيدرالي وتشكيل حكومة وحدة وطنية وكذلك حول المفاوضات مع حكومة الاستعمار والأمم المتحدة والتنافس المحموم بين الأحزاب لمن يمتلك شرعية المفاوضة باسم الشعب في ظل الاغتيالات والاقتتال الأهلي ووعود الانسحاب الجزئي أو الكامل الناجز.

ومن أجواء الحرية والاستقلال يأخذنا الحديث إلى الزمان والمكان للوقوف في مجرى الأيديولوجية القومية وليدة التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها الساحة الأوربية وتم بموجبها الانتقال من حقبة الإمبراطوريات وسيادة الأيديولوجيات الدينية إلى ما يسمى بعصر النهضة والتحديث وترسيم حدود الخارطة السياسية على أساس الهويات القومية بعد أن أسهمت وبفعالية هذه الأيدولوجية القومية كركيزة ثقافية في تنامي دور الوعي بها على حساب العامل الديني الذي يتوارى أمام فكرة الموت في سبيل الوطن والشعور بالتعايش والاندماج الاجتماعي ولتصبح بعد أن بلغت ذروة قوتها الأيديولوجية السائدة على الساحة الاقتصادية العالمية.

وعلى هذه الخلفية الأيديولوجية نعود لنقف على حدود الدويلات الوطنية التي تم ترسيمها على الساحة العربية من قبل الاستعمار الأوربي حسب المفهوم العصري ولما يخدم مصالحه وتطلعاته في المنطقة التي تعاني بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية والتدخل الاستعماري من أزمة تعدد الهويات ومن فشل المشاريع الوحدوية نتيجة لتشتت الفكر والجهد معاً من صعوبة الجمع بين هذه الهويات المتعددة بتعدد الولاءات التي كانت السبب الرئيس كما نرى في عرقلة مشروع الوحدة العربية على نمط التجارب الوحدوية القومية المتعددة على مستوى الساحة الدولية وهي أيضاً التي دفعت إلى ربط مسار الدويلات الوطنية بعجلة الصراعات والتغيرات في موازين القوى الدولية وما عكسته من تعميق لحدودها المرئية وغير المرئية بالتبعية لدورتها الاقتصادية والأيديولوجية.

وهنا نحن نصل هنا لنقف على أرضية الجدل والصراعات الدائرة على مستوى الساحات الوطنية العربية بعد الإمساك بخيوط الأزمة القديمة- الجديدة- المتمثلة بتعدد الهويات والولاءات داخل حدود الدولة الوطنية والتي وجدت متنفساً لها في ظل الثورة التكنولوجية والتحولات والتغيرات في طبيعة القوة للتشكل على هيئة أحزاب وتنظيمات سياسية وللتوزع عابرة حدود الدولة الوطنية وصانعة للحدود في مساحتها التي تشهد الآن حالات الاحتقان والتفكك والتناحر بين مواطنيها بسبب أزمة غياب الهوية الوطنية وفشل عملية الاندماج الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد.

ولعل ما نسمعه في الخطاب السياسي العربي من مصطلحات كحكومة وحدة وطنية، والوحدة مع التنوع، والدستور الفيدرالي، واللامركزية، والتنمية غير المتوازنة، وغياب الحريات، والمشاركة الواسعة في الحكم، وانعدام التكافؤ للفرص هي أصداء لما خلفته الولاءات والهويات من آثار في بنية الواقع الاجتماعي العربي ومحاولات لترميم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في عالم متغير يتوحد.. ولا خيار أمام من يعانون من مشكلات وأزمة الهوية سوى الشتات والاغتراب في داخله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى