أيــام الأيــام .. حتى لا تضيع الفرصة

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
الشيطان يكمن في التفاصيل، وهذه والله أم القضايا وأخطرها وأرزؤها على الإطلاق، ولنأخذ مثلاً برامج الأحزاب اليمنية بكل مسمياتها واتجاهاتها السياسية، سنجدها أفضل من يتقدم إلى المواطن بلسان صدق مبين، تتحدث عن كل شيء وفي كل شيء عن الوطن ومصالحه العليا والدنيا، ثم لن يرتد إليك طرفك قبل أن تكتشف هراء ما يتحدثون عنه في غياب آلية سليمة تترجم القول إلى فعل، والشعار إلى مسلك، والفكر السياسي إلى قيم أخلاقية وشرائع قائمة تعود جميعها بالنفع كل النفع على الناس. ويشبه ذلك البرامج الانتخابية للمرشحين في الانتخابات الأخيرة التي مثلت موقفاً تطويرياً للديمقراطية اليمنية على طريق الليبرالية المنشودة في اليمن، ويهمنا بالطبع الأجندة الواضحة في خطاب فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - المرشح حينها للانتخابات الرئاسية والحائز على ثقة الشعب بجدارة - تلك التي كانت أو بعض منها على الأقل قرارات وتوجيهات وتوجهات باشر بها فخامته فترته الرئاسية الجديدة ضمن خطاباته في مآدب الرئاسة الرمضانية وحظيت بترحات جماهيري منقطع النظير، خاصة المتعلق منها بضبط غائلة الأسعار التي انفلتت من عقالها لتقض مضاجع ذوي الدخل المحدود من أبناء شعبنا وهم الغالبية المطلقة من السكان، بالإضافة إلى تعزيز نهج المشاركة الشعبية في الحكم بإدخال مبدأ انتخاب المحافظين ومدراء المديريات بدلاً من تعيينهم وتدوير المسئولية الوظيفية عن طريق الانتخاب، وتشريع قوانين تحد من الفساد وتبرئ الذمة المالية لمن تناط بهم المسئوليات الأساسية في مفاصل الدولة.. الخ. هذه المفردات في أجندة الرئيس للمرحلة القادمة، وغيرها كثير مما ستشهده الحركة التشريعية والسلطة التنفيذية في قادم الأيام، وكلها تنزل برداً وسلاماً على قلوب المواطنين وتبعث على التفاؤل بعد أن غشت وجوه الناس غيمات من التشاؤم وعدم الثقة لعدم الرؤية في أفق السير المستقبلي، ولأن الوعي الجماهيري متقدم لقراءة الواقع بأكثر جدية مما يظن البعض فهي تدرك أن مرتكزات القوى الفاسدة التي استنفعت من الأوضاع السابقة سوف لن تألو جهداً في عرقلة أي إصلاح حقيقي في البلاد ينقلنا إلى مصاف آخر من العيش يحلم به كل شاب وشابة في هذا الوطن وكل رجل وامرأة، ويكفي أن نرى أن مافيا الفساد قد جعلت من مسألة ضبط الأسعار التي استبشر بها المواطن خيراً، مدخلاً للتحايل لرفع أسعار كثير من المواد الأساسية بما لا يتلاءم إطلاقاً مع دخل الفرد المحدود وكأن في ذلك استهزاءً بأي إصلاح في مجال الأسعار التي هي همّ المواطن رقم (1).

ولذلك لا يعول كثير من الناس على إصلاح لا يبدأ بإصلاح التشريعات وفصل السلطات وتمكين السلطة القضائية من أداء دورها الرقابي القانوني بقوة القانون بحيث تشكل مدخلاً لنسف أوكار الفساد ورموزه مهما كانت التكلفة ومهما كان الثمن. وبالاعتماد على الثقة الممنوحة لفخامة الأخ الرئيس والتفاف السواد الأعظم من أبناء شعبنا حول خياراته الإصلاحية المعلنة سوف تكون للحق جولة لن يخسرها في وجه من يحاول تأبيد أزماتنا وأوجاعنا في اليمن، من قوى الحرس القديم وتحالف الفاسدين والمتنفذين وأصحاب المصالح الـذاتية المـغـايرة لمصلحـة الوطـن والمواطن.

إن المرحلة لا تقبل حقاً غض الطرف على الطريقة اليمنية ولاعتبارات كثيرة نعرفها جميعاً عن أولئك الذين يريدون أنفسهم أو الطوفان، ويكفي أن نتعلم من تجارب كثير من الشعوب التي استهان حكامها بأوضاع الطبقات الفقيرة من الشعب فانهار كل شيء.

إننا في اليمن نقف على ناصية قوية بعد انتخابات سبتمبر الماضي ونجاح مؤتمر المانحين في لندن للدخول في مرحلة جديدة لا تقبل العابثين والمفسدين والفاسدين.. فلا نضيع الفرصة، حقاً لا نضيع الفرصة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى