وتـلـك الأيــام .. فارس رهان في قفص الاتهام

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
أقسم بالله العظيم أنني شعرت يوماً بالتفاؤل، مع كل ما نعانيه، كان ذلك حين اطلعنا في الصحف وفي الصدارة منها «الأيام» على حكمين متقاربين زمنياً أحدهما الحكم الذي أصدره القاضي جمال محمد عمر، رئيس محكمة صيرة الابتدائية في قضية الدم الملوث بفيروس الكبد البائي، والآخر كان الحكم الذي أصدره القاضي مذيب صالح البابكري قاضي محكمة الحوطة في إحدى قضايا التعدي على حقوق آخرين من الذين لا يحملون بنادق أو رتباً عسكرية أو وجاهات قبلية أو مسؤوليات مدنية وفوق ذاك لم يجدوا قانوناً يحمي حقوقهم أو كلياتهم الخمس التي حرم ديننا المس بها، وقد ترامنت هاتان القضيتان مع قرار لم تتناوله الصحف لرئيس محكمة زاره في محافظة أبين القاضي خليل عبداللطيف حيدرى، تجاه محاولة تضليل القضاء لا لزوم لسرد وقائعها، وربما كانت هناك مواقف شبيهة لقضاة آخرين.

كنت يومها أنوي الشروع في الكتابة عن (قضاء يتعافى) وأن العد العكسي للخلل بدأ لصالح نزاهة القضاء وأننا قد نقرأ غداً عن قاض آخر انتصر لسيادة واستقلالية القضاء في مكان آخر من بلادنا لا تلبث عدواه أن تعم ويصبح اليوم الذي ترتعد فيه فرائص الفساد خوفاً من القضاء قريباً جداً.

لكم أن تتخيلوا حجم المرارة التي يمكن أن تصيبنا ونحن نرى أحد (فرسان الرهان) يدخل قفص الاتهام لا لشيء سوى أنه أصدر حكماً يساعد على إعادة التوازن إلى حياة الناس من خلال حسم قضايا الخلاف في ساحات التقاضي النزيه، وحتى لو كان الحكم مبالغاً فيه كما قد يتحجج البعض فإن هناك درجات أخرى من التقاضي يمكن أن تدقق في الأمر، لكن المؤكد أن هناك تعدياً يستوجب العقاب وأن التصدي لمثل هذه التجاوزات يتطلب قضاة لا يخشون في الحق لومة لائم يستحقون الاحترام والتقدير الذي يليق بهم.

هناك قضايا كثيرة تعج بها ساحات القضاء بعضها مرت عليها سنوات ولا تسعفني الذاكرة بالقول الذي يفيد بأن إطالة التقاضي ضرب من ضروب الظلم.

لا نشكك في أن هناك نوازع خير في كل إنسان بما فينا القضاة ولكن من حقنا أن نفهم لماذا انتفضت جهات التفتيش عند صدور حكم القاضي مذيب صالح؟ ولماذا تسارعت درجات التقاضي في هذه القضية بالذات؟ فهذه القضية أصبحت من قضايا الرأي العام وتمس قاضياً حمل راية قضاء مستقل بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

لا أذيع سراً إذا قلت إن كثيرين ينظرون إلى قرار مجلس المحاسبة في المحكمة العليا في هذه القضية بوصفه (ترمومتر) يقاس من خلاله مقدار الانتصار لاستقلال القضاء كجهة فصل في قضايا الناس لا ترى سوى القانون ولا تخشى سوى رب العباد، فالخوف كل الخوف أن يتأثر القضاء بمراكز نفوذ، تتجاوز القفز على القوانين والتشريعات ويصلون إلى محاكمة من يتصدى لهم حتى لو كان قاضياًَ، لكننا لم نقطع الأمل في قضائنا وقضاتنا الأجلاء، والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى