حضور العقل .. عين العقل

> عمر محمد بن حليس:

>
عمر محمد بن حليس
عمر محمد بن حليس
تحطم.. أو حطم سور (برلين) وانهارت أصنام أوروبا الشرقية.. تهاوت نمور الورق تحت صيحات وأقدام الشعوب القوية التي انتفضت وفاقت من سبات نومها.. تفكك.. بل تفتت (الاتحاد السوفيتي) وبدأ جليد سيبيريا يذوب مع اشتداد حرارة الجو!!

دول بنيت على جنازير دبابات الجيش الأحمر المنهار.. اختارت لها مصيرا آخر بإرادة شعوبها وللخروج من ظروفها.

تفكك وانفرط عقد حلف (وارسو) فاحتفت منظمة التعاضد الاقتصادي (سييف)، وذهب كل إلى حيث يريد أو إلى حيث تفرضه عليه ظروفه (السياسية والجغرافية والاقتصادية).

العالم يتحرك..يتزحزح ازدادت السخونة بانهيار مركز التجارة العالمي (سبتمبر 2001م) ولم يكن أي من تلك الأحداث (صدفة) بقدر ما كانت تسير وفق مخطط!!

كل ذلك وما تشهده الساحة العربية اليوم من أحداث متسارعة كنت أعتقد أنها ستعمل على استفاقة الكثيرين وتحرك ضمير المسئولية الوطنية عندهم.. فكثر الكلام وازدادت وتنوعت مصادره وأبعاده وأهدافه.

(البعض) غلبت عليه العاطفة أو التعاطف في التعامل مع المعطيات ومجريات الأحداث التي كانت ولازالت تداعياتها ظاهرة وملموسة، فلم يستوعبوا ما حدث ويجري حدوثه، بل ولم يقروا به برغم وقائعه وأحداثه الباينة للعيان الملموسة بالحواس، فغلبت عليهم روح الأنانية وسيطرت عليهم عقلية الرفض لأنهم تعودوا ذلك!!

تعودوا ألا يسمعوا إلا أصواتهم أو صداها، تعودوا ألا يروا إلا صورهم في مرآة الواقع!!

وذلك في تقديري هو الذي جعلهم لا يقرون بالواقع ولا يستوعبون ويعيشون أو يتعايشون معه.

و(آخرون) اتخذوا موقف الحياد لعدم الخوض والغوص في المجهول أو الوقوع في المحذور، ابتعاداً أو هرباًَ من الواقع.. ويرون أن التعامل معه هو السير عكس الرياح والسباحة بعكس تيار المتغيرات!!

فآثروا الانتظار لربما تنجلي السحابة وربما ينقشع سوادها!!

بينما لجاء (البعض الأخير) إلى التمعن فيما حولهم بعقل وتريث ونضج وقراءة واقعية لما يجري ويحدث وما سيترتب عليه وبتلك السرعة التي لم يتوقعها أحد..

فكانوا أكثر صدقاً في التعامل مع الواقع وأحداثه.. لقناعتهم بأن قبولهم له وإقرارهم به لا يمثل الردة أو الارتداد عن مبادئ وقيم صاغ بنودها أشخاص وزعامات لم يعد لها أثر في الحياة!! وفرضت مضامينها عقليات لم تراع الخصوصيات التي تنفرد بها.

بل والأهم من كل ذلك أن (هذا البعض الأخير) لم يتخذوا موقف الحياد لرؤيتهم وقناعاتهم بأن الوقت يمر والمزيد من الانتظار والخوض في غمار التجارب لن يأتيا بالنتيجة المرجوة .

فبين هذا وذاك.. حضر العقل الذي هو كرم للإنسان من رب العالمين .

فغابت العاطفة وروح التعاطف واختفت روح التردد فاستوعبوا ما يجري على أرض الواقع وألبسوه ثوب المواكبة للسير في كنف ذلك الواقع لإيمانهم بأن الحياة لم ولن تقف عند نقطة معينة، إلا بمشيئة الخالق سبحانه وتعالى وعلم ذلك عنده هو علام الغيوب.

إذن.. فالإقرار بالواقع واستيعابه والإسهام الفاعل والحضور النشط في بوتقته لم يكن أبدا استسلاما ولا رضوخاً ولا خنوعا.. بل ولم يكن مطلقاً ارتدادا عن ثوابت.. ولا انهزاما يتطلب السكنية والانزواء والانغلاق.

فالحضور الفعلي (للعقل) هو (عين العقل) بذاته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى