..والعود أعوج!

> عبدالقوي الاشول:

>
عبدالقوي الاشول
عبدالقوي الاشول
ارتبط حال نهوض الكثير من المجتمعات.. باستقلالها السياسي.. كما هو الحال عند الشعب الهندي الذي تلازم نهوضه المعرفي بالاستقلال في عهد الزعيم (نهرو).

أما في مجتمعاتنا العربية والإسلامية فلا يوجد حديث عن مثل هذا التزامن أو الاهتمام المعرفي، وإن بدت ماليزيا هي البلد الإسلامي الوحيد الذي حقق طفرة في تطوره عبر بوابة المعرفة.

ورغم رؤية الكثير من العلماء والباحثين حول إمكانية النهوض العربي عبر بوابة العلم والتكنولوجيا وإدارة المجتمع وصولاً إلى تحقيق نهضة اقتصادية وسياسية وثقافية إلا أن واقع الحال وأجندة الأولويات لدينا عائمة وغير محددة برؤية استراتيجية واقعية.. تمكننا من تجاوز أوضاعنا العصيبة والمرتبكة، فما يتم رصده في مجال التعليم لا يوازي الاهتمامات الهامشية الأخرى.

بالأمس وقف أعضاء مجلس النواب اليمني أمام قضية تتعلق باختيار عدد من الأمناء المشهود لهم بالنزاهة والوطنية والعفة.. كي يتم تقديمهم لفخامة الرئيس الذي بدوره يختار الأفضل والأكفأ والأقدر من بينهم.. لتناط بهم مهمة الهيئة التي يفترض أن تكون نواة عمل الفترة القادمة.. خصوصاً فيما يتعلق بحسن توجيه المنحة المالية التي حصلت عليها بلادنا بمشقة بالغة وجهد خارق كي تضمن من خلالها تسيير الكثير من المشاريع الضرورية التي هي فعلاً بحاجة ماسّة لمثل هذه الاعتمادات خصوصاً ونحن بلد فقير لا يمكنه تجاوز معضلاته الاقتصادية دون اللجوء إلى مثل هذه المنح والقروض.. التي لم يعد الحصول عليها ممكناً إلا مقترناً بحزمة شروط تضمن حسن توجيهها والاستفادة منها.

فبواعث الفساد جعلت الكثير من الدول والهيئات محتارة في أمر تعاطيها مع بلدان لا تمتلك الإدارة الكفؤة والنزاهة.. في كيفية الاستفادة من هذه المنح وتلك القروض.

عموماً أعضاء مجلسنا الموقر وفي جلسة على الهواء بدوا في حيرة من أمر انتقاء الأفضل لقوام تلك الهيئة.

وهو سبيل ما كان ليتم الوصول إليه.. لو أن هناك أماناً في أداء الأجهزة الحكومية التي يفترض أن تكون على مستوى من المسؤولية والنزاهة.. وقدر من الشفافية والمحاسبة في إدارة مفاصل الحياة في مجتمع هو في حاجة ماسّة ، بل ملحة لهيبة الدولة وأدائها السليم.

ولأن الأمر لا يرتبط بما حصلت عليه بلادنا مؤخراً من منح مالية فحسب.. في مثل هذه الظروف وهذا الوضع غير الطبيعي لابد أن يسأل المرء نفسه.. هل بمقدور هيئة مصغرة مكونة من نفر من الناس أن ترسم صورة مغايرة لواقع الحياة في بلادنا.. ونضمن من خلالها عدم المغامرة في توجيه الأموال التي تم الحصول عليها من الدول المانحة في وجهتها الصحيحة؟

فخامة الأخ الرئيس يبدو معذوراً في بحثه عن أفضل وأنجح السبل التي تجنب بلادنا الوقوع في شرك البلدان الميؤوس من إصلاح أوضاعها.

إلا أن منطق الواقع يشير إلى استحالة تحقيق هذه الغاية.. متجاوزين حقائق الراهن المأساوي الذي تخلق عبر السنوات الماضية في التعامل مع كل ما يرتبط بالشأن الاقتصادي.

بداية بآلية فساد ماحقة لم يشهد واقع الحال محاسبة أي من عناصرها.. ما قاد إلى بؤرة فساد عارمة.. وهي ما تكشف عنها واقع ميؤوس منه.. ودفع للبحث عن مخارج سريعة متجاوزة هذه البؤرة الصديدية في جسم مجتمعنا فحالة التعايش الغريبة مع الفساد التي قبلت بآليتها حكوماتنا المتعاقبة هي التي قادت إلى الوضع الراهن.

ومغامرة الاستفادة أو عدم الاستفادة من المنحة المالية التي حصلت عليها بلادنا مؤخراً واردة.. مع ترجيح الجانب السلبي من تلك التوقعات لأننا في الأصل نعاني هشاشة فجة في إدارة حياتنا.. بمقدرات الدولة والمجتمع التي يستقيم ظل الأشياء لديها.. عبر القوانين النافذة والسلطة الرقابية الحريصة على معرفة اتجاهات إنفاق الموارد المالية لديها.

ولا يوجد مجتمع على ظهر الأرض تدار أمـور حـيـاته.. مـن خلال هيئات مستحدثة.

أملاً أن يجد الإخوة النواب ضالتهم.. في إمكانية تحديد أسماء معينة رغم أن المثل الشعبي يقول:«وذاك الخل من هذا المرطبان» فلا يستقيم الظل والعود أعوج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى