استثمارات تدمر.. على طريقة (الترويع والصدمة)

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
ماذا تتوقع ان تكون ردة فعلك، عزيزي القارئ الكريم، وما الذي يمكن ان ينتاب مشاعرك وأحاسيسك، إذا ما أشرقت عليك شمس نهار ما، وتفاجأت مع خيوط شمسها الأولى بوجود عدد من شيولات الجرف، المعززة بقوات أمنية متكاملة العدد والعدة (تغزو) مشروعك التجاري وتدك أسواره باهظة التكاليف، دون أن (تعلم) لماذا يحدث كل ذلك؟ ومن أين أتى أولئك القوم؟ ولماذا أتوا في الأصل؟ وعلى أي أساس أو مبرر أو سند قانوني يتم هذا التدمير الشامل لمشروعك التجاري الذي ربما يكون (شقى عمرك) الطويل، ومصدر الرزق الوحيد لأولادك، ولمئات العمال المشتغلين فيه!!

إن شيئاً من هذا القبيل قد حدث بالفعل يوم الأربعاء الماضي 29/11/2006م، حينما اقتحمت (فجأة) أربع سيارات نجدة وثلاثة أطقم أمنية وقوة عسكرية وصل تعدادها إلى أربعين جندياً تقريباً، يتقدمهم شيولان (للجرف)، مصنعاً لخزانات المياه، بمنطقة اللحوم في مديرية دارسعد محافظة عدن.. إذ قامت تلك الجموع لدى وصولها الموقع، و(في التو واللحظة) وبلا أدنى تفاهم أو اعتبار لحرمة المكان أو لهيبة الإنسان، بدك أسوار هذا المصنع على مرأى ومسمع من عماله وخبرائه الأجانب وحراسته المغلوب على أمرها!! التي لم تملك في تلك اللحظة سوى رفع سماعة الهاتف على مالك المشروع لتخبره بالكارثة الكبرى على طريقة (الترويع والصدمة) الأمريكية الشهيرة!

مالك المشروع الذي وصل إلى منطقة الحدث بعد استيعابه لهول الصدمة، منع من الاقتراب من ممتلكاته! وبقي على مسافة بعيدة يراقب ما يحدث بحسرة وألم وحيرة واستغراب.. وكان يقف معه وإلى جواره و(يتوحد) معه في المشاعر والغضب ملاك لمشاريع استثمارية أخرى.. حتى إذا ما انتهت العملية (المشجعة للآخرين على الاستثمار)!!.. و(انقشع الغبار).. كانت مستودعات البضاعة المقدرة قيمتها بملايين الريالات بلا أسوار! وكانت المصانع المنتجة تبدو مكشوفة في العراء (بشفافية كاملة ومطلقة)!.. ولكن (جواب) السؤال الكبير، الذي وجه لقائد الحملة (التدميرية) عن السبب في كل هذا.. كان ضبابياً وغير مقنع ومستحيل الفهم، تبعاً لمفردات أي لغة من لغات العالم الكثيرة.. إذ لا يمكن أن تفهم أسبابه ودواعيه أو تبريره (إلا) عبر لغة واحدة فقط وهي لغة (الاستقواء والعنجهية) و(العنتريات الفارغة).. التي تقول لك بعبارة واحدة مختصرة.. إذا (مش عاجبك) اشرب من ماء البحر او اضرب رأسك في طوب الأسوار التي تهدمت!!

صاحب هذا المشروع.. أخبرني شخصياً، أن عنصر المفاجأة الذي كان رأس حربته الاستخفاف التام بنا وبأملاكنا، كان أقسى ما في الأمر.. وقال إن عدم تقديرهم (لنا) ولو حتى (بوريقة) صغيرة كإشعار بالهدم كان مدمراً لكل القناعات التي تم بناؤها في عقلياتنا، بوصفنا مستثمرين.. وتساءل بأحقية تامة: ماذا سيحدث لو تم اللجوء إلى القضاء؟ وماذا سيحدث لنا أو لهم لو غلبت لغة العقل والمصلحة العليا وكانت (قاعات المحاكم) لا (شيولات الجرف). والتهديد بالأطقم المسلحة، وسيلة حضارية بين الجميع، لحل الخلافات التي لا نعلم لها أي مبر أو سند قانوني.

أما مالك مصنع تجميع السيارات الصينية، الذي تعرض موقعه هو الآخر لنصيبه الوافر من التدمير، فهو في حيرة من أمره (حالياً) ولا يعلم كيف يمكنه استقبال (الوفد التجاري الصيني) القادم من بلد المليار منتج (للمعاينة) وللتعرف على مجموعة العوامل (اليمنية) المحفزة للاسترسال، والمضي في هذا الاستثمار التجميعي للسيارات!! وتبدو حيرة الرجل كبيرة ومؤثرة وتبعث على التعاطف والرثاء في وقت واحد.. فهو في وضع يصعب عليه استقبال هذا الوفد في ذلك الموقع الذي تبدو أسواره مهدمة وسياراته الجديدة مكشوفة في العراء عرضة للتخريب والنهب.. وفي ظني أن الاعتذار لهذا الوفد، تحت أي مبرر كان، يبدو أفضل وأسلم ألف مرة من استقبالهم في (وضعية) كهذه، ستتكفل هي، وحدها بجعل هذا الوفد يحجز تذاكر العودة إلى بكين على أقرب رحلة ممكنة.

السيد رئيس الوزراء، السيد وزير الصناعة والتجارة، السادة الداعين بلهفة (الاستثمارات الخليجية والأجنبية الضخمة) لحط الرحال في بلادنا على طريق التأهل للعضوية الكاملة في مجلس التعاون الخليجي الموقر.. نقول لكم بمنطق يسير ومسؤول : وفّروا الأرضية الخصبة المشجعة على الاستثمار المحلي أولاً، وأشعروا أصحاب رؤوس الأموال (اليمنية) أن استثماراتهم (الكبيرة والصغيرة) في مأمن تام، وأنها تحت حماية القانون ورعايته، وهي مرحلة أولى - بحسب ظني - يجب أن تسبق دعوة رأس المال الأجنبي إلى هنا، وذلك حتى لا يشاهد أحد منهم وبالعين المجردة وقائع وأحداثاً بائسة كتلك التي حدثت في منطقة اللحوم بدارسعد!

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى