مع الأيــام .. الاندماج في المنظومة الخليجية

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
في الغاية يظل المال الممنوح لليمن كنتاج لنجاح مؤتمر المانحين بلندن، وقد بلغ أربعة مليارات وسبعمائة وتسعة وثلاثين مليون دولار، إحدى الوسائل -وليس الغاية ذاتها- لإنعاش القطر اليمني وتأهيله تأهيلا اقتصاديا لدمجه فيما بعد في منظومته العربية في الخليج والجزيرة.

وقد أصاب الكاتب حمد الترك في مقال أشارت إليه «الأيام» ليوم الاثنين 4 ديسمبر الحالي حين عدّد خصال الفائدة من انضمام اليمن إلى مجلس التعاون مقارنة بالمثالب، وهو أمر قد أثاره كتاب عرب في السبعينيات الفائتة من القرن الماضي كان لطرحهم الجريء وقع وأثر في نفوس الكثيرين من أبناء المنطقة، كما كان له صدى لدى الحكام العرب أوانئذ، في بدت فيه دعاوى شاه إيران بالبحرين واحتلال جيوشه جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى تتجاوز الأقوال إلى الأفعال بينما دول المنطقة ما عدا الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية والكويت، بالكاد لملمت شتات أوضاعها الداخلية، وخرجت من تحت رمال الصحراء التي فجر الله تحتها ثروة عظيمة هي النفط يتجاوز تأثيرها ومدلولها الاقتصادي والتجاري الحدود القطرية ليدخل صميم الاستراتيجيات الدولية، وبالتالي كان لابد من البداية التفكير الجدي لاستيعاب دولتي العمق شطري اليمن في ذلك الوقت، للخروج بتوازن إقليمي في المنطقة العائمة على أكبر مخزون احتياطي من النفط في العالم مع القوة الإيرانية الشاهنشاهية التي كان جيشها خامس جيش في العالم، وتقدير كل الفرضيات الإيجابية للجغرافيا والتاريخ والسكان، وإيجاد حلول سياسية في الأساس لمسألة التشطير وطبيعة النظام السياسي في اليمن، وهو ما يبرز مجددا في ظل متغيرات داخلية ودولية تسهم في الدفع بعملية دمج اليمن (الموحد) في دائرته الخليجية، وقد نشطت حركة التغيير الديمقراطية بنسب متباينة في دول الجزيرة والخيلج السبع ولكن بوتائر لا ارتدادية إلى الخلف، مما يقارب رويدا رويدا من الأنماط السياسية الحاكمة ملكية وما في حكمها وجمهورية وانتقائه كعائق كلما تعززت ليبرالية الحكم واتجهت الاهتمامات المباشرة إلى المنافع والمصالح الاقتصادية كما فعلت أوروبا، مع ما سيضيفه اليمن بمزاياه المتنوعة وجغرافيته المتميزة وقدرته البشرية من قوة دافعة لمسيرة مجلس التعاون الذي لا يساوي عمره الحقيقي ما تحقق حقا على صعيد الاندماج البشري والتكامل الاقتصادي والترتيب والتعاون الأمني والعسكري طوال العشرين سنة الماضية، مع عدم التقليل من إنجازات المجلس العتيد الذي صمد أمام خضات سياسية وعسكرية خطيرة شهدتها المنطقة.

لا يجب الغوص وراء تعميق الهوة والبحث عن ثغرات في نتاج مؤتمر المانحين لأغراض لا تساعد على تحقيق الهدف الأسمى من وراء ذلك، وهو إيجاد منظومة عربية قابلة للتطور وقادرة على مواجهة التحديات- وما أكثرها في منطقتنا اليوم- وتقدير إسهام كل الدول والمنظمات التي رعت وساهمت في إنجاح مؤتمر لندن، والتركيز يمنيا على تهيئة البيت من الداخل بمؤازرة التأهيل من الخارج بحيث تستطيع اليمن أن تقطع نصف الطريق إلى مجلس التعاون لتلتقي بأخواتها في نقطة النصف الذي سيقطعونه من الطريق ذاته، شريطة أن تنجح حقا في إحداث ثورة على الفساد والأمراض التي تنخر جسد الدولة وتؤخرنا عن الركب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى