«الأيام» في حوار مع الفنان المبدع جلال الجحافي:الدان الضيباني من أروع الألحان الضالعية التي أوشكت على الاندثار .. فنانون كثر منعتهم الظروف المعيشية أو حجبتهم القناة الفضائية

> «الأيام» محمد علي محسن:

> الفنان جلال الجحافي أحد الأصوات الشابة في الساحة الفنية، إلا أن ما يميزه عن الفنانين الشباب هو الغناء بالألحان والكلمات ذات الإيقاع الشعبي الضالعي الزاخرة به كثير من المناطق، كما أن محاولته لإحياء هذه الألحان الجميلة بعد أن أوشك معظمها على الاندثار والنسيان لهي جديرة بتسليط الضوء من خلال اللقاء التالي:

(حمادة وادي كحيل) أغنية بلا شك كانت بداية الانطلاقة .. ما قولكم؟

- نعم يمكن القول إن أول شريط غنائي نزل للسوق تحت هذا الاسم عام 93م، ومن إنتاج استريو الشيمة ويعد بمثابة بطاقة التعريف التي بها استطعت الانطلاقة الفنية الأولى على مستوى الساحة الضالعية على اقل تقدير، وكانت وراء تسجيل أول شريط غنائي بشكل رسمي في العام التالي 94م من إنتاج 13 يونيو للتسجيلات الفنية بتعز، وحمل اسم أغنية (خريف العنب) ومن ثم سجلت لشركة الأوتار الذهبية بصنعاء شريطا آخر عام 96م (حالي العيون)، وهذا الشريط لقي رواجا في التوزيع حصلت بموجبه على جائزة من الشركة المنتجة عبارة عن تلفزيون، وذلك نظير ما حققه الشريط من مرتبة متقدمة في التوزيع.

> توارى الفنان جلال عن الساحة الفنية منذ أعوام .. ما الأسباب يا ترى؟

- أصدرت البوماً عام 97م بمشاركة الفرقة الغنائية العراقية بموجب تعاقد مع الاوتار الذهبية، ومن ثم شريط آخر (ليلة وداع) عام 99م وتلاه (سر الابتسامة) عام 2002م كما سجلت للفضائية اليمنية 13 أغنية بمصاحبة فرقة روابي عدن عام 2000م، وهذه الأغاني بألحان من التراث الصنعاني أو من ألحان الفنان عمر غلاب أو ألحاني وبضرب وإيقاع حضرمي، ومع ذلك يعد شريط (قمري جحاف) بمشاركة الفرقة (العراقية) أفضل الأعمال المقدمة التي نالت الإعجاب وإقبال الجمهور عليه، بل اعتبره الكثير نقلة نوعية بكل تأكيد ستزيد وتسهم في العطاء أكثر في قادم الأيام، إلا أن الظروف المعيشية والفنية المحيطة بالفن والفنانين كانت لها كلمة الفصل في النهاية.

> أجمل ما يميزك عن غيرك هو شغفك وولعك بالفلكلور الشعبي الذي يكاد يكون على وشك الانقراض ويحسب لكم إعادة إحيائه من جديد.. فما سر اهتماكم به وماذا حفظتم من الألحان؟

- يا أخي ما من منطقة في اليمن لا تجد فيها ما يدهشك من ألحان التراث ومن الرقصات والأهازيج والملبوسات وغيرها، والضالع فيها من التنوع الفلكلوري ما لا يقدر على تسجيله واحد مثلي، ولكنني مع هذه الظروف الفنية قدرت على التوثيق لبعض من هذه الألحان التراثية الجميلة التي كانت تردد في المناسبات والأعراس، وعلى وجه التحديد نذكر منها اللحن البطيء أو السريع، ناهيك عن ألحان أخرى مثل الدان الازرقي ولحن الزفة واللحن الهتش.

> ما هو اللحن الجميل برأيكم وكيف تجاوب الجمهور مع هذه الألحان التراثية وفي زمن الفيديو كليب؟

- الدان الضبياني يعد من أروع هذه الألحان وما زال يتغنى به لكنه على وشك الاندثار، فيما الألحان الأخرى لا تقل أهمية وهي فقط بحاجة لإخراجها إلى جيل لا يعرف عنها شيئا، وكذلك الرقصات الشعبية أوشكت على الانقراض مثل برع السيف ورقصة الحلقة ورقصة العراسي وجميعها حتما ستفرض جودها في زمن الحداثة وعلينا نحن الفنانين والمهتمين مهمة إبرازها وتطويرها وإيصالها للمتلقي، فالفن الأصيل لا يفقد قيمته سوى عندما يكون على هذه الشاكلة من النسيان والضياع.

> هل يمكن القول عن هذه الألحان إنها توليفة ألوان أم هي لون ضالعي محض؟

- الإيقاع الضالعي نمط خاص وله ألحانه وخصوصياته المختلفة التي لا تجدها في اللون الصنعاني والحضرمي واللحجي أو اليافعي.

> ماذا قدمت لكم الجهات المسؤولة عن الشأن الثقافي في مضمار الحفظ والتوثيق بل وإخراج مثل هذه الألحان التراثية؟

- لم أحصل على مساعدة تذكر من الجهات الحكومية، وعلى العكس واجهنا للاسف من مكتب الثقافة صنوف الإهمال والاقصاء حتى من الحقوق المادية البسيطة ولا نقول المعنوية والنفسية التي هي منعدمة، ناهيك عن عدم إتاحة الفرصة امام الفنان في المحافظة ولو في المناسبات لأن يقدم ما عنده من ألحان تراثية أصيلة بمصاحبة فرق موسيقية، باستثناء ثلاثة أعوام هي فترة المحافظ الاديب والفنان الاخ صالح قاسم الجنيد، وعام الشاعر والمحافظ المغفور له محمد الحبيشي، عداها لم نجد اهتماما يذكر بل الفنان يتم التعامل معه وفق ولاءات ضيقة لا علاقة لها بالفن والفنانين.

> ولماذا لم تطرقوا بوابة الوزير المثقف الرويشان مثلما فعل آخرون؟

- حصلنا على الدعم المعنوي من الوزير الرويشان وقبله مدير عام مكتب الثقافة السابق الفنان صبري الحيقي الذي بمجرد سماعه هذه الألحان أبدى حماسة لإحضار فنان متخصص لعمل نوتة لها ومن ثم تسجيلها بمصاحبة فرقة موسيقية، إلا أن الأقدار شاءت مغادرته بعد أشهر من تأسيسه لمكتب الثقافة في المحافظة.

> أسألك لماذا فنان اليوم لا يكترث لفنه؟

- أظن الظروف المعيشية القاهرة للفنان تجبره على أن يتغنى من أجل عائد نفعي وبأوقات لمصلحة الشركة المنتجة في الأغنيات الهابطة (السفري) خاصة الفنان الناشئ إذا ما اراد التسجيل لعمل فني فعليه القبول بشروط احتكارية تفرضها الشركات وبأجر زهيد، ولأنه لا يوجد قانون ينظم أجر الفنان ولا نقابة تحميه من عبث السوق والاحتكار، فلا مناص من رؤية الفن وأهله وهم يتسكعون وراء القمة العيش.

> ما سبب طغيان الأغنية الهابطة والفنان الباحث عن المادة والشهرة على الأغنية الهادفة والفنان الموقف؟

- نعم ثمة من يجري وراء الشهرة وعلى حساب القيمة وجماليات الأداء والكلمة، إلا أن هذا لا يعني خلو الساحة من الفنان الحقيقي الملتزم بفنه وموقفه، وهناك من غاب عن الساحة لبعض الوقت وعاد مثل الفنان عبدالباسط عبسي وآخرين كالفنان عبده ابراهيم الصبري وعبدالغفور الشميري وغيرهما .. هؤلاء لهم جمهورهم داخل الوطن وخارجه إلا أن التلفزيون والإذاعة اليمنية حجبتهم عن الرؤية فإذا كان التلفزيون لا يبحث عن القيمة مثلما هو بحثه عن الوزن الاجتماعي والسياسي فعلام اللوم من طغيان الابتذال؟ وللتدليل أكثر ففي التلفزيون أعمال سجلتها لهم قبل 6 اعوام ودونما وساطة ولا يحزنون لكن ما تم عرضه بعد هذه السنوات أغنيتان فقط ولمرات محدودة، فيما سجلت لهم 13 أغنية.

> إلى متى سيظل الفن على الموهبة والهواية؟

- المسألة كلها ذات صلة بالبيئة الحاضنة للفنان.

فقد تكون ارضية خصبة للنبوغ والشهرة وقد تكون مقبرة للمواهب اصحاب الكلمات مثلما هو حال الكثير من الفنانين في بلادنا.

> هناك أزمة كلمات وألحان .. هل الساحة اليمنية عاجزة عن ولادة شعراء مثل الشاعرين العظيمين الفضول والمحضار؟

- نعاني بالفعل أزمة ملحنين باستثناء حضرموت الموجود بها شعراء وملحنون وكذلك عدن، أما بقية المحافظات فمعظم الفن ما زال على الفطرة إلا من رحم ربي.

> بمن تأثر الفنان جلال ولمن من الشعراء والملحنين يفضل الغناء؟

- بالفنانين ايوب طارش وأبوبكر بلفقيه ومن ثم السمة والسنيدار والمرشدي وبن سعد.

وهؤلاء تأثرت بهم كثيرا، وكانت أمنيتي أن أحظى بقصيدة ولحن من الشاعر المحضار وفي الوقت الحاضر من الفنان أيوب طارش.

> هل لك ان تقدموا لنا بطاقة تعريفية في خاتمة اللقاء؟

- الفنان جلال علي بن علي، قرية الشيمة مديرية جحاف.

من مواليد 1969م متزوج ولي 8 من الأولاد والحالة الوظيفية ملازم متقاعد براتب 24 ألف ريال تم إحالتي للتقاعد عام 2002م (تقاعد اجباري) بسنوات خدمة 16 عاما فقط.

أما السكن الحالي ففي مدينة الضالع وفي مخزن نصفه بقالة والجزء الآخر لأفراد الأسرة العشرة .

ولكم تصور كيف سيكون الغناء والطرب في ظل هكذا وضع بائس لا تتوفر فيه منافذ الهواء .

وفي ظل (شريعة) من أجل إتمام منزل شرع بناؤه أخذت منا كل ما تم ادخاره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى