اقتراب الطامة الضريبية

> أحمد سالم شماخ:

> يسود حالياً في الأوسط التجارية والاقتصادية ترقب وتذمر مع اقتراب موعد تطبيق ضريبة المبيعات، التي تأجل تطبيقها بمبادرة وطنية واعية من الأخ الرئيس القائد عن موعدها السابق والذي كان قبل خمسة عشر شهراً تقريباً وترحل إلى الأول من يناير القادم.. الترقب والتذمر مصدرهما أسباب رئيسية ومهمة:

أولاً: منذ ذلك التاريخ الذي رأى فيه الرئيس القائد أن الوضع الاقتصادي للمواطن والوضع الاستثماري للوطن غير مناسبين لتطبيق الضريبة.. تلك الأوضاع بكل أسف لم يطرأ عليهما أي تحسن مذكور فما زالت الحالة المعيشية للمواطن صعبة، والدخول متدنية ومعدلات البطالة لم تتغير إن لم تكن أعلى وجاذبية الاستثمار رغم جهود الدولة لم تحقق الأمل المنشود.. أي بالإجمال إن الوضع يحتاج لمزيد من التروي وعدم مضاعفة المشاكل على الناس وخاصة أن القانون فيه من نقاط الضعف الشيء الكثير وفيه من المداخل للفساد الشيء الأكثر في وقت قطعت الدولة على نفسها وأمام العالم أجمع أنها ستحارب الفساد هذه المرة بجدية.. فكيف يمكن أن يصدق هذا القول أمام التوجه لفرض تطبيق هذا القانون.

إن نوايا الحكومة لو صدقت لتحسين الوضع المالي والاقتصادي ما عليها إلا الاسترشاد بما طرحه العقلاء وعلى رأسهم فخامة الرئيس عندما أشار بوضوح ودقة أن على الحكومة أن تدرس بعناية بنود الإنفاق العام وأن عليها أن تضع حداً فورياً لعملية الهدر الكبير لموارد الدولة الناتج إما عن سوء التخطيط والتنسيق كما نشاهد في مشاريع الطرقات والشوارع التي يعاد نبشها بعد انقضاء مدد قصيرة من استكمال رصفها، أو على شكل بذخ احتفالي لا داعي له في ظروف بلد مثل اليمن، أو تنفيذ مشاريع لا تخدم التنمية أو الاقتصاد بقدر ما تخدم المتنفذين وجيوب المسؤولين ناهيك عن تكاليف المشتروات والمشاريع التي تتجاوز حدود المعقول بسبب ما يعلق بها من عمولات وسمسرات وبسبب غياب الرقابة والضمير الحي.

يا حضرات أهل الحكومة والدولة.. نخشى أن الناس قد فاض بها الكيل فلا تدفعوها للنزول إلى الشوارع كما حدث سابقاً ويحدث لا سمح الله ما لا تحمد عقباه وبالذات في هذه الظروف الحساسة جداً.

الوضع الاقتصادي والتنموي في يمن اليوم يحتاج للتروي والهدوء حتى يبني خططه المستقبلية من غير خوف أو هلع. ولعل الأجدر بالحكومة أن تتوجه بكل قواها لوضع الخطط والإجراءات التي تعيد الحياة إلى الطبقة الوسطة التي هي عماد كل تنمية ونمو.. طبقة المدرسين والموظفين والجنود والضباط وعمال المصانع.. فالكل يعلم بأن اليمن قد واجهت ظروفاً محلية وإقليمية صعبة أدت إلى انهيار الطبقة الوسطى وتلاشيها وزاد الطين بلة بعض السياسات المالية والاقتصادية للحكومات المتعاقبة التي ساهمت في هذا الخراب حيث راعت نصائح خاطئة من هذه الجهة أو تلك ولم تعر واقع حال هذه الطبقة المنكوبة أي بال.. أي بالمختصر المفيد لم يعد هناك أي داع لفرض المزيد من الأعباء على المواطن ومهما كانت نصائح المنظمات الدولية والصديقة فأهل مكة أدرى بشعابها، بل ومادامت اليمن تطمح للدخول في مجلس التعاون فإن الحكومة أصبحت ملزمة أن تهيئ لهذا الدخول مواطناً عزيزاً مكرماً مستور الحال لا مواطناً متسولاً يقف ذليلاً أمام إخوانه في دول الخليج، ولن يتأتى ذلك إلا بوضع الخطط التي تنمي الدخل أو على الأقل لا تزيده أعباء حتى يصبح دخل الفرد كافياً لمعيشة كريمة لا ذل ولا تسول فيها.. فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.. نسمع الكثير من الوعود لرفع مستوى معيشة الموطنين ونشاهد في الواقع عكس ذلك حتى أصبح ينطبق على السياسات الاقتصادية والمالية المتعاقبة المثل (أسمع كلامك أصدقك وأشوف أمورك أتعجب) ونسأل الله أن يكون آن الأوان لتطابق الأفعال بالأقوال.. ومن الطرائف التي طالعناها في الصحف أن مشروع مجاري مدينة شبام يقدر أن يكلف ما يقارب مليوني دولار والدراسة لذلك تقدر بنصف مليون دولار تقريباً.. أي والله الدراسة ستكلف ما يقارب 25% من المشروع؟؟.. هذا مثل من كثير.

ومما يضاعف الإزعاج أن يتزامن تنفيذ القانون المعيب مع موجة غلاء طاحنة محلياً ودولياً لم تبق ولم تذر، ونخشى أن يحدث بعد الدمار أن تنبري بعض الأقلام لتوجيه اللوم وبالباطل غالباً للقطاع التجاري والاقتصادي لتغطي على المخطئ الحقيقي ظناً منها أن المواطن مخدر (بالقات) ولا يفهم وهو ظن خاطئ بل إن المواطن صامت وصامد وصابر فاحذروا غضبته.

نسأل الله للجميع الرشاد والسداد والإخلاص في النوايا والعمل.

عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الحديدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى