مع الأيــام .. ياعم ميخائيل

> عبدالقوي الأشول:

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
كان الصفلتي يعتمر قبعة من القش رغم أنه أحضرها من (بيونس أيرس)، وفارس يعقد منديله فوق رأسه فتبدو زواياها الأربع كقرن عنز وقد راح يسأل طول الطريق هذه الأرض لمن يا عم ميخائيل؟

- لفلان وهذه له أيضاً وهذه له.. وهذه..

فاحتد الصفلتي وصاح مغتاظاًَ: ولك ابني بلا كثرة كلام.

حنا مينه- (المصابيح الزرق)
ربما لأن البحر وحكاياته ونسمات هوائه منعشة لذاكرة العديد من الأدباء والروائيين والشعراء.. جعلته يحظى بالكثير من الوصف المقترن بكفاح الإنسان من أجل كسب قوته من خضم تلك الأمواج الموحية بالجمال والمباغتة بالأخطار والأنواء العاصفة تارة أخرى.

ولكون عدن بيئة بحرية ارتبط تاريخها بتجمعات الصيادين البسطاء ممن لم يجدوا بداً من الدفاع عن حياض جنتهم الأرضية بتلك الوسائل البدائية.. في مجابهة الأطماع التي ألمت بمدينتهم في حقب تاريخية مختلفة ظل فيها البقاء لأصحاب الأرض وأشرعتهم بل وأكواخهم الضيقة بكل ما تكتنف في أرجائها من روح وجمال وحياة وقناعة.

تجمعات اتخذ أصحابها من أجزاء الصخور الشاطئية وأجزاء اليابسة موطن عيشهم المرتبط حتى الثمالة بالبحر ونسمات هوائه الندية، علاقة حميمة باتوا معها أكثر التصاقاً بذلك المد الأزرق وأقدر على معرفة أسراره ووفرة عطائه وأنوائه فحين يداهمهم مدة وتختطف الأرواح أمواجه العاتية لا يعدون ذلك خطراً يهدد بقاءهم بأي حال.. إنها قوة الماء الذي هو خارج نطاق سيطرة الإنسان.

إلا أن خطراً من نوع آخر داهم تجمعات هؤلاء البسطاء وأصاب حياتهم في مقتل.. خطر أتى قادماً من جهة اليابسة لا من لجة الماء فطمأنينة عيشهم على تلك الصخور المحاذية للشاطئ لم تعد كذلك حيث غادر معظم هؤلاء تلك الأجزاء من الأرض قسراً رغم كونها تمثل لهم الحبل السري.. ومع ذلك لم يلتفت إلى صراخهم أحد.

فلسان حالهم يردد ما كان يردده فارس في أذن الصفلتي برواية حنا مينه (المصابيح الزرق).

هذه الأرض لمن يا عم ميخائيل؟

فعند بقايا حطام أكواخهم يمكنك معرفة الجواب اليقيني.. بعد أن غادرتنا إلى غير رجعة ملامح جنتهم أو هي جنة عيشهم على ضفاف شواطئ المدينة.. على مشارف صيرة وعمران ونحوها من تلك الأماكن الشاطئية المحاذية لبحرنا العتيد

أم هل فقد هؤلاء كامل علاقتهم الأزلية بالبحر بعد أن شق عباب مياهه خبث الطمع والأطماع التي لا يتورع أصحابها عن العبث والاعتداء على معدات هؤلاء التقليدية.

ذلك ما لا يمكن استبعاده.. رغم كل تلك الأحاديث الناعمة عن الاهتمام بتجمعات هؤلاء وتقديم الدعم والوسائل الحديثة لنشاطهم.. بدليل أن أبناء هذه الشريحة تعاني حدة البطالة وتبعياتها والأمر الطبيعي أن تستقبل واجهة البحر المعطاء قدراتهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى