كلمة اليوم .. وداعا حاجة سعيدة

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
ولو كان النساء كمن دفنا ** لفضلتُ النساءَ على الرجال .. المتنبي ... وداعا حاجة سعيدة، وداعا للمرأة المجاهدة، إحدى وجوه عدن النسوية في الزمن الجميل، زمن انبثاق نهضة عدن بفضل روادها الأفذاذ من أبناء هذه الأرض الطيبة، حيث كان للمرأة العدنية حضورها المؤثر في قنوات الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية ضمن منظمات مجتمع عدن المدني. حينها كان للسيدة الفاضلة تميزها وألقها الاجتماعي وهي تؤدي الدور الأليق بها في صميم النشاط الطوعي النسوي، إلى جانب سيدات فاضلات من بنات هذه المدينة التي كانت فنارا يمنيا يشع في أسداف منطقة الجزيرة العربية التي لما تتماثل تماما للخروج من غسق ليلها الطويل.

ولم تحتج الحاجة سعيدة بنت محمد عمر (جرجرة) لجهد كبير لكي تتألق داخل دائرتها الاجتماعية لانتفاء أسباب الإعاقة الاجتماعية ومؤثرات الجهل التي تعيق حضور المرأة، فعدن كانت قد نفضت يدها مبكرا من عوائق عصور الانحطاط، وتخطت بإرادة أبنائها وبناتها مخلفات العصور المظلمة، ومدت نور المعرفة إلى الأرجاء المختلفة.

وتوافر للسيدة الفاضلة- إلى جانب ما أسلفناه على صعيد محيطها الاجتماعي- بيئة ذاتية ملائمة فهي سليلة البيت الذي أنجب الأستاذ التنويري الكبير عبدالرحمن جرجرة (شقيق الحاجة سعيدة) وكانت أختها الفاضلة ماهية نجيب- طيب الله ثراها- صاحبة السبق في إصدار مجلة «فتاة شمسان» كأول مجلة نسوية رائدة في الجزيرة والخليج، إلى - وهو الأهم- أن اقترنت السيدة سعيدة بالأستاذ الكبير محمد علي باشراحيل الشخصية الوطنية الرائدة مؤسس وعميد دار «الأيام» فوجدت تكاملا وتلازما يسير في المسار ذاته الذي اختطته بنت عدن الفاضلة بمعية زميلات وأخوات لها، لتبدأ مرحلة جديدة من الجهد والعمل مع ذلك الإنسان الكبير لتكون هي وراء ذلك النجاح الكبير الذي حققه الرجل في مشواره الوطني قبل صدور «الرقيب» و«الأيام» في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، وإن كان الثمن باهظا لذلك النجاح، تعب وسهر ومعاناة إلا أن الأليقين بمثل هذه المهام الوطنية العظيمة يتلاشى كل شيء متعب ومقلق ومؤرق إزاء ما يحققونه على الصعيد الوطني والإنساني.

لقد عرفت هذه السيدة الجليلة وقرأت في وقارها الخطوط البارزة لشخصية امرأة قل أن يجود الزمان بمثلها، فقد تابعت عن كثب خطوات ولديها الأستاذين القديرين هشام وتمام باشراحيل، على طريق وبهدي مما اختطه والدهما الرائد والمؤسس، وكأنها ترعى تلك المساعي الخيرة التي خاضتها في فترة مبكرة، وتبلورت بمعية شريك حياتها، وقرت عينها وهي ترى صنيع الأبناء يذهب في السبل الطيبة ذاتها.

رحم الله الحاجة سعيدة رحمة طيبة وأسكنها فسيح جناته وألهم ولديها البارين هشام وتمام باشراحيل وبناتها البارات وكل أفراد الأسرة الطيبة الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى