استثمار!!

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
في كل بلاد الله الواسعة، للاستثمار فوائد كثيرة، مباشرة وغير مباشرة. من فوائد الاستثمار المباشرة أنه يستوعب أعداداً كبيرة من الناس من خلال فرص العمل التي يتيحها، وهو يضيف إلى الناتج المحلي الإجمالي بما يصدره من سلع وخدمات، وهو على المدى الطويل يؤسس لصناعات يتميز بها البلد ويخلق قاعدة للانطلاق من خلال تأهيل أعداد كبيرة من العاملين وتوسيع مجالات العمل بمزيد من الآلات والمعدات لتلك الصناعات التي تعتمد على المواد الخام المحلية في الغالب، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تكوين تجمعات بشرية كبيرة أساسها العاملون الذين يشكلون الرافد الأساس لمجموعة قوى المجتمع من نقابات واتحادات وأحزاب تستوعب طاقاتهم وتوجهها لخدمة البلد والناس.

في بلادنا لا شيء من ذلك يحدث، فلم نر سوى (يافطات) لاستثمارات في أراض خلاء أو على صفحات الصحف، أو دون مستوى التطلعات في البعض، بل أن كثيراً من (دعايات) الاستثمارات تسبب ضرراً للناس وللأرض.

ربما لا يستطيع أحدنا حصر مساوئ أدعياء الاستثمار، وتحظى عدن- المتهمة بكونها مشروع منطقة حرة لا يتحقق- بالنصيب الأكبر من هذا العبث وكأنها ليست جزءاً من الأرض اليمنية، إذ نرى مساحات من الأرض محجوزة بأسوار كاملة وجزئية باسم الاستثمار، ومتنفسات طبيعية كالشواطئ والحدائق العامة التي كانت في متناول الناس مجاناً تم حجزها ببوابات وحواجز خرسانية تفتقر حتى إلى اللمسة الجمالية وفرض رسوم على الناس عند دخولها باسم الاستثمار، وهناك منشآت صناعية حكومية أقفلت وتحولت عمالتها إلى فائض!! - هذا المصطلح الغريب- باسم الاستثمار، وهناك شواطئ تم العبث بجمالها الطبيعي بكبسها بالأحجار، كما حدث في شاطئ ساحل أبين، تحت شعار الاستثمار، بل أن هناك تعدياً على ممتلكات فردية وبمسمى (الاستثمار) .

هذا العبث المجنون يجعل أحدنا يسأل هل فعلاً هناك مستثمرون أم أن الأمر لا يتعدى السطو والتشويه والتضييق على الناس بشعار الاستثمار؟ وقد يكون مجرد سعار لـ(مافيا الأراضي) وهو ما يفسر الازدحام اليومي أمام مصلحة أراضي عدن، دوناً عن باقي المحافظات.

نعرف أشخاصاً شرعوا بالعمل كمستثمرين لكنهم شدوا رحالهم بسبب التطفيش المعهود، قال لي أحدهم، وقد ذهب للاستثمار في الصين، قال لي بالحرف (ذهبت ووجدت فرصة للاستثمار بين مليار ومائتي مليون نسمة ولم أستطع الحصول على هذه الفرصة بين عشرين مليون نسمة) وقال آخر (بأسلوبكم هذا، عشمكم في مجيء الاستثمارات كعشم إبليس في الجنة) .

تنتظر الناس استثمارات حقيقية تحدث التحول المطلوب الذي يأملونه لمعيشتهم وللاقتصاد الوطني وطالما أن ذلك لم يأت وقد لا يأتي في المدى المنظور فأوقفوا العبث الذي يصيب الناس والأرض بالضرر، ويكفي الضرر من احتكار أقوات الناس باسم الاستثمار، ومنع المنافسة مع المنتج الخارجي باسم حماية المنتج الوطني رديء المواصفات، فربما تأتي أجيال غيرنا تحاول الانطلاق، لكنها قد تعجز بسبب الضرر الذي نسببه والإرث الثقيل من الأخطاء التي نراكمها، ولا نملك إلا الابتهال إلى الله أن يعين هذه الأجيال على إصلاح ما خربناه فهو نعم المولى ونعم النصير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى