قصيدة (محمد الدرة) للشاعر الوطني معوضه العفيفي

> «الأيام» صالح عقيل بن سالم:

> قد تستوقف الباحث - أحياناً - محطات إبداعية ترتاح عندها النفس من ضوضاء الحياة ومشاغل الزمان، فيتولد إحساس فريد ينقل النفس إلى عالمها الخاص، فتتفاعل معه بمشاعرها وتبادله عواطفها وتجاربها. وما استوقفني كتاب (الشعر والناقد، عالم المعرفة عدد 331، لعام 2006م)، وما لفت نظري الفصل الأول من الكتاب (المستويات الفنية في شعر والانتفاضة، ديوان الشهيد الدرة نموذجاً).

ووقفت عند محور (الشعر بين الرسالة والفن) ولا سيما ظاهرة التكرار، يقول الشاعر (منصور زيطه):

محمد مت لعل الموت يحيي

كرامة من أضاعوها فضاعوا

محمد مت لعل الموت يبكي

عيوناً في مآقيها الضياع

محمد مت لعل الموت يلغي

مواثيقاً بها دماً يباع

محمد مت لعل الموت يغدو

أعاصيراً يفجرها الجياع

لقد تحدث كثير من الباحثين عن ظاهرة التكرار في الشعر، غير أنها - هنا - تتفجر بالدلالات الإيمانية المعبرة عن قضية ما زالت تنضح بالأحزان والمآسي والاستبسال، فتكرار الكلمة يوحي بتكرار الطلقة على الشعب الفلسطيني، وفي ذلك مناداة حزينة لإيقاظ الحس العربي، كما نجد فيها تبتل إلى الله والتماس الأمل بنصرة القضية الفلسطينية (محمد، لعل، يحيي، يبكي، يلغي يغدو) فهذه الدوال تعبر عن تلك الإشارات الإيمائية.

وكل ذلك ذكرني بقصيدة الشاعر الوطني أحمد معوضة (محمد الدرة) في ديوان (يا مواطني) إذ كان للتكرار فعالية وإيمان يصب في مجرى التكرار عند (منصور زيطه) وإن وجدت عثرات موسيقية عند أحمد معوضة، غير أنها لم تعقه للوصول إلى إيصال التجربة، وقد كان معظمها في الشكل (الموسيقي). ولا يعاب الشاعر في ذلك كونه شاعراً عامياً إذ يقول:

محمد الدرة يا غرة تبقى

بكل نبضة قلب للشعب ذي ضحى

نفديك يا فلسطين بكل ما يغلى

ليعلم العالم الموت لا نخشى

يا قدس من أجلك نموت أو نحيا

ولك بذلنا الروح يالمسجد الأقصى

محمد الدرة يا غرة تبقى

بكل نبضة قلب للشعب ذي ضحى

فهذا المقطع من قصيدة أحمد معوضة يحمل التجربة نفسها التي حملها الشاعر العربي منصور زيطه وغيره، وفي ذلك تجاوب التجارب والتقاؤها عند قضية مشتركة، مازالت هماً يعيشه الإنسان العربي، ولا يتأثر بهوائه كثيراً سوى الشعراء، الذي جبلوا على حب الإنسانية وتحمل قضاياها وهمومها منذ زمن قديم؟

وبذلك استطاع الشاعر أحمد معوضة أن يعبر عن تجربته وهي، تجربة الشعب الفلسطيني.

بما يملك من أدوات شعرية، وقد وفق في إيصالها، وجعلها قضية أمة لا طائفة أو دولة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى